إذا كان الجود والكرم هي من أهم صفات النبي محمد [ إلا أنه في شهر رمضان المعظم كان أكثر كرما عن باقي شهور السنة، ولملاقاته جبريل\ ولمدارسته للقرآن الكريم، وبالتالي فعلينا أن نقتدي برسولنا[ بالإنفاق والمزيد من الجود في هذا الشهر المبارك، وليس من حق أحد أن يبخل متعللا بجمعه الأموال لأولاده، أو الخوف من الفقر بسبب الإنفاق، وهناك أحاديث شريفة تصور لنا الموازنة بين الإنفاق والبخل. بهذه الكلمات بدأ العالم الفقيه الدكتور أحمد عمر هاشم (عضو هيئة كبار العلماء رئيس جامعة الأزهر الأسبق) حديثه عن حياة الرسول [ في شهر رمضان، شارحا منزلة هذا الشهر في الإسلام، وماينبغي للمسلم أن يفعله من عبادة تقربه إلي الله سبحانه وتعالي.. في البداية يجيب العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم علي هذا السؤال: كيف كانت حياة الرسول [ في شهر رمضان؟ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله [ أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فالََرسول الله[ أجود بالخير من الريح المرسلة. ويوضح هذا الحديث ماكان عليه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من الجود والإنفاق والبذل والعطاء، فكان صلوات الله وسلامه عليه أجود الناس.. والجود في الشرع: هو إعطاء ماينبغي لمن ينبغي.. وهو أهم من الصدقة، وفي حديث آخر عن أنس: كان النبي [ أشجع الناس وأجود الناس.. وليس عجيبا أن يكون أجود الناس وهو الأسوة الحسنة، وصاحب النفس الكريمة التي هي أكرم النفوس وأشرفها، وصاحب الأخلاق العالية التي هي أفضل الأخلاق بل إنه ركز مضمون بعثته لإتمامها، كما قال صلوات الله وسلامه عليه: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فلا عجب أن يكون أجود الناس وأسخي الناس وأكرم الناس وأفضلهم، وهو الهادي إلي صراط ربه والقائل «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا». إذن فالقرآن الكريم يؤكد أن رسول الله [ هو الأسوة الحسنة؟ معلوم أن رسول الله[ هو الأسوة الحسنة الذي يجب علي أمته أن يقتدوا به كما قال الله جل شأنه: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ». فعلينا أن نقتدي برسولنا صلوات الله وسلامه عليه في الإنفاق والمزيد من الجود في شهر رمضان. دعوة إلي الإنفاق ولقد دعا القرآن الكريم إلي المبادرة إلي الإنفاق وأن يكون شغلهم الشاغل ليل نهار « الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون» وفضل القرآن الكريم أصحاب الحقوق في قوله تعالي: «وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَي حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين ِ وكان الشيطان لربه كفوراَ». كيف نهي رسول الله[ عن الوصال في الصيام؟ روي الإمام مسلم رحمه الله بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي [ نهي عن الوصال، قالوا: إنك تواصل ، قال: إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقي. وفيما رواه بسنده عن أبي هريرة ] قال: نهي رسول الله [ عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يارسول الله تواصل.. قال رسول الله [ وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني.. فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا. والمعني: أنه من المعلوم أن علي المسلمين أن يتخذوا أسوتهم من رسولهم صلوات الله وسلامه عليه، وكان الصحابة رضوان الله تعالي عليهم يحرصون علي الاقتداد بالرسول [ في كل أمورهم وشئونهم وعباداتهم ومعاملاتهم، مصداقا لقول الله سبحانه وتعالي: لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراََ». ولكن هناك أمورا يختص بها الرسول [ فلا يقتدي به فيها. وواضح أن كل حكم ثبت في حق النبي [، فهو ثابت أيضا في حق أمته إلا ما استثني بدليل، كبعض خصائصه، فإن خصائص الرسول [ لا يتأسي به في جميعها، وقد توقف في ذلك إمام الحرمين، وقال أبو شامة: ليس لأحد التشبه به في المباح، كالزيادة علي أربع نسوة، ويستحب التنزه عن المحرم عليه كالأكل من الصدقة، ويستحب التشبه به في الواجب عليه كالضحي.. وأما المستحب في حقه فلم يتعرض له، والوصال منه فيحتمل أن يقال إن لم ينه عنه لم يمنع الائتساء به فيه لبعض الناس وفي بعض الأحوال، وهذا نادر، وأما الأعم والأغلب فهو ماوردت به السُنة الصحيحة الصريحة في ذلك من النهي عن الوصال. وقد نص الإمام الشافعي وأصحابه علي كراهة الوصال في الصيام ولهم في هذه الكراهة وجهان: أولهما وأصحهما أنها كراهة تحريم والثاني كراهة تنزيه.. وقد قال جمهور العلماء بالنهي عن الوصال.