كشف عمر رضوان، مدير إدارة الأصول بشركة إتش سى للوساطة المالية، عن حاجة السوق الماسة فى الوقت الراهن إلى تدشين صناديق المؤشرات، بهدف تعزيز حجم وقيم التداولات فى البورصة. وقال رضوان، في حوار مع "بوابة الأهرام"، إن صناديق الاستثمار عززت من تماسك البورصة رغم عمليات الهبوط العنيف الذى شهدته فى عام الثورة، مشيرًا إلى أن حدة التقلبات بين الصعود والهبوط دفعت مديرى الاستثمار إلى تبنى سياسات متحفظة، بهدف الحفاظ على حقوق حملة الوثائق، ووقف نزيف الخسائر للمحافظ المالية. وتوقع تعافى سوق المال خلال العام الجارى، بعد تحسن حجم السيولة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فضلا عن ظهور مشتريات المستثمرين الأجانب مجددًا.. وفيما يلي نص الحوار.. تلاحظ أن أداء صناديق الاستثمار تتسم بقدر كبير من الحيطة والحذر خلال الفترة الماضية.. لماذا؟ ** تبنى صناديق الاستثمار سياسات التحفظ والحيطة خلال الفترة الماضية له مبراراته القوية، خاصة فى ظل الانخفاضات التى سيطرت على سوق المال عقب ثورة 25 يناير، وليس بخفى أن السوق شهد أسوأ تداولاته على الإطلاق نتيجة عمليات البيع العشوائية فى معظم الأحوال، بدافع الخوف والقلق، نتيجة تصاعد حدة التوترات على الساحة السياسية، وغياب الأمن، مما أثر على سلوك جميع المتعاملين فى السوق على مستوى الأفراد أو المؤسسات، وهذه التداعيات مجتمعة أثرت على الاقتصاد الكلى لمصر سلبيًا، وبالتالى فلم يكن أمام شرائح المستثمرين خيارًا إلا تخفيف المراكز المالية، أو البحث عن أفضل الطرق لوقف نزيف الخسائر. ماهى أفضل الطرق لتجنب المخاطر بالسوق؟ ** شهدت الفترة الماضية العديد من التقلبات فى أسعار الأسهم، وطال معها نزيف الخسائر كافة المحافظ المالية، وبالتالى كان هناك دور كبير على مديرى الاستثمار، فى مواجهة سيل الخسائر الذى لم تتوقف موجاتها، ولم يعد أمام مديرى الاستثمار إلا العمل على تقليل نزيف الخسائر، عن طريق تبنى قدر عالٍ من متابعة المخاطر وإدارة المحافظ المالية بسياسات تتسم بالحذر الشديد، أعلى من أى وقت أخر. ما أهم سمات المرحلة الحالية، وأهم مخاطرها؟ ** تتسم المرحلة الحالية بمخاطرة قوية، خاصة أننا نلاحظ استمرار السوق نحو الصعود لعدة جلسات متتالية، وفى بعض الأحيان هبوطه أيضا على نطاق متواصل، لكن خلال الأسابيع الماضية، كانت هناك انتعاشة متواصل، وهذا السلوك للسوق يؤدى إلى تبنى مديرى الاستثمار لسياسات متحفظة، وهى السمة الغالبة حاليًا، بهدف الحفاظ على أموال حملة الوثائق، وبالتالى فعلى مديرى الاستثمار بذل مزيدًا من الجهد، لترقب وقراءة أحوال السوق خلال الفترة المقبلة. والمتابع لحال السوق يجد أن 2011 كان عامًا صعبًا على البورصة المصرية، بين هبوط درامى فى معظم الجلسات وصعود كبير لبعضها الأخر، ومع هذه الفوارق القوية، لابد من إتباع سياسات رشيدة من جانب المؤسسات حفاظا على السوق وتماسكة، وهذا ما حدث بالفعل، فلولا وجود صناديق الاستمار لما تماسكت البورصة المصرية خلال عام الثورة، بعد أن شهد حالة من الخروج الجماعى للمستثمرين الأجانب بشكل قياسى، لآن صناديق الاستثمار تتبنى سياسات متوسطة طويلة الأجل، ومن خلالها قامت بتكوين مراكز مالية قوية عززت من استقرار السوق إلى حد كبير فى مواجهة عمليات الخروج المتواصل والبيع العشوائى فى معظم الأحوال. والتحدى الكبير فى هذه الإشكالية أن الكثير من الأفراد لا يعرفون جيدًا طبيعة عمل صناديق الاستثمار وأهميتها فى ضبط إيقاع السوق، فى ظل طوفان الخسائر المتواصل. هل تحتاج السوق لمنتجات جديدة خلال الفترة الحالية؟ ** تحتاج السوق حاليًا وفى أى وقت لطرح منتجات جديدة، ولى رؤية خاصة فى هذا الإطار، فهناك من يرى أن وقت صعود السوق من المفضل عدم طرح منتجات مالية جديدة حتى تستقر الأوضاع وتصحح السوق نفسها، وفى وقت هبوط السوق يقول البعض إنه لا يمكن طرح منتجات مالية جديدة إلا بعد تعافى السوق واتجاهة للصعود، وبالتالى فى كل وقت هناك مبررات عدم طرح منتجات جديدة، وهذا مقلق للغاية، فالبورصة إما فى حالة صعود أو هبوط وليس هناك إتجاه ثالث، لكننى أرى أن السوق دائما مهيأ لطرح منتجات جديدة، حتى يتم كسر حالة الملل لدى المستثمرين. ومن المعروف أن المنتجات المالية الجديدة تجذب إليها شرائح من المستثمرين الجدد فى السوق، فضلًا عن أن عدم توافر بدائل إستثمارية فى السوق يدفع المتعاملين والباحثين عن أمعية استثمارية جديدة للخروج من السوق، وبالتالى نخسر فئة مهمة من المستثمرين. وهناك بعض من فئات المستثمرين يقومون بالاستثمار من خلال شركات موجودة بمصر، سواء مصرية أو فروع لشركات أجنبية بالاستثمار فى بعض المنتجات فى البورصات الخارجية التى تتوافر بها منتجات مالية غية موجودة فى مصر على الرغم من أن النبية التشريعية والتكنولوجية فى السوق المصرية مؤهلة لطرح العديد من المنتجات المالية الجديدة القادرة على مغازلة هؤلاء المستثمرين، بل وجذب مستثمرين أجانب ومحليين جدد للسوق. ما هى أهم المنتجات التى نحتاجها فى الوقت الحالى؟ ** السوق المصري حاليًا فى حاجة ماسة لتدشين صناديق المؤشرات، وهذا المنتج من شأنه تغيير خريطة السوق وتعزيز تداولات البورصة، من حيث حجم التداولات وقيمة السيولة، ففى الوقت التى تتراجع فيه بعض الأسهم لمستويات قياسية، وتشهد حالة من التقليات تضع المستثمر بمأزق، فضلا عن عدم قدرة كثيرين على متابعة أسهمهم، فهذه الآلية تتيح للمتعامل فيها شراء وثائق مشتقة من مؤشر السوق، وبالتالى فعلى المستثمر متابعة حالة وإتجاه المؤشر فقط، وليس متابعة العديد من الأسهم. ويقوم صندوق المؤشرات بالمتاجرة فى الأسهم المكونة لمؤشرات السوق وبالتالى فالوثيقة التى يشتريها المستثمر تعنى أنه يستثمر فى العديد من الأسهم، وهو ما يؤدى إلى تراجع حجم المخاطر نتيجة توزيعها على العديد من الأسهم، بدلا من تركز استثماراته فى سهم واحد، فرغم أن البنية التشريعية والتكنولوجية لصناديق المؤشرات جاهزه ومتوافرة فى مصر فأنها لم تُفعل حتى الآن، نتيجة عدم التنسيق بين العديد من الجهات الرسمية منها الهيئة العامة للرقابة المالية وإدارة البورصة ومديرى الاستثمار وصانعى السوق. كيف ترى سوق المال فى مصر، وما هو تقييمك لآداء البورصة؟ ** يتبين للمدقق فى أحوال سوق المال أن هناك حالة من التحسن الملموس طرأت عليه، وبدأت مؤشراتها تلوح فى الأفق، فمتوسط التداول اليومى للبورصة وصل إلى نحو 150 مليون جنيه فى ديسمبر الماضى، ومع مطلع يناير 2012 ارتفع هذا الرقم إلى 3 أضعاف، وفى فبراير الجارى لامست قيم التداول الإجمالية حاجز المليار جنيه، أى أننا نتحدث عن مضاعفة الرقم لنحو بين 5 إلى 6 مرات مقارنة بشهر ديسمبر، وهذا التحسن الملموس يعنى أن هناك مستثمرين جدد دخلوا السوق، فضلا عن ظهور قوى شرائية للمستثمرين الأجانب، وبالتالى عام 2012 هو عام تعافى البورصة. ماهى أهم التحديات أمام الشركات المدرجة فى البورصة؟ ** شهدت الفترة الماضية العديد من الإحتجاجات والإضرابات من جانب العاملين فى بعض الشركات المدرجة فى البورصة، وبالتالى أثر ذلك عليها سلبًا، ومع عودة عجلة الإنتاج للإنطلاق مرة أخرى، ستتعافى هذه الشركات وستشهد تحسنا على مستوى مراكزها المالية وأدائها فى السوق، خاصة وأن أسعار أسهم العديد منها هبط لمستويات قياسية عقب الثورة من ناحية، ونتيجة تصاعد وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات من ناحية أخرى.