شكلت مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها فيسبوك وتويتر، قوة تأثير لدي قطاع كبير من المواطنين، كما سيطرت علي الشباب وأصبحت عالما موازيا يمارسون من خلاله حياتهم اليومية، وتشير الإحصائيات إلي أن مصر تحتل المركز الرابع عشر علي مستوي العالم والأول عربيا في عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بواقع 22,4 مليون مستخدم، بما يشير إلي أن شبكات التواصل تحتل حيزا مهما في حياه المصريين وخاصة الشباب، كما أصبحت أيضاً قضية مثيرة للجدل فيما يتعلق بتأثيراتها علي بنية المجتمع وتماسكه. عادل عبدالغفار: ليس كل ما يُنشر عليها يتسم بالموضوعية وكيل البرلمان: دور النواب ينحصر في وضع ضوابط تنظِّم عمل هذه المواقع نور فرحات: قانون العقوبات يكفي ولا حاجة لإصدار تشريع جديد إنشاء حساب علي مواقع التواصل الاجتماعي أمر سهل، فقد لعبت هذه المواقع خاصة فيس بوك دورا كبيرا في الحراك السياسي الدائر في المنطقة العربية الشرق أوسطية، حيث ساهمت في إشعال ثورات وسقوط بعض الأنظمة السياسية، كما حدث في مصر وتونس وليبيا ومظاهرات احتلال الميادين كما حدث في استانبول بتركيا وكييف بأوكرانيا وهونج كونج. كما ساهم هذا العالم الافتراضي عبر الفيسبوك وتويتر في إذابة الكثير من الفوارق الاجتماعية بين أوساط مستخدميها وفتحت آفاقا جديدة وأحدثت تغيُّرات عميقة في مختلف جوانب الحياة، لكن برغم كل هذا نلاحظ أن هذه المواقع تحوّلت إلي واقع مزمن تتعامل معة أجهزة مخابرات عالمية وخبراء معلومات وقراصنة وجواسيس وشبكات دعارة ومخدرات وتهريب آثار ونشر الشائعات وزعزعة الاستقرار وهدم الثوابت العقائدية والمقومات الأخلاقية والاجتماعية والقيم الفكرية التي من شأنها إحداث الفوضي والبلبلة داخل المجتمعات، ناهيك عن أنها أصبحت من أهم الوسائل التي ارتكزت عليها المخططات الاستراتيجية الإرهابية لنشر العنف والفوضي والإرهاب والأعمال الإجرامية. وقد استخدم تنظيم داعش الإرهابي مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض عده أهمها تجنيد المقاتلين ونشر الدعاية، وحقّق التنظيم الإرهابي بعض النجاحات في التواصل مع المجندين المحتملين الذين يتم التقرُّب منهم وغسل أدمغتهم عبر رسائل تُرسل لهم إضافة إلي نشر صور المجازر والإعدامات، وقد زعم التنظيم أن حسابات أنصاره تزيد علي عشرة آلاف حساب علي فيسبوك وخمسة آلاف علي تويتر، مما يؤكد أن هذا التنظيم يعتمد اعتمادا كبيرا علي مواقع التواصل الاجتماعي. وبحسب مونيكا بكرت مديرة قسم السياسات العالمية في موقع فيسبوك فإن فيسبوك يتلقي في اليوم الواحد نحو مليون تقرير حول انتهاكات محتملة حصلت علي الموقع وأنه يجري تقييم هذة التقارير بمعرفة الخبراء والمتخصصين من مختلف دول العالم يتولون مراجعة محتوي الرسائل بنحو 40 لغة مع الاستعانة بخدمات الترجمة عند الضرورة إضافة إلي خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم في تحليل موضوعات دعم الإرهاب. اللافت أن هذه المواقع دأبت علي نشر شائعات وأكاذيب عن بعض القضايا التي تمس الأمن القومي، ما دفع دولا عدة ومن خلال برلماناتها إلي التنبيه علي مخاطر هذه المواقع للمواطنين دون ضوابط ودون رقابة صارمة، ووضع تشريعات وقوانين تحكم استخدام هذه المواقع، ومن بين هذه الدول الإمارات العربية التي أقرت حكوماتها تعديلات قانونية بشأن جرائم الإنترنت تنص علي عقوبة السجن ثلاث سنوات لكل من استخدم الإنترنت أو صمّم موقعا إلكترونياً بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة الدولة أو رئيسها أو نائبه، أو أي من حكام الإمارات السبع أو أي شيء يتعلق بعلم البلاد أو النشيد الوطني، أو أي رمز من رموز الدولة. وفي البحرين قامت الحكومة برقابة علي مواقع الشبكات الاجتماعية وأنشأت مكتبا للمتابعة والتنسيق لتفعيل الاجراءات القانونيه ضد كل من يسيء استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي أو العبث بأمن البحرين واستقرارها، وأقرت السلطات القطرية مشروع قانون ينص علي تشديد الرقابة علي الجرائم الإلكترونية والانتهاكات التي تمس الأمن العام علي مواقع التواصل الاجتماعي، ووفقا للقانون القطري يجوز للسلطات حظر المواقع الإلكترونية التي تري فيها تهديدا لسلامة البلاد وتعاقب كل من ينشر أو يتناول محتويات رقمية تقوِّض من القيم الاجتماعية في قطر أو النظام العام فيها، كما يتضمن منح الحكومة صلاحيات واسعة لمعاقبة كل من يقوم بنشر أو تبادل محتوي رقمي يعتبره المسؤولون ضارا بقيم قطر الاجتماعية أو مصالحها الوطنية. أيضا