تعرضت مؤسسات الدولة المصرية إلى حملة من الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجاوزت 60 ألف شائعة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وبحسب المراقبين والمحللين فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر تلك الشائعات مرجعه الرئيسي انتشار تلك الوسائل وتوافرها لدى كل مواطن، مما يسهل عملية وصول الشائعة إليه وتأثيرها البالغ في نفسه. وعن ذلك تقول الدكتور سوسن الفايد أستاذة علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الشائعات هي إحدى أدوات الحروب المؤثرة منذ القدم، مشيرة إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر تلك الشائعات انتقل به إلى مستوى متقدم من حروب الجيل الرابع. وأوضحت الفايد في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن أجهزة الاستخبارات الدولية تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لهدم الدولة من خلال نشر الشائعات بديلة عن تحريك الجيوش، وذلك لنجاحها في تحقيق الهدف دون طلقة رصاص واحدة. الفايد لفتت إلى أن تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات كارثي على الروح المعنوية للمواطنين الذين يشعرون بالإحباط نتيجة لفقد الثقة في القيادات المسئولة عن مؤسسات الدولة. أستاذة علم النفس السياسي تابعت: "كما أن انعكاس انتشار الشائعات على صانع القرار والمسئولين يكون خطيرا"، موضحة أنه في بعض الأحيان يصاب المسئول بحالة من عدم الرد والسخط تصل به في بعض الأحيان إلى العدوانية. ودعت الفايد إلى ضرورة العمل على مواجهة الشائعات من خلال نشر ثقافة الدقة في الحصول على المعلومة الصحيحة من مصادرها لدى عموم المواطنين ولاسيما فئة الشباب، مشددة على وجوب قيام مؤسسات الدولة بتوفير المعلومات الدقيقة والسريعة لاحتواء فوضى انتشار الأكاذيب. وأكدت الفايد أن مواجهة الشائعات بالمعلومات الصحيحة والدقيقة والسريعة يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع مستوى الثقة بين المواطنين والقيادات المسئولة عن المؤسسات. من جانبه يقول العميد خالد عكاشة عضو المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب ومكافحة التطرف :"إن الجيوش في الماضي كانت تعتمد على الشائعات في الحروب، وتم تطوير استخدام الشائعات في الأوقات العادية لتحقيق بعض الدول أهدافها من أعدائها دون تحمل تكاليف الحرب". عكاشة أشار في تصريحاته ل"بوابة الأهرام"، إلى أن هناك حقيقة كارثية مفادها أن التنظيمات الإرهابية أصبحت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في تنفيذ مخططاتها الإرهابية معتمدة على رخص تلك الوسيلة وصعوبة مراقبتها وانتشارها وقوة تأثيرها. عضو المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب ومكافحة التطرف، أوضح أن من دلائل ذلك، التقارير الأوروبية التي كشف أن تنظيم داعش الإرهابي نجح في تجنيد 80 في المائة من عناصره الأوروبيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد الخبير في الشئون الأمنية وقضايا مكافحة الإرهاب، أن هناك نماذج نجحت في مواجهة سيل الشائعات التي تطلق ضدها من مؤسسات الدولة المصرية، وعلى رأسها صفحة المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة بالإضافة إلى الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، ومركز المعلومات التابع لرئاسة الوزراء. عكاشة شدد على أن نجاح تلك الجهات مرجعه لإدراك القوات المسلحة والداخلية ورئاسة الوزراء لأهمية سلاح وسائل التواصل الاجتماعي، داعيا مؤسسات الدولة المصرية إلى اتخاذ تلك النماذج مثالا لمواجهة سيل الشائعات التي تحاول ضرب الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة. ونوه عكاشة إلى أنه على مؤسسات الدولة المصرية أن تغذي وسائل الإعلام القومية بالمعلومات الدقيقة والسريعة والمفصلة عن الأحداث، مشددا على أن أي عملية منع لن تجدي نفعا، وذلك لوجود أدوات للتحايل على عمليات الإغلاق والحجب. واختتم عكاشة تصريحات بالتأكيد أن مواجهة الشائعات يكون من خلال تتبعها ومواجهاتها بالمعلومات الصحيحة، داعيا وسائل الإعلام إلى تفعيل دورها وذلك من خلال نشر المعلومات السريعة والدقيقة وعدم الإكتفاء بالبيانات المقتضبة حول القضايا المثارة. "اغتيال سياسي وتصفية نفسية والابتعاد عن العمل العام" تلك العناصر هي الأخطر من وجهة نظر الدكتور مصطفى علوي استاذ العلوم السياسي في جامعة القاهرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات. علوي أوضح في تصريحاته ل"بوابة الأهرام" أن هناك العشرات من الكفاءات فضلت البعد عن العمل العام وذلك لخوفها من سيل الشائعات التي تعرضت له عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد ترشيحها لمنصب ما. وأضاف: "كما أن خطورة وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات غير مقتصرة على الشخصيات العامة والمسئولين لتأثيرها الكبير على عموم المواطنين وتفضيلهم الابتعاد وعدم العمل والانخراط في القضايا المجتمعية". وشدد علوي على ضرورة أن يتم بناء جهاز خاص برصد ومواجهة تلك الشائعات ونشر الصحيح للرد على تلك الأكاذيب"، مشيرا إلى أن ذلك هو أحد المحاور الهامة في مواجهة سيل الشائعات التي تتعرض لها الدولة المصرية من أعداء الوطن. كما أكد علوي ضرورة مواجهة سيل الشائعات بأن تعمل مؤسسات الدولة المصرية على نشر المعلومات السريعة والمؤثرة والصحيحة والدقيقة حول القضايا التي تشغل المواطن وعلى رأسها قضايا الصحة والتعليم والثقافة والإعلام. واختتم أستاذ العلوم السياسي تصريحاته بالقول: "يجب وضع إستراتيجية متكاملة لمواجهة سيل الشائعات على جميع الأصعدة المعلوماتية والإعلامية والقانونية والأمنية، ونشر ثقافة الحصول السريع على المعلومة لدى متابعي وسائل التواصل الاجتماعي من مصادرها الصحيحة.