«السوشيال ميديا» أو مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر وغيرهما.. وسائل اتصال جامحة تخطت حدود الزمان والمكان بعدد 1.3 مليار مستخدم حول العالم، احتلت مصر المركز ال 14 بعدد 22.4 مليون مستخدم اصبحت بها فى المركز ال 14 عالميا والاولى عربيا بنسبة 30 ٪ على مستوى الوطن العربى. الارقام تكشف أننا امام رقابة جديدة حقيقية لكل القرارات سياسية او اقتصادية او اجتماعية عالمية او محلية. الا ان الامر لم يخل بالطبع من تحكمات ترتبط بالاهواء السياسية او المذصهبية دفعت الى تغليب تلك التوجهات بما يصاحبها من شائعات قد تكون فى الاطار الاوسع ذات اضرار جسيمة على مستوى الدولة. ولعل ما جعلنا نفتح ذلك الملف هو ما أثارته مواقع التواصل الاجتماعى من نشر وثائق تؤكد وجهة النظر هذه او تلك مثيرة تخبطا شديدا لدى الرأى العام خاصة فيما يتعلق بقضايا تمس الامن القومى كما حدث فى قضايا ألمح إليها رئيس الدولة كأزمات جزيرتى «تيران وصنافير» ومقتل الشاب الإيطالى ريجيني، وقضية «سد النهضة» وشدد على خطورة ذلك بأن الدول ذات الصلة تستقى معلوماتها بما ينشر على تلك المواقع. التحقيق التالى يناقش الامر مع اساتذة وخبراء متخصصين نتجه فيه لنبقى على شعرة معاوية بلا انقطاع حيث نبحث عن الحل الوسط الذى لا يفرض الرقابة الخانقة او المنع المستبد لوسائل التواصل الاجتماعى وفى الوقت نفسه يمنع الفوضى التى قد تضر بالامن القومي وبأخلاقيات وقيم المجتمع. - تهديد كبير: ترى الدكتورة سلوى سليمان استاذ الإعلام بقسم علوم الاتصال والإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس ان السوشيال ميديا تمثل تهديدا كبيرا للرأى العام وتقوم بدور سلبى ضد الدولة وأمنها القومى.. فهى تروج شائعات مغرضة وتبث السموم بين فئات الشعب المختلفة بهدف إحداث فتنة بالبلاد . وأضافت أن مواقع التواصل الاجتماعى أو السوشيال ميديا، تمثل إعلاما موازيا للإعلام التقليدى مثل بعض الصحف والقنوات التليفزيونية. وطالبت استاذ علوم الاتصال بضرورة وجود قانون ينظم تداول المعلومات ويحكم سيطرته على السوشيال ميديا خاصة فيما يتعلق بالقضايا التى تمس الأمن القومى للبلاد وتنظيم التظاهرات ضد بعض القرارات الرسمية التى تصدرها الدولة لأن مثل هذه الأمور لها آثار سلبية أيضا على الاقتصاد المصرى فالاقتصاد والسياسة فى سلة واحدة، بالاضافة إلى ضرورة وجود صفحات رسمية واسعة الانتشار ولجان تابعة للدولة مهمتها الرد على الأخبار المغلوطة والشائعات التى يتم نشرها من خلال السوشيال ميديا. - لا توجد رقابة.. يرى الدكتور عادل عبد الغفار عميد كلية الاعلام بجامعة النهضة ان التكنولوجيا الحديثة او »السوشيال ميديا« جعلت من المواطن العادى اعلاميا.. واصبح لدينا مصطلح جديد يسمى ب»المواطن الاعلامي« يشاهد الاحداث المختلفة ويقوم بتصويرها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.. ولكن هناك بعض الافراد يتبنون اتجاها سياسيا معينا وبالتالى تخضع التغطية لتوجاتهم السياسية ولذلك فليس كل ما ينشر على السوشيال ميديا يتسم بالموضوعية. اضاف انه ليس هناك اى رقابة من اى نوع على السوشيال ميديا وليس لدينا تشريعات لترشيد وضبط اداء مواقع التواصل الاجتماعى. وقال عبد العفار ان هناك بعض الدول التى تعاملت مع ظاهرة السوشيال ميديا بطرق وانماط مختلفة فمنها من قام بمنع استخدام الفيس بوك لانه يعطل المواطنين عن اعمالهم وله اثار سلبية مثل دولة الصين. ومنها دول تعاملت بشكل طبيعى كوسيلة تعبير عن الرأى مثل امريكا، واخيرا دول رأت أنه من الضرورى ان تخضع السوشيال ميديا للتشريع وتبنت هذه الدول التربية الاعلامية للمواطن من خلال حملات توعية وارشادات تعتمد فى ذلك على وعى المواطن ومسئوليته فى ان يتعامل بشكل راشد مع السوشيال ميديا. وبالنسبة لمصر فنحن حديثو العهد بالتكنولوجيا الحديثة واستخدام »السوشيال ميديا« فضلا عن انه لا توجد اى حملات توعية لترشيد الحرية فى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى.. وبالتالى فنحن بحاجة الى التركيز على التوجه المعاصر لهذه الوسائل التكنولوجية الحديثة فى حدود المصلحة العامة والمسئولية المجتمعية. ويكمل: "يجب ان تكون هناك حملات توعية من قبل اجهزة الدولة المعنية بالاستخدام الرشيد للسوشيال ميديا فى مصلحة البلاد". وايضا لابد ان يكون هناك محاسبة لكل من يستخدم السوشيال ميديا فى ترويج شائعات