العشرات من الأخبار الكاذبة والشائعات، تطل برأسها علينا يوميًا، وخصوصا من مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات السوشيال ميديا التي أصبحت من أهم محركات الرأي العام ليس في مصر فحسب لكن في العالم كله. وتزداد خطورة الشائعات في أنها تنتشر بفضل عصر السماوات المفتوحة كالنار في الهشيم، فبضغطة زر واحدة من الكيبورد في جهاز الكمبيوتر تصل الشائعة أو الخبر الكاذب إلي الملايين من المواطنين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. من جانبه، قال الدكتور حسن عماد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وكيل المجلس الأعلى للصحافة السابق، إن الحكومة تتحمل جزءا من مسئولية انتشار المعلومات المغلوطة والأخبار الكاذبة أو الشائعات علي مواقع التواصل الاجتماعي لأنها لا تقوم بدورها في الإعلان عن المشروعات والإنجازات التي تحققها أو تفسير وشرح القرارات أو القوانين التي يتم إقرارها بالطريقة التي تصل إلي المواطن بشكل صحيح وسريع، بشكل لا يسمح بميلاد أي شائعات. وأضاف أن الحكومة مقصرة في عدم إصدار قانون تداول المعلومات الذي يجعل المسئول يقدم المعلومات في الوقت المطلوب للصحفي أو الإعلامي بشكل يجعله يقدم الأخبار كاملة غير منقوصة تتضمن جميع الجوانب مما يغلق الباب أمام انتشار الشائعات. وأوضح عماد أن عدم إتاحة المعلومات بشكل كامل يفتح المجال لبث الشائعات وتقديم الأخبار المغلوطة أو منقوصة، مشيرًا إلي أن ترك مساحة جعل من أعداء مصر في الداخل والخارج وهم كثر يستغلون هذا الفراغ في بث السموم والشائعات للمواطنين، مما يخلق حالة من انعدام الثقة في الحكومة. وطالب الدكتور حسن عماد بتكوين كتائب إلكترونية لرصد كل ما يقدم وينشر علي السوشيال ميديا من شائعات وأخبار مغلوطة وسرع الرد عليها وتفنيدها رسميًا، واتباع نفس الطريقة التي ينتجها أعداء الوطن لترديد الشائعات، بل والقيام بشرح وتفسير القرارات والقوانين والإجراءات التي تقوم بها الحكومة أولا بأول حتى لا تترك الفرصة لأعداء الوطن بث سموهم. وأكد أن الشائعات إذا لم يتم الرد عليها في وقتها وبصورة سريعة وعلمية ستنتشر، موضحًا أن أكبر الأزمات التي تعاني منها مصر هو عدم وجود من يخطط أو يضع استراتيجيات لوسائل الإعلام المختلفة علي المستوي القومي، مشيرا إلي أن دور الهيئات الإعلامية الموجود حاليًا هو تنظيم وسائل الإعلام وإصدار التراخيص وإدارة مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة ولا يوجد من يتولي التخطيط ووضع الاستراتجيات والأجندات. وأشار إلي أن مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت من أهم وسائل الإعلام، وأصبحت مصدرًا لعدد كبير من القراء والمتصفحين، لمعرفة الأخبار، ولكن بحسب الدراسات التي أجراها الباحثون في هذا الشأن فقد أثبتت أن معظم المعلومات علي هذه الوسائل إما مغلوطة أو مغرضة أو ناقصة وأن السبب وراء اعتماد عدد كبير من الجمهور عليها سرعة انتشارها وكذلك تدفق الأخبار عليها بشكل ضخم وسريع ولأكثر من مصدر. وشدد على أهمية أن يكون للإعلام دور قوي وأسبقية في نشر الأخبار بعد التحري منها ونشرها بدقة، وعدم الاعتماد على السوشيال ميديا بل علي العكس يجب أن تعتمد السوشيال ميديا علي الإعلام لاستقاء الأخبار والمعلومات وليس العكس. من ناحيتها، قالت الدكتورة عزة عبد العزيز رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة