مع بدء عمل مكتب تنسيق القبول بالجامعات، تثار العديد من التساؤلات حول دور المكتب في تحديد مصير الطلاب، وهل أصبح مستقبل الأجيال الجديدة من الطلاب رهنًا بما يراه مكتب التنسيق، الذى يعتمد على بيانات وأرقام جامدة، لا تأخذ في الاعتبار قدرات ومواهب الطلاب وأحلامهم في دراسة علوم يرغبون في دراستها.. هذه التساؤلات طرحناها علي خبراء في محاولة لإيجاد رؤية جديدة تحافظ على حق الطالب في دراسة ما يوافق مع قدراته، ويضمن توفير الكوادر اللازمة للتنمية. البعض يري أن ملف القبول بالجامعات بحاجة إلي تعاون وتنسيق كبير بين وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم، للوصول لأفضل النظم، والتجارب العالمية، وتطبيقها بالمنظومة المصرية، بعيدا عن معيار الثانوية العامة، حيث تُعد السبيل الوحيد لدخول الجامعة، بينما يمكن تطبيق نظام اختبارات القبول بالجامعات، والتي يخضع لها الطالب، وتتضمن اسئلة في تخصص كل كلية في حال اجتياز الطالب لهذه الأسئلة يتم الالتحاق بالكلية، وهو ما يضمن امتلاء الكليات بالكوادر الشبابية المطلوبة، وليست الزائدة عليها.. في السطور التالية تعرض "بوابة الأهرام" آراء الخبراء حول تطبيق نظام اختبارات القبول بالجامعات، وآلية التطبيق، وعائد هذا النظام علي الطالب والأسرة والمنظومة التعليمية. دخول الجامعات بالثانوية يقتل قدرات الطلاب وحول تطبيق نظام اختبارات القبول في الجامعات، وعدم الاعتماد علي الثانوية العامة فقط في القبول بالجامعة، يقول الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم السابق، في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، إننا لا نتطرق إلي قدرات الطالب ومهاراته، لأن الدرجة التي يحصل عليها الطالب في الثانوية العامة هي العنصر الوحيد الذي يؤهله لدخول الجامعة، وإننا بذلك نؤصل لديه فكرة الحفظ والتلقين والاعتماد عليها، لأنها السبيل الوحيد لتحقيق درجات عالية، ومن ثم دخول الكلية التي يرغبها. ويضيف، أن الاقتصار علي نتيجة اختبارات الثانوية العامة فقط في دخول الطالب الكلية التي يريدها، يشكل ضغطًا نفسيًا وعصبيًا شديدًا عليه وعلي أسرته، حيث يظل دائمًا في توتر بسبب الرغبة في التركيز والحفظ الجيد لإتقان اختبارات الثانوية وتحصيل الدرجات النهائية، إذ أن الدرجة بل نصف الدرجة تصبح فارقه في تحديد المصير المنتظر، وقد تتسبب في سعادته أو انهياره. التفكير والإبداع وليس الحفظ والتلقين وقال وزير التعليم السابق، إننا بحاجة إلي طالب يمتكلك مهارات القرن الحادي والعشرين، والتي تتمثل في التفكير الابتكاري والتفكير الناقد، ومهارات القدرة علي حل المشكلات، إضافة الي المهارات الاجتماعية كالتفاوض ومهارة العمل في فريق للقدرة علي صناعة جيل أكثر وعيا وإدراكا وقادر علي الإبداع، وليس اكثر حفظا وتلقينا: "العالم كله بيركز علي مهارات التفكير، وليس الحفظ ". كليات تشترط اجتياز اختبارات القبول وعن كيفية تطبيق نظام اختبارات القبول بالجامعات، قال الوزير السابق، علي المجلس الأعلي للجامعات دراسة الفكرة، ووضع آلية لتطبيقها، خاصة أنها تطبق داخل الجامعات الخاصة، وكذلك داخل بعض الجامعات الحكومية، وهي "كليات التربية الرياضية