واخبار كاذبة لانها قد تضر بالامن القومى للبلاد. وعن ايجابيات السوشيال ميديا قال عبد الغفار انها خلقت دورا فاعلا للرأى العام يراقب البرامج واداء الحكومة ومجلس النواب.. فاصبحت هناك رقابة شعبية حيث استطاع الرأى العام ايقاف برنامج تليفزيونى غير مهنى وايضا رقابة سياسية تمكن الرأى العام من إقالة وزراء. واختتم استاذ الاعلام حديثه قائلا: »يجب ان يكون للدولة دور فى مواجهة الشائعات التى تبثها السوشيال ميديا والتى تستهدف احداث فتنة عبر فئات الشعب المصرى وضرب مؤسساته وذلك من خلال اصدار تشريعات اعلامية ترشد استخدام السوشيال ميديا .. على ان تقوم ادارات الاعلام بالوزارات وكل مؤسسات المجتمع الفاعلة برصد ومتابعة السوشيال ميديا وتكوين فريق خاص بها للرد على الفور على كل ما يثار بشأنها من حقائق ومعلومات مغلوطة على السوشيال ميديا. - القانون الحالى يكفى قال الدكتور محمد نور فرحات استاذ القانون الدستورى اننا لسنا بحاجة لإصدار تشريع جديد ينظم التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى لأن قانون العقوبات به ما يكفى لذلك وعلى الأجهزة المنوط بها تنفيذ القانون ان تقوم بدورها. أضاف الفقيه الدستورى أن قانون تداول المعلومات ليس له علاقة ب»السوشيال ميديا« أو وسائل التواصل الاجتماعى بشكل عام، حيث ان هذا القانون مهمته ان يحصل الرأى العام على معلومات سليمة وواضحة لا تتعلق بالأمن القومى للبلاد. وأوضح فرحات ان هناك مجموعة من المبادئ الدستورية والقانونية تحكم تداول المعلومات على الانترنت منها حرية التعبير كما نص الدستور عليها بكل الطرق المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية.. فإذا انطوت حرية التعبير بجميع صورها على جرائم يعاقب عليها القانون مثل السب والقذف والعنصرية والتحريض على الكراهية وتشجيع الإرهاب، يؤاخذ قانونا من ارتكب هذه الجرائم. وعن تقييمه لدور السوشيال ميديا فى مصر قال فرحات انها ظاهرة منتشرة بالعالم كله فعلى سبيل المثال فقد اعتمد أوباما الرئيس الأمريكى على دور السوشيال ميديا فى انتخاباته الرئاسية.. لكننا فى مصر نواجه شكاوى من السوشيال ميديا وذلك سببه ان هناك مشكلة فى الثقافة العامة بالمجتمع المصرى. ويكمل فرحات: يجب ألا نخلط بين وسائل الاتصال الحديثة وبين كيفية استخدامها فإذا استخدمت بطريقة تسىء للمجتمع والدولة فيطبق قانون العقوبات فى مثل هذه الحالة. وأشار فرحات إلى أن قانون الرقابة يستطيع ان يلاحق التقدم التكنولوجى وبالتالى لابد ان يكون هناك أجهزة إعلامية قوية تواجه إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى »السوشيال ميديا« والمعلومات المغلوطة التى قد تبثها بغرض إحداث فتنة أو الإضرار بالاقتصاد والأمن القومى لكن علينا ان نتأكد أولا من مدى صحة تلك الحقائق والمعلومات لأنها قد تكون صحيحة. - نعمة ونقمة قال الإعلامى حمدى الكنيسى رئيس الإذاعة المصرية الأسبق ان التطور التكنولوجى بوسائل التواصل الاجتماعى يعتبر نعمة ونقمة فى آن واحد، مضيفا أن أعداء الوطن فى الداخل والخارج يحركون الوجه الآخر للسوشيال ميديا بهدف إثارة الشائعات والأخبار والمعلومات المغلوطة بطريقة تربك المفاهيم لدى الرأى العام ولذلك اتجهت بعض الدول لاتخاذ إجراءات ضد السوشيال ميديا. أشار الكنيسى إلى أن خطورة السوشيال ميديا فى مصر أكبر، نظرا لارتفاع نسبة الأمية بها وبالتالى فإن تأثيرها يكون سريعا وخطيرا فى نفس الوقت، فضلا عن ان السوشيال ميديا لها سلبيات كبيرة قد تضر بالأمن القومى للبلاد وأيضا اقتصادها. وقد يكون لها تأثير إيجابى فى حال تم التحكم بها وتقنينها. والحل الأمثل لمواجهة ظاهرة السوشيال ميديا من وجهة نظر الكنيسى هو ان يكون هناك تحرك سريع من الدولة لاعلان تفاصيل أى قرار مهم قد يثير الجدل سواء من خلال بيان صحفى او مؤتمر او ان يكون لها فريق سوشيال ميديا يرد على الشائعات التى قد يتم بثها بشأن هذا القرار . ويكمل الكنيسى: هذا الأمر لا ينطبق على الدولة أو الحكومة فقط.. إنما ينطبق ايضا على الشركات الكبرى والبنوك وكل من يضار من الاستخدام السيئ للسوشيال ميديا. أضاف الكنيسى انه ومختلف الجهات الإعلامية طالبوا فى مؤتمر اللجنة الوطنية للإعلام بإصدار قانون ينظم تداول المعلومات ويتيح الشفافية والافصاح وقت الحاجة.. هذا القانون من شأنه مواجهة ظاهرة السوشيال ميديا وآثارها السلبية على المجتمع والبلاد بشكل عام.