سوهاج، رئيس قسم الصحافة بالكلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية سابقًا، عن وسائل التواصل الاجتماعي، "عندما دخلت العالم العربي وفي ظل وجود رؤية واضحة وثقافة لدي قطاع كبير من المواطنين أصبحت وابلًا عليهم، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات السوشيال ميديا مصدرًا لكثير من الشائعات والأخبار المغلوطة، واستغلت استغلالا سيئًا مما يؤثر علي أمن وسلامة الوطن". وأضافت الدكتورة عزة عيد العزيز أن هناك الكثير من أنصاف المتعلمين أو أعداء الوطن أصبحوا يدخلون علي مواقع التواصل الاجتماعي ويطلقون الشائعات وتنشر هذا الشائعات انتشار النار في الهشيم وبعد ذلك نكتشف أن ليس لها أساس من الصحة. وأكدت الدكتور عزة أننا نحتاج إلي تقنين هذه الوسائل في العالم الثالث، موضحة أنها ضد الرقابة وليست من أنصارها، ولكن في نفس الوقت لابد من مواجهة التجاوزات والمحاسبة الشديدة من خلال سن القوانين لمعاقبة مروجي الشائعات، ومحاسبة كل من يقومون بتشوية الرموز بمعلومات كاذبة مما يسبب لهم الكثير من المشكلات والإضرار النفسية والأدبية. وأشارت إلي أنه يجب ضبط مواقع التواصل الاجتماعي بحيث يكون إنشاء الحسابات علي هذه المواقع من خلال البطاقة الشخصية، حتي يمكن الرجوع لأصحاب هذه الحسابات في حالة إطلاق شائعات أو تشوية رموز، مضيفًا أن كثير من الشائعات تنطلق من خلال حسابات وهمية ولهذا لابد من تقنين هذه المسألة. وقال الدكتور رامي عطا أستاذ مساعد الصحافة ورئيس قسم الإنتاج الإخباري بالمعهد العالي لعلوم الإعلام بأكاديمية الشروق، عضوا بلجنة ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان، بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو لجنة الإعلام ببيت العائلة المصري، إن مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا شأنها شأن وسائل الإعلام التقليدية، أصبحت مهمة جدًا وفرصة للتواصل مع عدد كبير من الجمهور، كما أن السوشيال ميديا أصبحت فرصة لكثير من وسائل الإعلام التقليدية للتولي مع القراء والجماهير من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وفرصة لجذب قراء جدد. وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور إيجابي إذا استخدمت بشكل جيد، ولكن الممارسة العملية كشفت لنا عن العديد من المشكلات في هذا المنصات الجديدة، حيث أصبحت منبرًا لنشر الكثير من الأخبار المغلوطة والمنقوصة والشائعات سواء كان ذلك عن عمد أو عن جهل لزعزعة الاستقرار. وشدد الدكتور رامي عطا أن الحل السحري للتصدي لمشكلات والآثار السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي يكمن في التربية الإعلامية السلمية والثقافة الجماهيرية وكيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي ليس فقط للعاملين في هذا المجال ولكن لجموع المواطنين. وأشار إلي أن المواطنين عليهم أن يدركوا حقيقة مهمة وهي أن المعلومات والأخبار لا تأخذ من السوشيال ميديا ولابد من التأكد من المعلومات من مصادر معروفة ومواقع ذات مصداقية أو المصادر الرسمية، مشددًا على ضرورة نشر ثقافة تقييم المواقع والمنصات من خلال التأكد من الناشر وتوقيت النشر ومدي تطابق المنشور مع المواقع الأخرى. وشدد على أهمية توعية المواطنين بكيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة، وعدم تصديق كل ما ينشر دون الرجوع للمصادر الرسمية الموثوق فيها.