- قوانين الأحوال الشخصية تحتاج ثورة تشريعية - مادة الخلع تبيح للزوجة تطليق نفسها دون أي سبب - حكم الطلاق يجب أن يتضمن كافة الآثار المترتبة عليه.. وقوانين الرؤية ظالمة للأب يطالب المستشار عبد الله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة لشئون الأسرة، بتعديل قوانين الأحوال الشخصية، حيث يرى أن ذلك التعديل من شأنه أن يسهم في "الحفاظ على تماسك الأسرة المصرية". ويقول الباجا في حواره مع "بوابة الأهرام" أن المجتمع المصري "يحتاج لجيل قوي لبناء دولة، لا لجيل مشرد الفكر، نشأ في تفكك أسري وغياب الرعاية، ولا يوجد من يوجهه"، مؤكدًا أنه "قبل إصدار حزمة من القوانين الأسرية غير المُجدية، كانت هناك أجيال قوية وقيادية، يُعتمد عليها في بناء كيانات ريادية قوية، ولم نشهد عصر تفكك أسري مثل الآن". "بوابة الأهرام كان لها هذا الحوار المستشار عبد الله بالباجا، حيث يكشف من خلال خبرته العملية الكثير من الأمور التي تخص العلاقات الأسرية في مصر، وأسباب ما تواجهه الأسرة المصرية مؤخرًا من مشكلات. وجاء نص الحوار كالآتي: ما السبب وراء تصدر مصر أعلى نسب الطلاق؟ المُشرع لم يحالفه التوفيق لصياغة منظومة تشريعية ناجحة للأحوال الشخصية في مصر، فالقوانين الأسرية هي السبب الأول في ارتفاع نسب الطلاق بشكل مبالغ فيه، بجانب الأحوال الثقافية، والتقصير في التربية، وغزو مواقع التواصل الاجتماعي لحياة الأفراد مما أثر سلبًا، إضافة إلى قيام ثورتين مما ترتب عليه عدم الاستقرار في المعيشة والحياة المادية، كل هذه الأمور ساهمت بشكل كبير في زيادة نسبة الطلاق في السنوات الأخيرة. ما القوانين التي يجب إعادة النظر فيها وتعديلها؟ من المهم إعادة النظر في المادة رقم (20) من قانون الخلع الذي جعل العصمة في يد الزوجة وحقها في تطليق نفسها، والمادة رقم (17) الخاصة بالزواج العرفي الذي أدى إلى زيادة قضايا النسب، بالإضافة إلى عدم تطبيق رفع سن الحضانة للطفل مع الأم إلى 18 سنة، بحيث يجب أن يكون سن الحضانة للولد 10 سنوات والبنت 12 سنة. ورغم أن المرأة هي المختصة بتربية الأولاد، فإن الطفل يحتاج أيضًا إلى تربية والده لكي يتربى على الرجولة، فهناك خلل في علاقة الطفل بوالده، وبذلك تكون الأم مظلومة من عبء المسئولية والتربية، والأب مظلومًا من حرمانه من أطفاله. كما يجب إعادة النظر أيضًا في المادة رقم (54) التي سلبت من الأب الولاية التعليمية، بجانب قوانين الرؤية التي تعطي الحق للزوج برؤية أبنائه 3 ساعات فقط أسبوعيًا ومنعه من حق الاستضافة أو المبيت للطفل، فتحول الأب إلى شخص ينفق على الأولاد فقط. ما موقف الأب مع قوانين الرؤية؟ أولًا: قوانين الرؤية ظالمة للأب، فلا يعقل أن تكون علاقة الأب بأولاده هي الرؤية فقط، فلا بد أن تكون رعاية أيضًا، والرعاية تضم استضافة ومبيتًا، فتعديل القانون سيحقق المعادلة ويغير الرؤية من مفهوم المشاهدة لمفهوم الرعاية، فلا يصح أن علاقة الأب بأولاده نختزلها في 3 ساعات بالأسبوع. وما موقف القضاء إن رفض الأب رؤية طفله وقاضته الأم؟ بالنسبة لرفع قضايا الرؤية، فهي مخصصة لغير الحاضن فقط، فلا يجوز أن يلزم الحاضن خصمه برؤية الأطفال، وبالتبعية والمنطق أن الأب هو من يطلب رؤية الأبناء ليس العكس، فرفض الأب رؤية أبنائه شيء يتعارض مع العقل والمنطق، فبالتالي لا يكفله القانون لأنه يُوضع للحالات العامة والسوية والدارجة وليس الشاذة، إذن لا يوجد مادة في القانون تبيح للقاضي بالحكم في هذا النوع من القضايا، أو على أن تلزم الحاضنة الأب بالرؤية، فتكون هذه الدعوى مرفوضة، ولكي يتم قبولها لابد من التعديل في القانون ذاته. ما وجه الاعتراض حول قانون الخلع؟ كان "رول" التطليق في سنة 1990 لا يتعدى خمس قضايا، لكن الآن، أصبح الأمر مرعبًا بسبب عدد قضايا الطلاق والخلع يوميا، فالمجتمع ليس بحاجة لوجود مادة الخلع في ظل أن القانون يعطى الزوجة حق الطلاق لأسباب كثيرة، على سبيل المثال، تطليق للغيبة، بمعني أن يهجرها الزوج، وتطليق للضرر أو إساءة معاملتها، وتطليق للسجن، أو التطليق في حالة أن يكون الزوج مريضًا مرضًا مستحكمًا أو معديًا، وأيضًا تطليق من خلال اعتراض إنذار الطاعة فإذا استحكم الخلاف بينهما فمن حقها الاعتراض وطلب الطلاق، ويسمى هذا النوع من الطلاق ب "الشقاق" وهذا هو الخلع الشرعي. ومادة الخلع الآن تبيح للزوجة تطليق نفسها دون أي سبب وسلب حق الزوج دون وجه حق، فالخلع غير مقبول شرعًا لأنه لا يجوز أن يتم إلا إذا ارتضى الزوج بذلك، لأن إجبار الزوج على تطليق زوجته لا يجوز شرعًا، ولكي يكون الخلع جائزًا لا بد أن يكون هناك قبول من الزوج، بجانب عدم وجود عدالة في أن ترفع الزوجة دعوى خلع على زوجها في وجود أطفال، فيصبح محرومًا من منزله طوال فترة الحضانة، ومحرومًا من أبنائه حتى سن 15، ومحرومًا من رعايتهم وولايتهم التعليمية، ففي أيامنا هذه، الرجل هو من يعاني. ما رأيك في المشروع الذي قدمه محمد فؤاد، نائب حزب الوفد، لمجلس النواب حول تعديل قوانين الأحوال الشخصية؟ أؤيد هذا المشروع طبعًا، ولا بد من مناقشته جِديًا، ورأيي أنه لا بد من إرجاع قانون ندب الحكمين، وإلغاء قوانين الخلع والزواج العرفي والرؤية والحضانة، أو على الأقل وقفهم لمدة 5 سنوات ومقارنة التأثير والفرق سواء سلبًا أو إيجابًا، خاصة أنه مع مرور 18 عامًا على تطبيق هذه القوانين فإن العائد سلبي، لذا من الضروري التعديل، بخاصة أن 90% من مواد قوانين الأحوال الشخصية منحصرة في الطلاق. ما السبب وراء رفض قضايا الطلاق بسبب زواج الزوج من آخرى؟ أقرت المحكمة الدستورية بوجوب إثبات الزوجة الضرر الذي لحق بها بعد زواج زوجها من آخرى، فيباح لها بالطلاق فقط في هذه الحالة مع وجوب وجود دليل قاطع، فتعدد الزوجات مباح شرعًا ولا يعتبر ضررًا في حد ذاته. كيف يمكن التغلب على الكم الكبير من القضايا التي ترفعها الزوجة بعد الطلاق؟ عندما تحكم المحكمة بالطلاق، تلجأ الزوجة بعدها لرفع قضايا نفقة، ومتعة، ونفقة للأطفال، ومؤخر ودعوى مسكن، ودعوى مصاريف تعليم، فالمرأة في مصر بعد حكم الطلاق ترفع نحو 30 قضية و30 استئناف مثلها، فأحيانا تصل عدد القضايا إلى 120 قضية من فرد واحد، ولا يوجد قانون في أي دولة في العالم غير مصر يسمح بذلك، لذا يجب على القاضي أن يحكم في الطلاق وفي الآثار المترتبة عليه في حكم واحد، واختصار كل هذه الدعاوى في دعوى واحدة ونسميه ب"الطلاق الناجح". ما مدى تأثر المجتمع بالقوانين الأسرية الحالية؟ بعد 18 سنة من تطبيق قوانين الأحوال الشخصية، أثبت أنه ضرب الأسرة المصرية في مقتل، ويجب وقفها فورًا، فلا بد من إصدار قانون فوري وعاجل بإلغاء المواد القانونية التي سبقت أن ذكرتها، فنحن وصلنا لحالة طلاق كل 4 دقائق وملايين القضايا، وانتشار الزواج العرفي وعدم السيطرة عليه، فتفككت الأسرة المصرية، فنحن نحتاج لجيل قوي لبناء دولة متقدمة. ما السبب وراء حصر شروط الطلاق عند الأقباط في شرطين فقط؟ في عام 2008 عند الأقباط الأرثوذكس، قام البابا "شنودة" بتعديل قانون التطليق بعدما كان يحق للزوجة الطلاق في حالات كثيرة، أصبحت محصورة بين شرطين فقط لتأذن لها الكنيسة بالطلاق، ومن وجهة نظري، أرى أن البابا قام بذلك بعدما وجد تفككًا أسريًا كبيرًا ونسب طلاق عالية عند المجتمع المسيحي، فقرر الحد من هذه الظاهرة، والحفاظ على استقرار الأسر من التفكك ليس لمجرد وضع تشريعات تعسفية بقدر ما كان غرضه الحفاظ على تماسك هيكل الأسرة. المستشار عبد الله الباجا في حواره ل"بوابة الأهرام"