وشعبتا التربية الفنية والموسيقية بكليات التربية النوعية والسياحة والفنادق والفنون الجميلة "فنون- عمارة وكلية التمريض وكليات الفنون التطبيقية بجامعات "حلوان- دمياط - بنها" كلية التربية الموسيقية بالزمالك جامعة حلوان، بالإضافة إلى كلية التربية الفنية بالزمالك جامعة حلوان، شعبتي التربية الفنية والموسيقية بكلية التربية بالإسماعيلية جامعة قناة السويس، شعبة التربية الفنية بكلية التربية جامعة السويس، وكلية التربية الفنية جامعة المنيا، بالإضافة إلى المعهد العالي للسينما ومعهد فنون مسرحية بالهرم. ولفت، إلي مخاوف وجود اعتبارات شخصية في نتائج اختبارات القبول كأبناء أساتذة الجامعات، وماشابه ذلك، وقال، إن هذه الاختبارات ستكون من خلال أجهزة الكمبيوتر، حيث سيخضع الطالب للاختبار من خلال الكمبيوتر، ويحصل علي النتيجة فور الانتهاء دون تدخل بشري لتتحق بذلك "تكافؤ الفرص"، متسائلا "لماذا يؤخر المجلس الأعلي للجامعات قرار اعتماد اختبارات القبول حتي الآن داخل الجامعات الحكومية" ؟ الثانوية ليست شرطًا لدخول الجامعة قال الدكتور حسن شحاتة، خبير المناهج، في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، إن الثانوية العامة في جامعات الدول المتحضرة شرط ضروري لدخول الجامعة، ولكنه ليس كافيًا، إذ يتطلب أن يؤدي الطالب اختبارًا آخر في الميول والقدرات فيدخل الجامعة بعد ذلك بمعيارين متكافئين، وهما معيار التحصيل الدراسي الناتج من اختبارات الثانوية العامة ومعيار الميول والقدرات المُعبر عنه باختبار الميول والقدرات المُقدم داخل الجامعة. استثمار طاقات الإنسان وعن عائد تطبيق نظام اختبارات القبول داخل الجامعات، قال، إن الطالب حينها سيلتحق بالكلية التي يريدها، وهو ما يمنع رسوبه أو فشله، وبالتالي سيحصل علي العمل بعد التخرج، لأن اختبارات الميول والقدرات تؤدي الي نتائج جيدة، وتصبح للكلية مؤشرا علي تفوق الطالب بها، بالإضافة إلي انعكاس ذلك علي الأسرة بالإيجاب، حيث نجاح الطالب وتفوقه سيعود عليهم بالراحة والطمأنينة علي مستقبله، ويرفع عنهم الضغط النفسي والحزن الذي يخلفه الرسوب والقلق علي مستقبل الابن، بالإضافة إلي أن منظومة التعليم في مصر ستوضع في إطارها السليم، حيث سيصبح التعليم حينها مبني علي أسس علمية جديدة، ويحقق عوائد في استثمار طاقات الانسان. أوائل الثانوية تفوق وهمي ومؤقت وأكد خبير المناهج، علي ثمار اختبارات القبول بالجامعات، وأن تطبيقها سيعود بالنفع علي الطالب والأسرة ومنظومة التعليم، رافضا أن تكون الثانوية العامة هي الطريق الوحيد للالتحاق بالجامعة، لما فيها من حفظ وتلقين، واصفا أوائل الثانوية العامل بأصحاب التفوق الوهمي، فقال، إنهم أوائل في الحفظ، وما قدموه في الامتحان هو إعادة لإنتاج الكتاب المدرسي، لأنه لا يعبر عن قدرات الطالب الحقيقية مؤكدا: "ده تفوق وهمي". تؤثر أعراض الضغط النفسي علي الصحة بشكل عام، رغم أن الشخص قد لا يدرك ذلك، فقد يعتقد بأن المرض هو المسئول عن ذلك الصداع المزعج، أو الأرق المتكرر، أو انخفاض الإنتاجية في العمل، لكن الضغط النفسي قد يكون في الواقع هو السبب، وحسب الدراسات النفسية يشار إلي أن أعراض الضغط النفسي