جندي احتياط إسرائيلي يكشف عن فظائع معتقل سدي تيمان: تعذيب غير إنساني وعمليات جراحية بلا تخدير    طارق مصطفى: حفزت لاعبي البنك الأهلي معنويا للفوز على بيراميدز    منذ 8 أعوام.. ضبط متهم بمساعدة والدته بقتل زوجها ودفنه بشقة في الإسكندرية    منى زكي تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم رحلة 404 في ختام مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    مستشار أوكراني: روسيا لا ترغب في السلام وتواصل هجماتها على الجبهة الشرقية    انقطاع المياه بعدد من مناطق مركز الخانكة    المصري الديمقراطي ينظم تدريبًا حول تحليل الموازنة العامة    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9.. قوة ردع باكستانية أمام الهند    قصص «أقفل المحضر في ساعته وتاريخه» لوئام أبوشادي ترصد الصمود الإنساني في وجه الأزمات    وزير الثقافة يصطحب نظيرته الفرنسية في جولة بالجناح المصري في بينالي فينيسيا للعمارة    بوليانسكي: روسيا ترحب بإصلاح متزن لدور الأمم المتحدة    خناقة على المصاريف.. حكاية سيدة ذبحت زوجها وقطعت جسده 3 أجزاء في العبور    فريق طبي بسوهاج الجامعي ينجح في استخراج «دبوس» من معدة طفل    نانسي عجرم تستعد للغناء في جاكرتا هذا الموعد    «أنوكا» تشيد بتنظيم مصر للمنتدى الإقليمي للتضامن الأولمبي بالقاهرة    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    عمرو سلامة عن تعاونه مع يسرا: «واحد من أحلام حياتي تحقق»    "بنقول للضحايا إحنا مباحث".. اعترافات عصابة الشرطة المزيفة ب"عين شمس"    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    موعد بدء العام الدراسي الجديد وتفاصيل الخريطة الزمنية والإجازات    ارتفاع توريد القمح المحلى إلى 128 ألف طن وزيادة التقاوى ل481.829 طن بالدقهلية    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    خبر في الجول - الزمالك يحدد موعدا جديدا للتحقيق مع زيزو    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    جامعة مصر للمعلوماتية تعلن إطلاق هاكاثون 17 .. غدًا    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    إعلان نتائج بطولة ألعاب القوى (طلبة - طالبات) للجامعات والمعاهد العليا المصرية    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    «الضرائب»: رفع 1.5 مليار وثيقة على منظومة الفاتورة الإلكترونية    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علمني رمضان (4)
نشر في بوابة الأهرام يوم 08 - 06 - 2018

علمني رمضان أنه شهر اغتنام النفحات وطلب القربات من الرب الجواد الكريم، لما اختصه سبحانه من خير وفضل ورحمات تعلي درجاتنا وتثقل ميزاننا لقصر أعمارنا بين الأمم الأخرى، فعلمني أن نتمثل حثَّ رسولنا القائل: "اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، فاسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم"، وقوله: "إن لربكم في أيام الدهر نفحات، فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا".
ومن نفحات شهرنا المبارك التي يجب علينا اغتنامها، العشر الأواخر منه، والتي نحياها الآن، وما فيها من ليلة القدر وتحريها وقيامها، تمثلا بقول أمنا عائشة: كان رسول اللَّه يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فِى غيره، وتصويرها لحاله فيها بقولها: "كان رسول اللَّه إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر"، فلنغتنمها بقيام الليل والدعاء والذكر، والتضرع إلى الله تعالى، وقراءة القرآن والصدقة وصلة الرحم والاستغفار وشتى صنوف الخير والبر.
ومما يروى من شدة تعظيم سلفنا الصالح لتحري هذه الأيام وتعظيمها، أنهم كانوا يتطيبون لها ويتزينون، فيقول ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، فكان النخعي يغتسل كل ليلة، وكان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.
ولنحذر قرائي الأحباب أن نحرم خير ليلة القدر، لما أخبرنا به أنس بن مالك قال دخل رمضان فقال رسول الله "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم ".
علمني رمضان أيضًا أنه شهر الجود والسخاء، وقد أمرنا ربنا بهما فقال سبحانه: "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"، وكان نبينا فخر الكون خير من جادت يداه وخلقه، فيروي ابن عباس قائلا: "كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل في كل ليلة، فيدارسه القرآن، فلرسولُ الله أجود بالخير من الريح المرسلة ".
ومن صور الجود والسخاء بذل الصدقة، دليل الرحمة، والشعور بالآخرين من المساكين والفقراء واليتامى والأرامل وأصحاب العوز، وتيسير الأمور، وتفريج الكربات، ونزول الخيرات، وحلول البركات، ودفع البلايا، وإعانة الرب - جل وعلا - لفاعلها ومنفقها، فالله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه، والاستظلال بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، الداعي لفاعلها حبيبنا في قوله: "ما من يوم يصبح فيه العباد، إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفا"، ويقول ابن القيم: "المتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح لها صدره، وقوي فرحه، وعظم سروره، ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة لكان العبد حقيقًا بالاستكثار منها، والمبادرة إليها".
من صور الصدقة والجود والسخاء أن يسقط إنسان دين له عند أخيه، فيعفو ويطرحه عنه، ويخلي ذمته منه، يقول: "من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه دينًا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة"، ويقول عمر بن الخطاب: "سئل رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخالك السرور على مؤمن، أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجة".
يروي الشيخ محمد إبراهيم الحمد في "دروس رمضان" أن قيس بن سعد بن عبادة كان من الأجواد المعروفين، حتى إنه مرض مرة، فاستبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم فقيل له: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين، فقال: أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة، ثم أمر مناديًا ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل؛ فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه من كثرة من عاده.
كما لا تتجسد الصدقة والجود والسخاء في المال فحسب، بل تمتد لتشمل قضاء حوائج الناس، وتفريج كرباتهم، وبذل الخير للضعفاء والمحتاجين وذوي الحاجة، والشفاعات الحسنة، ونصرة وإعانة المظلوم، والتخلق بعظيم وحسن الخلق، ومقابلة الناس بالبشاشة، والتبسم، والبشر، والتي بها يصل صاحبها إلى درجة القائم الصائم.
ولا أجد خير ما أختم به من قول ابن القيم حتى نمتثل ونتأسى به في صور جوده وكرمه وإحسانه المتعدد، وهديه في الصدقة على اختلاف مشاربها؛ إذ يقول: "كان رسول الله أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، وكان لا يستكثر شيئا أعطاه ولا يستقله، وكان عطاؤه عطاء من لا يخشى الفقر، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه، وكان أجود الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه تارة بطعامه، وتارة بلباسه، وكان ينوع في أصناف عطائه فتارة بالهبة، وتارة بالصدقة، وتارة بالهدية، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعًا، وكان يأمر بالصدقة، ويحض عليها، ويدعو إليها بفعله وقوله، فإذا رآه البخيل والشحيح دعاه حاله إلى البذل والعطاء"، إلى أن قال رحمه الله: "إذا فهمت ما تقدم من أخلاقه فينبغي على الأمة التأسي والاقتداء به في السخاء والكرم والجود، والإكثار من ذلك في شهر رمضان؛ لحاجة الناس فيه إلى البر والإحسان ولشرف الزمان ومضاعفة أجر العامل فيه".. فالله أسأل أن نتأسى سيرته فعلًا، وقولًا، إخلاصًا، وقبولًا، وللحديث بقية إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.