لم يعد مدهشًا، رغم الظرف الثوري الذي تعيشه مصر، أن تطالع صباح كل يوم قصة جديدة من "عينة" تحويل نائب برلماني إلى لجنة القيم بعد تعبيره عن رأيه بصراحة في إدارة قائد القوات المسلحة لشئون البلاد، أو فصل طلبة بالجامعة الألمانية بسبب مطالبتهم باستقلال الحركة الطلابية، وغيرها من القصص التي لا تمت لهذا الظرف الثوري بصلة. وقف الدكتور خالد فهمي – رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية - يحيي الجمهور على حضور الندوة التي استضافتها الجامعة الأمريكية قبل يومين رغم "الطقس العاصف" ،وقدّم لهم ضيف القاهرة كاتب "الجارديان" البريطانية المعروف تيموثي جارتون آش الذي جاء إلى مصر ليدشن النسخة العربية من موقعه الإلكتروني الجديد FREESPEECHDEBATE.COM المعني بحرية التعبير، الذي كتب على صدر صفحته الرئيسية "كلنا جيران الآن، من خلال الإنترنت و الهاتف المحمول يمكننا الوصول إلى أربعة مليار شخص آخر، هذا يسمح بفرص غير مسبوقة للتعبير الحر". - "لا يوجد مكان أفضل من هذا في العالم كله لتدشين النسخة العربية من الموقع" استهل جارتون آش كلمته بهذه العبارة وتبعها بقصيدة عشق لميدان التحرير الذي تحول لرمز عالمي لحرية الرأي والتعبير على حد وصفه، وتحدث عن مشروعه "التواصلي" الذي بدأ يفكر فيه قبل ثورات الربيع العربي وعمل به بالتعاون مع زملائه في جامعة أكسفورد ،وكرر تأكيده على أن "حجم الكرة الأرضية تضاءل بفضل الإنترنت"، وأن موقعه سيبث من خلال 13 لغة ليصل"نظريا" إلى نحو 80% مستخدم للإنترنت في العالم. كان آش يستعرض خلال حديثه الموقع الجديد من خلال شاشات العرض في القاعة الشرقية التي استضافت الندوة، وتوقف عند المبادئ العشرة، التي اقترحها الموقع لحرية التعبير في العالم، ومنها تلك المتعلقة بحرية المعتقد والحدود التي تستهدف التعبير الحر بدعوى الأمن القومي والأخلاق العامة، وقال إنها مجرد "مسودات" يمكن فتح حوار حولها، وأشار في الموقع إلى خبر تبرئة رجل الأعمال نجيب ساويرس من تهمة ازدراء الأديان، ووجه كلامه للحضور "تستطيعون أن تدخلوا في نقاش طويل مع الطلبة على مستوى العالم حول حرية التعبير" . لم يكن جارتون آش هو الضيف الأوحد لهذه الندوة؛ حيث شاركه النقاش ثلاثة من المدونين والنشطاء الإلكترونيين وهم عمرو عزت ونورا يونس وعمرو غربية، الذين طرح كل منهم وجهة نظره في مدى أهمية تنظيم حرية التعبير من الأصل في ضوء حالة الصراع بين السلطة والمعارضة التي تبحث عن مساحات أكبر للتعبير، وهو ما عبر عنه الصحفي عمرو عزت ب" توسيع هوامش حرية التعبير التي تضعها السلطة" معتبرًا أن "السلطة دائمًا ستستخدم هذه المبادئ لصالحها " الأمر الذي يعتبر أنه سيضر بحرية التعبير في نهاية المطاف.
من جانبه ظل الدكتور خالد فهمي، يؤكد في المقابل على اختلافه مع تهميش أهمية المبادئ العامة لحرية التعبير، مؤكدًا على "أهمية إدارة حوارات عميقة وليست سجالية حول حرية التعبير "وعبّر ل"الشروق" بعد نهاية الندوة عن عدم توقعه لأن يثار كل هذا الجدل حول أهمية وجود مبادئ عامة لحرية التعبير من الأصل، واعتبر أن ضيوف الندوة من المدونين "ثوريون بالفطرة من قبل أن تقوم الثورة " وبالتالي فهم لا يتحملون فكرة وجود "قواعد" تنظم حرية التعبير، وتابع "حماستي ليست للمبادئ التي اقترحها الموقع الجديد في حد ذاتها، وإنما فتح نقاش حول أهمية حرية التعبير بشكل عام".