لا تؤثر علي الجسم فحسب، وإنما أيضا تؤثر علي الأفكار والمشاعر، وحتي علي السلوك كما وأنها إن بقيت مستمرة فهي تسهم في تفاقم مشاكل صحية مزمنة. ضغط الثانوية العامة في هذا السياق، يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، إن طالب الثانوية العامة يتعرض لمرحلتين من الضغط النفسي والعصبي ما قبل الامتحان وما بعد الامتحان. وبناء علي الحالات التي استقبلها في عيادته، قال، إن الطالب قبل الامتحان يتعرض لدرجة كبيرة من الضغط النفسي والعصبي حيث الرهبه الشديدة من الامتحان، والقلق من عدم تحصيل درجات عالية من أجل الالتحاق بكليات القمة، حتي أن بعض أولياء الأمور جاءه وطلب منه توفير الدعم النفسي لابنته قبل دخول الامتحان، أما المرحلة الثانية، وهي مرحلة ما بعد امتحان الثانوية فيرتبط الضغط النفسي والعصبي فيها بانتظار ظهور التنسيق الذي يتحكم في التحاق الطلاب بالجامعات. اختبارات القبول تضع الطالب في المجال المناسب له وأضاف استشاري الطب النفسي، أن نسبة كبيرة من طلاب الثانوية العامة رغم تفوقهم وحصولهم علي الدرجات النهائية، إلا أنهم يجهلون الطريق، ويفتقرون الهدف والطموح، ولا يعرفون ماذا يريدون في المستقبل فيتم التحاقهم بالكليات التي تتناسب مع الدرجات التي حصدوها، وليست مع قدراتهم وميولهم، لذا، نجد كثيرا من الذين تفوقوا في الثانوية العامة فشلوا في المرحلة الجامعية، مؤكدا أن تطبيق نظام اختبارات القبول بالجامعات سيساعد علي تحديد هوية الطلاب، واكتشاف أي الكليات أقرب إلي قدراتهم وميولهم، وبالتالي سيتم الالتحاق بالكلية مع وجود هدف يعرفه الطالب، ويسعي أثناء دراسته إلي إحرازه إلا أنه شدد علي ضرورة مراعاة الإمكانيات النفسية في هذه الاختبارات كشرط أساسي للقبول في الجامعات لا يمكن تجاهله. بداية جيل الإبداع كان لخبراء الاجتماع آراء عن هذا النظام، فقال دكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، إن نظام اختبارات القبول في الجامعات سيخدم الطالب ذوي الميول والأهداف المحددة، إذ أن هذه الاختبارات ستكون في المجال الذي يريد الالتحاق به، للتأكد من أن هذه الكلية تتناسب مع قدراته العقلية ومهاراته وميوله، وفي هذه الحالة ستنتج الجامعات أجيالًا أكثر وعي، وإدراك، وإبداع، وهو ما يرتقي بالمجتمع قائلا: "اختبارات القبول في الجامعات بداية جيل الإبداع". ولفت إلي مجالات بعينها كالهندسة والعمارة فقال، إن مثل هذه المجالات تحتاج إلي تطبيق نظام اختبارات القبول لالتحاق الطالب بها، وأن لا تكون درجة اختبارات الثانوية العامة هي السبيل الوحيد إليها، وبما أنها تعاني نقصًا في عدد الطلاب، فينبغي ألا نعتمد في المتقديمن إليها علي حصولهم علي درجات عالية في اختبارات الثانوية العامة فحسب، حيث هناك الكثير من أوائل الثانوية الذين فشلوا بعد ذلك في كليات القمة، وإنما تحتاج هذه المجالات طالبًا لديه ميول وقدرات علمية تتناسب معها، وتطبيق اختبارات القبول بالجامعات هنا سيخدم هذه الغاية، إلا أنه لفت إلي مراعاة عدم وجود مدخل للوساطة والمجاملات، فقال، إنه يجب تشكيل لجنة نصفها من الكلية المعنية، والنصف الآخر من خارجها، لضمان عدم وجود محسوبية في نتائج الاختبارات.