فجأة لم نعد نتكلم العربية، هناك رطانة غريبة وعجيبة ومضحكة وكان يمكن أن تمر الظاهرة مثل ظواهر كثيرة سكتنا عنها فاعتدنا عليها ولم تعد غريبة لولا أن امتحانات الشهادات الثانوية الأجنبية كشفت أن اللغة العربية ليست مادة نجاح ورسوب ولا تضاف للمجموع، والمهم هو النجاح فقط ب50٪، بل أن معظم المدارس التي تدرس الشهادات الأجنبية ليس بها مدرسين للغة العربية ولا الدين ولا التربية الوطنية، وبالتالي فنحن أمام أجيال فاقدة للهوية وربما الدينية والوطنية، وإذا توقفنا لبعض الوقت نستمع للغة الجيل الجديد وسكّان المنتجعات ورواد المطاعم ربما تصبح غريبا في بلدك، وإذا أنصت أجنبي للغة المتداولة حاليا فسيكتشف إنها خليط يثير الشفقة أكثر من السخرية لقوم تعلقوا بالمظهر، وكانت لغة الإنترنت هي أول شرارة في اللغة الجديدة التي يتداولها المصريون ثم مجتمعات الكومبوند وبعدهم التعليم الأجنبي المتعدد من إنجليزي لفرنسي لألماني لصيني لأمريكي، ولم يعد الناس يقولون السلام عليكم لأن هاي تختصرها وهناك لغة الشلة التي لا يفهمها من خارجهم مثل "قشطة وقلش وبيس وسيكا ويحور وسرسجي وإحلق وأهرش ودايس وفكك وأنتخ وعامل دماغ"، ولا يفهم المرء هل هذا القاموس هو تمرد أم حرية وابتكار، وهل كان للتراجع في تدريس اللغة العربية والتربية الدينية سببا في ذلك خاصة بعد أن أصبحت التربية الدينية لا تضاف للمجموع، واللغة العربية للمدارس والشهادات الأجنبية مادة غير أساسية ويتم الامتحان فيها في الوقت الضائع لكي تصبح لغة القرآن مهمشة لدرجة أن معظم أسماء المقاهي والمطاعم والفنادق بل والشوارع والمنتجات المتداولة يوميا ليست باللغة العربية ولكن خليط من عدة لغات بينما يطلق أبناء البلد على ذلك لغة الناس "التانية" ويفضلون اللغة العامية البسيطة، وخطورة ذلك يكمن في صعوبة التواصل بين الأجيال والطبقات وكان واضحا الشماتة من الطبقات الفقيرة لما أصاب التجمع من أمطار، وكنت أتصور إنها ظاهرة مصرية غير أن كثيرا من الأصدقاء في الخليج ولبنان ودول المغرب العربي يعانون من تفشي الظاهرة أيضا لديهم وقد تبدو بعض الأمثلة مثيرة للوجع والانكسار أمام الحضارة الغربية بعد أن أصبحنا عالة.. لا ننتج ولا تقدم ابتكارا واحدا للإنسانية وأصبحنا مجرد سوق ومستورد لكل شيء، وبالتالي كان لابد من وضع بعض الأحرف الأجنبية في أي كلمة عربية تعبيرا دقيقا وشهادة على هذا العصر وقد كان. الكنافة أصبحت بالنوتيلا والبسبوسة بالرد فلفيت وأم علي بالباذنجان وليس مهما الطعم لأن الأهم أن تبدو مختلفين وجلسات الفوتو سيشن بالجلباب والعَبَايَة في الخيم الرمضانية والسحور ب500 جنيه وهو نفس الفول والزبادي والجبنة بالطماطم، والباص والشوز، والبنت الأم سنجل مازر.. والولد "سنجل فازر".. والمثير إن الطعمية أصبحت "جرين برجر"، و صوابع زينب بقت ziti bars والزبيب اسمه small nippjes والبسبوسة kiss o kiss والقنديل اسمه جيلي فيش، والحرنكش جولدن بيري، والتين الشوكي بيركلي بير، والتسلخات صن كيس، والحمل baby pump. وسوف تشعر بالغربة وسط ناسك وأهلك والجيل الجديد خاصة وهم يتكلمون لغات مختلفة خليط من العربي المكسر بدلع والإنجليزي والفرنساوي وتم ضربهم في خلاط الفشخرة لابتكار مصطلحات جديدة لكي تصبح الملوخية "جرين سوب" والفشار "بوب كورن" والبليلة " بينز" و الفطير "كريب" ولبن الجاموس "ميلك"..والقهاوى كافيهات. .والقهوة نفسها "كوفي" أمريكان وتركش والكاكاو هوت شوكلت والبقسماط باتون ساليه والبطلون المقطع "استايل" و..الراجل "مز" والبنت "رجولة" الجواز "نت" والشهود "اد"، وإذا غضبت فإن الرد بلوك.. وإذا ضحكت إيموشن.. ومن يغدر تصبح فضائحه أون لاين وأصبحت صلة الرحم تخلف منذ أن أصبح القرايب عقارب ومساء الهوت شوكلت يعني "الشيكولاتة"... ومساء البنات اللي مربية ساكسوكة والشباب اللي رابط شعره ديل حصان وضفيرة وكحكة ببنس.. والعري open mind، واللانش بوكس.. والهاند باج والهوم وارك، والبقاء لله في كل مجامع اللغة العربية.