أثار الكتاب الجديد الذي أصدره الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي بعنوان "صناعة المستقبل: الاحتلالات، التدخلات، الإمبراطورية والمقاومة" الجدل حوله لما تضمنه من آراء نقدية عنيفة تجاه السياسة الأمريكية جعلت الكاتب البريطاني "جون جراي" يكيل له الاتهامات بتشوية صورة الولاياتالمتحدة. قال إن الصورة التي يقدمها تشومسكي للولايات المتحدة في كتابه سلبية للغاية، وتصور أمريكا علي أنها العقبة الوحيدة للسلام في العالم، وأن أمريكا هي شر مطلق وسبب كل المشاكل بالعالم وأن غزو العراق كان نموذجاً علي الإمبريالية الأمريكية وتعبير عن نظام هو في أساسه مجرم وشرير، وأن الولاياتالمتحدة في طور السقوط. ويقول جون جراي في عرضه للكتاب بصحيفة "الجارديان" البريطانية إن تشومسكي تغاضي عن كل مساوئ القوى العالمية الأخرى ولم يذكرها إلا عرضاً في سبيل تشويه صورة الولاياتالمتحدة، فهو يظهر الصراع في الشرق الأوسط علي أنه صنيعة أمريكية خالصة وكأنه لا يوجد صراع هيمنة علي المنطقة بين إيران وإسرائيل كما يقول جراي، وهو يحملها مسألة الحرب التي لا تنتهي بأفغانستان، غاضاً البصر عن الصراعات القبلية والجيوسياسية التي تعاني منها المنطقة أصلاً. ودفعت تلك الاتهامات التي كالها جراي تشومسكي إلي الدفاع عن نفسه في مقالة نشرت ب"الجارديان" بعنوان "اتهامات غاضبة، لاعقلانية مذهلة، وكلام فارغ" رداً علي الإتهامات. ودفع تشومسكي تهمة التركيز علي تشوية صورة الولاياتالمتحدة عن نفسه مبدئيا، بتوضيح أن الكتاب يبدو ناقداً للسياسة الأمريكية علي وجه الخصوص حيث يعد تجميعاً لمقالات كتبها نقداً للسياسات الأمريكية والبريطانية علي وجه الخصوص، حيث كانا الهاجس الأساسي وراء كتابة تلك المقالات وهو هاجس مشروع برأيه. وقال تشومسكي إن جراي يركز علي مقولة تراجع أمريكا وسقوطها التي ذكرتها، وهي في الحقيقة افتتاحية واحدة كتبتها انتقاها هو من 29 افتتاحية تتناول هذا الموضوع، وقال تشومسكي إن ما قصدته هو سيطرة المال علي صناعة القرار والتشريعات بالكونجرس وهو ما يمثل موت الديمقراطية. ونفي تشومسكي ألا يكون قد تعرض للصراعات الأخري بالشرق الأوسط، والتي تتمثل في صراع الهيمنة بين إيران والسعودية، ولكنه قال إن الولاياتالمتحدة تدعم الحكام العرب وتلتزم بوجهة نظر النظم الديكتاتورية في البلاد العربية، وهي ممارسات لا علاقة لها بالديمقراطية ولكن علي ما يبدو أن جراي لا يدرك ذلك، والناس في الشرق الأوسط يعتبرون الولاياتالمتحدة واسرائيل هم تهديد لهما بالفعل ما يجعل قطاعاً من الناس بالمنطقة يؤمنون بأن حصول إيران علي السلاح النووي يمكنه أن يجعل الإقليم أكثر أمنا.