يشهد العالم موجة من تراجع مستويات الثقة العامة، خاصة الثقة فى مؤسسات الحكم، ويفسر البعض ظهور الأنماط الشعبوية للحكم، وحركات الاحتجاج، والتكتلات السياسية غير المنتمية للأيديولوجيات السياسية التقليدية ارتباطا بهذه الظاهرة، أى فقدان الثقة فى السياسة، والنخب، بل وفى بنى وإجراءات الديمقراطية التمثيلية بوجه عام. وتقدم دراسة هذا العدد من مجلة الديمقراطية تأصيلا لهذه الظاهرة فى سياقها الأوروبى، حيث يحلل المفكر المصرى سمير مرقص ظاهرة الحركات الاحتجاجية والتكتلات الجديدة فى أوروبا، ملامحها، ودلالاتها، وكيف تنازع السياسة بشكلها القديم، وتتجاوز ثنائية المواطن- الدولة التى حكمت شكل السياسة طويلا، إلى الكتل الجماهيرية-الشبكة. أما ملف العدد، فيقدم تحليلا شاملا لمفهوم الثقة، أبعادها، ونطاقها، ودلالاتها، وعوامل ومؤشرات صعودها وهبوطها فى السياقات والمجتمعات المختلفة، مع التطبيق على بعض القضايا الخاصة بمصر، ويسعى الملف، من خلال مجموعة من المقالات المتميزة، إلى الاشتباك مع عدد من الأسئلة من قبيل: هل الثقة هى مسألة معيارية أم قانونية؟ هل هى ثابتة أو موروثة جبلت عليها المجتمعات المختلفة، أم مكتسبة ويمكن تعزيزها من خلال إجراءات بعينها؟ كيف يمكن قياس الأبعاد المختلفة للثقة، ورصد مؤشرات صعودها وهبوطها؟ ما هى علاقة الثقة بمتغير "السلطة"؟ وهل يوجد ارتباط بين مستويات الثقة المجتمعية بوجه عام، والثقة السياسية؟ هل تسهم المستويات المرتفعة من الثقة فى زيادة الكفاءة الاقتصادية وتعزيز الرفاهة وكيف؟ ما هو تأثير "الميديا الجديدة" فى مستوى الثقة فى المجتمعات؟ وذلك بالتركيز على ظاهرة الأخبار الكاذبة أو المزيفة fake news، حيث يميل الأفراد، فى عالم الاتصال المفتوح، وسيل المعلومات، إلى الاعتماد على مصادر بعينها دون غيرها تتمتع بالثقة من وجهة نظرهم، وهو ما أصبح يشكل ظاهرة أقرب ما تكون للقبلية التواصلية، أو القبلية الجديدة! وعلى هذه الخلفية، تحلل مقالات الملف قضيتين خاصتين بالسياق المصرى، فتتناول إحداهما مدى ثقة المصريين فى مؤسساتهم الدينية الرسمية، مثل الأزهر الشريف والكنيسة القبطية، فيما تحلل الأخرى مدى ثقة النساء فى الأوضاع السياسية، وأسباب هذه الثقة، وعوامل استمرارها. من ناحية أخرى، تتناول مقالات "قضايا مصرية" عددا من الملفات المهمة فى تفاعلها مع بداية الفترة الرئاسية الثانية، وما تطرحه من تحديات، مثل قضايا الإصلاح الاقتصادى، والتحديات الأمنية، أو من ضرورات للتفعيل، مثل ملفات المجتمع المدنى، والأحزاب السياسية، والأوضاع النقابية، والمحليات. وإذ يتواكب صدور هذا العدد من مجلة الديمقراطية مع كأس العالم الذى تشارك فيه مصر بعد غياب، تقدم المجلة ملفًا خاصًا عن رياضة كرة القدم، وكيف تتفاعل مع البيئة الاجتماعية والسياسية، وتعبر عنها. فتتناول مقالات الملف موضوعات، مثل: كيف تحولت أندية كرة القدم لأوطان بديلة؟، وتجليات تفاعل كرة القدم مع تحديات زمن العولمة، وكيف ينعكس الواقع السياسى والاجتماعى على التشجيع الكروى؟ والتحولات الاجتماعية لرياضة كرة القدم فى مصر فى العقد الأخير، وأخيرا كيف تحول لاعب كرة القدم المصرى محمد صلاح إلى أيقونة. واستمرارا لتقليد المجلة فى التدبر فى مآلات ودلالات الأحداث التاريخية المهمة فى ذكراها، يقدم قسم "مقالات" عدة تحليلات عن حركة احتجاج الشباب عام 1968 فى فرنسا، أسبابها وما بقى من تأثيراتها، فضلا عن الذكرى الخامسة عشرة للاحتلال الأمريكى للعراق وفشل مشروع الهندسة الديمقراطية للمجتمعات من الخارج! وأخيرًا، يقدم قسم تقارير وانتخابات مجموعة من المتابعات التحليلية لعدد من الملفات، أهمها: الإسلاموفوبيا، والتغيرات السياسية فى إثيوبيا، واتجاهات التطور الديمقراطى فى أفريقيا، وتأثير اعتقال دا سيلفا على اليسار فى أمريكا الجنوبية، والتحولات السياسية الأخيرة فى أرمينيا. عدد يوليو من مجلة الديموقراطية