أكد السفير المصري لدى إثيوبيا محمد فتحي إدريس إن الفكرة من وراء تنظيم "الصالون الثقافي" بدار السكن بالسفارة المصرية بأديس أبابا وبشكل شهري هي أن مصر وإثيوبيا تحظيان بحضارة كبيرة وثرية وبتاريخ مشترك طويل. وأضاف أن هذه المناسبة تتناول العلاقات المصرية - الإثيوبية بمناسبة زيارة وفد المجلس المصري للشئون الخارجية والذي يضم السفير محمد شاكر رئيس المجلس والسفير عبد الرؤوف الريدي الرئيس الشرفي للمجلس والسفير أحمد حجاج عضو المجلس ورئيس "الجمعية الافريقية" في مصر، والسفير مجدي حنفي عضو المجلس والخبير الدولي في قضايا المياه، وأيمن عيسى عضو المجلس وأيضا رئيس مجلس الاعمال المصري الاثيوبي. وقال السفير إدريس إن زيارة هذا الوفد لإثيوبيا تأتي في إطار تعزيز الصلات والروابط الوثيقة بين مجتمع الفكر والبحث والدراسات في مصر وإثيوبيا وإن مناقشات اليوم تتناول المرحلة الجديدة التي تمر بها علاقات البلدين في أعقاب ثورة 25 يناير والرغبة المشتركة لإيجاد مسار جديد متطور يقوم على الثقة والتفاهم والمصلحة المشتركة ويسهم في إلقاء الضوء على جوانب مهمة مختلفة في العلاقات بين البلدين. وأشار إلى أن الحوار مهم لأنه وسيلة للفهم المتبادل ويسهم في الوصول إلى اتفاقات مشتركة وأن النقاش يؤكد أهمية وجود علاقات وتشعبها وتعدد أبعادها، الأمر الذي يعني أن هناك جهدا كبيرا مشتركا يتعين بذله خلال الفترة القادمة من أجل تطوير العلاقات والوصول بها إلى المرحلة والقوة المرجوة. وأضاف السفير إدريس أن هناك جهدا يتعين بذله وليس جهد فرد أو مؤسسة واحدة بل جهد جماعي من مختلف الجهات في البلدين وقال إن هذا ما نحاول أن نطوره في الفترة القادمة، وفي هذا الإطار تأتي زيارة الوفد المصري لتعزيز هذه الروابط الفكرية والثقافية والبحثية بين الجانبين وتعزيز الجسور والروابط المشتركة. وأكد الدبلوماسي المصري السفير عبد الرؤوف الريدي أن العلاقات المصرية- الإثيوبية تجاوزت حاليا مرحلة الجفاء والبرود التي سبقت ثورة 25 يناير والتي يعد النظام السابق في مصر مسئول عنها إلى حد كبير مشددا على أهمية تعزيز هذه العلاقات في كل المجالات والبناء على ما تم إنجازه. وقال الريدي وهو سفير سابق لمصر في واشنطن خلال الصالون الثقافي إن أول خطوة في مسيرة تعزيز العلاقات بين مصر وإثيوبيا والتي نواصلها اليوم، كانت زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية العام الماضي عقب ثورة 25 يناير لإثيوبيا والذي ضم عددا من قيادات الثورة والمجتمع المدني، مشيرا إلى أن هذه المبادرة جرت في أوانها وذلك بعد مرحلة جفاء وبرود في العلاقات سبقت الثورة والتي تسبب فيها بشكل كبير أسلوب الرئيس السابق حسني مبارك في تجاهله لأفريقيا وتجاهله حضور مؤتمرات القمم الأفريقية. وأشار الريدي إلى أن هذا الجفاء كان ضمن مظاهر التوتر في العلاقات والذي انعكس على موضوع مياه النيل والقرار الانفرادي الذي اتخذته ست دول بالتوقيع على الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل دون موافقة مصر. وقال الريدي إن القيام بمبادرة وفد الدبلوماسية الشعبية لم يكن الهدف منها فقط مياه النيل بل كان فتح صفحة جديدة مع إثيوبيا مشيرا إلى أن الحكومة الإثيوبية بتوجيه من رئيس الوزراء ملس زيناوي استقبلت هذا الوفد استقبالا حارا، وكذلك اتخاذ زيناوي قرار بوقف التصديق على