يمتلك الكاتب السياسي البريطاني تيموثي جارتون آش أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة أكسفورد والكاتب بصحيفة "الجارديان" البريطانية، خبرة واسعة بعمليات الإنتقال والتحول الديمقراطي، إذ راقب ورصد عملية التحول بدول أوروبا الشرقية في أوائل تسعينيات القرن الماضي بعد تحررها من نير الاستبداد السوفيتي، وهو أحد أبرز المهتمين بقضية حرية الرأي والتعبير. زار آش القاهرة الأسبوع الماضي ليتعرف علي طبيعة المرحلة الانتقالية بمصر ويقابل عدد من الإسلاميين الذين حصدوا النسبة الأكبر من الأصوات في الإنتخابات الأخيرة، وليدشن النسخة العربية من مشروعه الذي أطلقه من جامعة أكسفورد قبل شهرين، علي موقع (freespeechdebate.com) من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وهو مشروع يهدف لبدء حوار عالمي حول مبادئ حرية الرأي والتعبير، لوضع القواعد والمبادئ العامة، التي تمكن البشر من أن يعيشوا سوياً ك"جيران". -التقت "بوابة الأهرام" آش خلال زيارته، للتعرف منه علي وجهة نظره في المرحلة الانتقالية بمصر، وأهمية مشروعه، بالنسبة لبلد يناضل من أجل نيل حرية الرأي والتعبير. -اجتمعت مع مجموعة من الصحفيين والمدونين المصريين، واستمعت منهم للموقف في مصر بخصوص حرية التعبير، فما الذي استنتجته، وكيف اختلف ذلك عما تسمعه بأوروبا بشكل عام عن الوضع في مصر؟ -أول ما استنتجته أنكم تمرون بفترة درامية، كما يحدث دائماً في أعقاب كل ثورة، وثانياً أنت تعلم أنه في الغرب، وجهة النظر الشائعة بشكل كبير هي أن الخطر الأعظم علي حرية التعبير في مصر هم الإسلاميين – أياً كان ما يعنيه ذلك – ولكن ما صدمني هو ما سمعته منكم وهو أن الخطر الأكبر يأتي من الدولة الأمنية للعسكر، والتي يحافظ علي وجودها من هم في السلطة، وكثيرون في أوروبا لا يتفهمون ذلك. ولكن ما صدمني بشكل أكبر حتي، هو أنه عادة في كل بلد بالعالم يمر بمرحلة انتقالية، فهناك دائماً مرجع خارجي يتطلع إليه الناس، وينظرون إليه كمثال، ولكن علي ما يبدو أن مصر تنظر لنفسها وهذا هو ما يجعل الأمر مختلف تماماً، ورائع ولكن صعب في نفس الوقت. -من خلال خبراتك كمراقب للتحول بدول أوروبا الشرقية، في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، كيف تري المرحلة الإنتقالية بمصر؟ -إن الجلوس بالقرب من ميدان التحرير، الذي أصبح أحد أعظم الرموز في القرن الواحد والعشرين، والذي يضاهي سور برلين في القرن العشرين وسجن الباستيل في القرن السابع عشر، يعني أن ما حدث هنا هو مهم للغاية، ليس فقط بالنسبة لمصر ولكن للعالم بأكمله، كل المراحل الانتقالية صعبة، ولكن هذه تبدو الأصعب، بسبب الإرث الثقيل للستين عاماً الماضية، وعدم وجود نموذج خارجي تعتمدون عليه. في عام 1989 حين قامت ثورات أوروبا الشرقية، كان هناك اقتصاد أوروبي متنامي، وغرب مترف وغني، وكلأً من أوروبا وأمريكا كانتا مستعدتين لتقديم يد العون وفتح أسواقهما أمام الدول الناشئة. ولكن لا شيء من ذلك ينطبق علي الحالة المصرية، فأنتم وحدكم وعليكم أن تقوموا بكل الأمور لوحدكم.