هناك دول أخري وضعت ضوابط ورقابة صارمة علي مستخدمي شبكات التواصل خاصة فيسبوك وتويتر مثل السعودية والكويت وتركيا وغيرها من الدول، في حين نجد من يقف ضد فرض قيود أو رقابة علي تلك المواقع باعتبار أن هذا التوجة قيد جديد علي الحريات العامة. وفي مصر ورغم إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنها أصبحت تمثل خطرا علي السلم الاجتماعي لما تتضمنه من سلبيات عديدة تتمثل في نشر الفوضي والكراهية والتحريض والعنف والإرهاب إضافة. إلي أهم الوسائل في نشر الشائعات المجهولة وغير المعلومة المصدر مما يهدد الأمن والاستقرار، كما حدث في قضيتي مقتل الباحث الإيطالي ريجيني وملف سد النهضة الأثيوبي وقضية الجزيرتين تيران وصنافير، وهو ما جعلنا نطرح هذا السوال علي المتخصصين والخبراء وأعضاء البرلمان وممثلي القوي السياسية.. فهل فرض قيود أو حدود علي تلك المواقع يندرج تحت إطار التعدي علي الحريات الفردية؟ يقول د.عادل عبدالغفار أستاذ الإعلام بجامعة النهضة ببني سويف، إن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا وفاعلا لدي الرأي العام والذي أصبح يراقب البرامج وأداء الحكومة ومجلس النواب وجعلت من رجل الشارع العادي إعلاميا حيث يشاهد كل ما يدور من أحداث متنوعة وينقلها عن طريق كاميرا التصوير ثم يقوم بعد ذلك بنشرها علي فيسبوك وتويتر، لافتا إلي وجود بعض المواطنين يؤيدون تيارا سياسيا معينا وما يقومون بنشره عبر مواقع التواصل يخضع لتوجهاتهم وأيديولوجياتهم السياسية وبالتالي فليس كل ما يُنشر علي هذه المواقع الذي هو عالم افتراضي يتسم بالموضوعية. يضيف: لا توجد رقابة من أي نوع علي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، ولا تشريعات تضبط أداء السوشيال ميديا، لافتا إلي أن بعض الدول مثل الصين تعاملت مع ظاهرة التواصل الاجتماعي بطرق مختلفة حيث منعت استخدام هذه المواقع من منطلق أنها تتسبب في تعطيل المواطنين عن الإنتاج وعن مزاولة أعمالهم علي أكمل وجه. ويوضح أن مصر مثل أي دولة حديثة العهد بالتكنولوجيا الحديثة خاصة مواقع التواصل الاجتماعي ولا توجد لديها ضوابط تحكم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو حتي تنظيم حملات لترشيد استخدامها، لذا يجب أن يحاسب كل فرد يستخدم مواقع التواصل في نشر أخبار كاذبة أو الترويج لشائعات من شأنها إلحاق ضرر بالأمن القومي للبلاد وذلك عبر سن تشريعات في هذا الاتجاه. فيما أكد محمود الشريف وكيل مجلس النواب أن هذه المواقع تحتاج إلي ضوابط تنظم عملها وأن دور النواب داخل البرلمان ينحصر في وضع ضوابط تنظِّم عمل هذه المواقع وليس إغلاقها، لما لها من دور مهم في التوصل للمعلومات وتبادل الخبرات، ومن هنا فالبرلمان ليس ضد الحريات وإنما يدافع عنها. عصام شيحة القيادي بتيار إصلاح الوفد قال إن هذه المواقع لابد أن تحكمها قواعد منظمة وليست مقيدة، فهناك تخوُّف من تقييد وسائل التواصل الاجتماعي، لافتا إلي الحاجة لوجود قواعد وضوابط منظِّمة وليست مقيِّدة تحكم عملها وتنظمها. ومن جانبه يقول الدكتور أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس إن معظم من يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمونها في أمور لا تهدف إلي الغرض الذي أنشئت من أجله وهو التواصل الثقافي وتبادل المعلومات وإنما استخدمت في قضايا شخصية وعلاقات خاصة والبحث عما هو مثير للفضائح وليس البحث عما هو مفيد، لافتا إلي ضرورة وضع ضوابط تحكم عمل هذه المواقع ومواجهة من يسيء استخدامها في التعدي علي الدولة ومؤسساتها والمواطن بكل حزم عن طريق سن تشريعات صارمة. وشدّد علي أن الحل ليس في إغلاق فيسبوك وتويتر وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي، بل يجب وضع ضوابط لاستخدامها حتي لا ينتهك الحرية الشخصية أو تهدد الأمن القومي. أما د. محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري فيري أن قانون العقوبات المصري يتضمن نصوصا يعاقب عليها كل من يحرِّض علي العنف والكراهية والسب والقذف وتشجيع الإرهاب، فاذا احتوت حرية التعبير علي مثل هذه الجرائم فالقانون يعاقب مرتكبها وبالتالي لا حاجة لإصدار تشريع جديد يقوم بتنظيم التعامل مع السوشيال ميديا. يتابع: هناك بعض المبادئ القانونية والدستورية التي تحكم وتنظِّم تداول المعلومات علي شبكة الإنترنت، مشيرا إلي عدم الخلط بين وسائل الاتصال الحديثة ومنها السوشيال ميديا وكيفية استخدامها، فاذا جاء الاستخدام بطريقة مسيئة للمجتمع والأمن القومي للبلاد ففي هذه الحالة يطبق قانون العقوبات.