بالرغم من بساطة المصطلح "حرية الرأي والتعبير" إلا أن النقاش المفتوح والعميق حول هذا الأمر يكشف صدق عبارة "الشيطان يكمن في التفاصيل"، حيث يظل المصطلح عرضة للتأويلات المختلفة. والمسافة بين حرية الرأي والتعبير وانتهاك حرية الآخرين لا تزال خيطا غير واضح. ربما لهذا تبني الأكاديمي تيموثي جارتون مشروع المناظرة حول حرية التعبير وهو مشروع بحثي تحت رعاية برنامج داهرندورف لدراسة الحرية في كلية سينت انثني بجامعة أكسفورد. فمن خلال موقع المناظرة الإلكتروني الذي يعمل بتسع لغات يأمل "جارتون" في فتح قنوات للحوار والنقاش بين الثقافات المختلفة للوصول إلي مبادئ أساسية للحرية الرأي والتعبير. في إطار هذا المشروع استضافت الجامعة الأمريكية "جارتون" في لقاء مفتوح أداره د.خالد فهمي مع عدد من الصحفيين والكتاب والنشطاء المهتمين بحرية الرأي والتعبير الأربعاء، حيث بدأ "جارتون" اللقاء بمداخله شرح فيها أبرز المبادئ التي تم الاتفاق عليها علي الموقع ويدور النقاش حولها مثل المبدأ الأول "نحن كل البشر يجب أن تكون لنا الحرية والقدرة علي التعبير عن أنفسنا وتبادل المعلومات والأفكار بغض النظر عن الحد". أو " نحن ندافع عن شبكة الانترنت وكل وسائل الاتصالات الأخري ضد انتهاكات غير شرعية من القوي العامة والخاصة". أو "يجب أن تكون لنا الحرية لمساءلة أي حدود تستهدف التعبير الحر بدعوي الأمن القومي النظام والأخلاق العامة"، ويمكن الإطلاع علي كل هذه المبادئ والتصويت عليها ومناقشتها علي موقع المبادرة الإلكتروني: www.freespeechdebate.ox.ac.uk. تحدثت بعد ذلك نورا يونس الصحفية بالمصري اليوم والتي قدمت قراءة موجزة للمدونات وتطور شبكة الإنترنت في السنوات الأخيرة وأثر هذا التطور علي رفع سقف حرية الرأي والتعبير، وانتقدت نورا في كلمتها احتكار الجيوش في معظم أنحاء العالم استخدام التكنولوجيا الحديثة وتقنين هذا الاستخدام بعد ذلك بالنسبة للمدنيين تحت دعوي "الحفاظ علي أمن القومي" وضربت مثال علي ذلك بأن تقنية تحديد الموقع من خلال الأقمار الصناعية "الجي.بي.اس" كانت ممنوعة في مصر حتي العام الماضي بينما متاحة في كل دول العالم. أما عمرو غربية من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فقد أشار في مداخلته إلي أن الانترنت بطبعه كوسيط للنشر والتبادل يتميز بنسبة حرية عالية لكن تظل المشكلة أن هناك أشخاص لديهم القدرة ببساطة علي "قطع سلك" الانترنت. وأضاف عربية أن القوانين المنظمة للاتصالات في مصر قديمة جداً ولا تواكب التطور الذي حدث في وسائل الاتصال كما أنها تعطي صلاحيات غير محدودة للرقابة والمنع وأحيانا التجسس. "هل الأجدي النقاش تبني مبادرة جديدة للدفاع عن حرية الرأي والتعبير أم البحث عن أدوات يمكن من خلالها الدفاع عن حرية الرأي والتعبير؟" بهذا السؤال بدأ عمرو عزت مداخلته. وأضاف عمرو قائلاً: "الاتفاق علي مبادئ أو أرضية مشتركة لمفهوم حرية الرأي والتعبير لن يمنع السلطة من التعدي عليها أو محاولة تقليصها". مداخلة عمرو عزت جعلت د.خالد فهمي يتساءل عن حدود حرية الرأي أو السب والقذف أو الترويج لخطابات الكراهية أو التحريض ضد فئات محددة، وهو ما رد عليه عزت بأن هذا الأمر لا يمثل مشكلة كبيرة ولكن شيء إيجابي، فقبل الثورة كانت خطابات الكراهية الموجهة ضد المسيحيين في مصر علي سبيل المثال موجودة ولكن تحت الأرض وبالتالي كنا نواجه حوادث طائفية عنيفة كحادث كنيسة القديسين، لكن ظهور هذه الخطابات إلي السطح يسمح بمناقشتها وكشفها وتفكيكها.