المعاهدة حتى تشكيل حكومة واختيار رئيس جديد بمصر واقتراحه تشكيل لجنة ثلاثية لدراسة موضوع سد النهضة الإثيوبي لطمأنة المصريين. وأضاف الريدي أنه اقترح خلال لقائه ضمن عدد من الشخصيات العامة المصرية مع زيناوي خلال زيارته للقاهرة العام الماضي تعزيز الاتصال والتواصل بين المجتمع المدني المهتم بالعلاقات الأفريقية بمصر وإثيوبيا بشكل خاص وإنه تمت بالفعل اتصالات بين المجلس المصري للشئون الخارجية والمعهد الإثيوبي الدولي للسلام والتنمية وتم تحديد اجتماعات لبحث كيفية سير العلاقات الثنائية وإمكانية عمل دراسات مشتركة، مؤكدا أن هذا يعد من ثمرة الانفتاح الذي حدث بين البلدين وما كان ليحدث لولا الثورة المصرية. ومن جانبه قال السفير أحمد حجاج عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ورئيس "الجمعية الإفريقية" خلال المناقشات إنه كانت "هناك شكوك بين الحكومتين قبل الثورة المصرية، ولكن بعد زيارة رئيس الوزراء عصام شرف لإثيوبيا وكذلك زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي لمصر في أعقاب الثورة انقشعت هذه الغيوم، ولكن لم يتم القضاء بعد على الهواجس ويتعين العمل على تعزيز مبدأ الاستفادة المشتركة في العلاقات بين البلدين". وأكد السفير حجاج على مسئولية وسائل الإعلام في كل من البلدين في تبديد مثل هذه الهواجس. وقال "من الأفضل للبلدين أن يتعاونا وألا يتصادما أو يتنافسا فيما بينهما لأنه إذا حدث ذلك فإن الخسارة ستلحق بكل منهما، ويجب على الدول الكبيرة في إفريقيا مثل مصر وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا أن تتعاون فيما بينها لصالح القارة بدلا من أن تتنافس". وشدد السفير حجاج على أهمية البعد الثقافي في تاريخ العلاقة بين مصر وإثيوبيا مشيرا إلى أن تاريخ إثيوبيا خلال القرون الماضية موجود في الأديرة المصرية ويتعين على الجانب الإثيوبي الاهتمام به بدلا من تركه للباحثين الأجانب الذين نشروا كتبا عن بعض الوثائق الإثيوبية الموجودة في الأديرة المصرية، مؤكدا أهمية التعاون في المجال الديني والثقافي لصالح البلدين. وأشار في هذا الصدد إلى أنه قضى 12 عاما من مشواره الدبلوماسي بأديس أبابا وتربطه علاقات قوية مع حكومة إثيوبيا وشعبها. ومن جانبه أكد أيمن عيسى رئيس مجلس الأعمال المصري الإثيوبي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين شهدت دفعة قوية خلال العامين الأخيرين بجهود مختلف الأطراف في البلدين وأن حجم الاستثمارات بين البلدين بلغت ملياري دولار، مؤكدا أن الوصول إلى هذا المستوى ليس نهاية المطاف بل مازال يعد قطرة في بحر مقارنة بما نستطيع أن نحققه في كل من البلدين. وأشار عيسى إلى أن "الطريق مازال طويلا ولكن هناك رؤية ونحن ماضون في هذا الاتجاه حتى نصل إلى ما يحقق المصلحة لكل من البلدين". وشارك في اللقاء أعضاء البعثة المصرية في أديس أبابا والسفير فيسيها سبهات مستشار نائب رئيس الوزراء الإثيوبي والسفير أحمد نوح ممثل جامعة الدول العربية لدى إثيوبيا ومفوضة الاتحاد الإفريقي لشئون البنية التحتية الدكتورة إلهام إبراهيم وممثل الكنيسة المصرية لدى إثيوبيا الراهب القس سيدراك بيشوي وعدد من الشخصيات العامة والأكاديمية المصرية والإثيوبية ومن أعضاء السلك الدبلوماسي والعاملين بالمنظمات الدولية بأديس أبابا وبينهم سفراء الصين والبرازيل لدى إثيوبيا.