تضم محافظاتقنا ومراكزها القديمة - مثل مدينة قوص التي كانت مقصدا للعلماء وعاصمة ثانية لمصر في العصر الفاطمي، الكثير من شواهد الجالية الأندلسية التي عاشت في الصعيد بعد سقوط قرطبة وغرناطة. ويوافق يوم 2 يناير عام 1492م ذكري سقوط غرناطة آخر معاقل العرب المسلمين في الأندلس، إسبانيا حاليا حين قام أبوعبدالله محمد الصغير آخر ملك الأندلس بتسليم مفتاح المدينة لفرديناند الخامس وإيزابيلا ليدخل القشتاليين المدينة وتطوي للأبد صفحة الوجود العربي الإسلامي بعد حكم استمر لعدة قرون . ويقول الباحث التاريخي ضياء العنقاوي ل"بوابة الأهرام "، إن تواجد الجالية الأندلسية في قنا كان من قبل السقوط وبعدها، حيث مرت بمراحل عديدة، لافتا أن طريق الحج القديم الذي كان يمر من خلال قنا سبب رئيسي لاستقرار الأندلسيين في قنا ومراكزها المختلفة . في بطون الكتب التراثية يتواجد ذكر مئات الأندلسيين الذين عاشوا وتزوجوا في قنا واستقروا بها، كما يتواجد عدد من المقامات الصوفية لأندلسيين استقروا في قنا، مثل الشيخ عبدالله القرشي الذي يجاور مقامه سيدي عبدالرحيم القنائي، ومثل إبراهيم ابن علي أبو الدنيا الأندلسي القنائي، كما تزخر الكتب التراثية بذكر المقامات الصوفية الأندلسية التي كانت موجودة منذ مئات السنين واندثرت ولم تعد موجودة في الوقت الحاضر . وأضاف العنقاوي، أن هجرة الأندلسيين لقنا تمت بكثرة بعد سقوط قرطبة عام 1236 ميلادية ثم أشبيلية عام 1248م وآخرها غرناطة عام 1491م، لافتا أن بعض الأندلسين استقروا في قنا بسبب مجالس العلم التي كانت منتشرة قبل السقوط مثل عبدالله القرشي الذي جاء للصعيد في العصر الأيوبي وكان من تلاميذ سيدي عبدالرحيم القنائي . ويؤكد الباحث نور الدين القفطي ل"بوابة الأهرام"، أنه كان من حظوظ محافظة قنا أن يزورها أندلسي من أهل الأندلس، وهو الرحالة ابن جبير الذي ذكر الكثير من آثارها ومعالمها وقراها في فترة العصر الأيوبي حيث يبدوا كتابه مرجعا مهما لقري ومدن قنا القديمة. وأضاف أن الوزير القفطي ذكر في كتابه الكثير من العلماء الأندلسيين الذين عاشوا وماتوا في قنا وكانت مقاماتهم موجودة ويزورها الأهالي مثل العالم الجليل إبراهيم ابن علي الأندلسي القناوي، حيث تم وصفه بأنه صاحب الكرامات، ومثل محمد ابن احمد كمال الدين القرطبي القنائي، لافتاً أن الأندلسيين كانوا يحتفظون بجنسيتهم الأندلسية كما كانوا يحتفظون بلقب القنائي نسبة لقنا. وأوضح ضياء العنقاوي، أن عبدالله القرشي هو من أشهر علماء الأندلس، وهو محمد ابن احمد ابن إبراهيم الهاشمي الأندلسي الشهير بعبدالله القرشي، وكان عالما جليلا فاضلا درس بقنا وتوفي بها، لافتا أنه جاور سيدي عبدالرحيم القنائي الذي بني طرازه المعماري الأثري علي الشكل الأندلسي . وأكد العنقاوي أن المدونات الأهلية تظهر الكثير من ذرية وأنساب الأندلسيين الذين استقروا في قنا وكونوا عائلات وقبائل، مشيرا إلى أن عبدالله القرشي له الكثير من التعاليم في الأخلاق الإسلامية والإنسانية مثل "أبت البشرية أن تتوجه إلي الله تعالي إلا في الشدائد"، ومن أقواله أيضاً "لا يكون الإتلاء إلا في الفحول من الرجال". مقام سيدي عبدالله القرشي مقام سيدي عبدالله القرشي