عقب انتهاء كل شتاء، تبدأ مواجهة وزارة الري لموسم الأمطار والسيول؛ لتقييم إجراءاتها في التعامل معها، وتلافي السلبيات؛ استعدادًا للموسم الجديد، وهو ما بدأت به الوزارة مع نهاية النصف الأول من عام 2017. فقد وقعّت وزارة الري في نهاية مارس 2017، بروتوكول تعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة؛ لتنفيذ أعمال حماية من السيول في جنوبسيناء، بتكلفة تبلغ نحو 220 مليون جنيه، تشمل مدن (نويبع - دهب - أبو رديس - سانت كاترين)، بعد انتهاء الجهاز من حماية 11 واديًا نشطًا في وادي وتير بمدينة نويبع، في مطلع عام 2016، بتكلفة حوالي220 مليون جنيه، بالإضافة إلى رصد نحو 1.35 مليار جنيه؛ لتنفيذ أعمال حماية من أخطار السيول خلال الأعوام المقبلة (2017 - 2019). إستراتيجية وزارة الري، في التعامل مع ملف السيول، ترتكز على محورين، أولهما، التقليل من المخاطر التي تصاحب هذه الظاهرة من آثار تدميرية، بتنفيذ أعمال صناعية، تتنوع بين سدود إعاقة، وحوائط توجيه، ومعابر توجيه مياه السيول إلى المجاري المائية والخلجان، وثانيهما، هو تعظيم الاستفادة من هذه الظاهرة الطبيعية، باستقطاب مياه الأمطار المسببة للسيول، بإنشاء بحيرات صناعية وسدود تخزينية، تكون بمثابة نواه للتنمية المستدامة. ولذا فقد أنشأت الوزارة، ما يزيد على 191 بحيرة جبلية في سانت كاترين، سعة الواحدة نحو ألف متر مكعب، وكذلك إنشاء 3 بحيرات صناعية بوادي وتير؛ لتخزين ما يزيد على 12 مليون متر مكعب، بالإضافة إلى إنشاء 8 سدود إعاقة تحجز ما يزيد على 6 ملايين متر مكعب من مياه السيول. تكتمل منظومة الحماية من أخطار السيول، بإضافة بُعد "الرصد" لأعمال وزارة الري، بتركيب أجهزة لرصد كمية الأمطار، تعمل بالطاقة الشمسية، بما يساهم بشكل كبير في رصد وتحديد كميات الأمطار التي تسقط على المحافظات- بحسب تصريحات سابقة لرئيس إدارة "تليمتري" ل"بوابة الأهرام"- بما يساعد في رفع كفاءة الأجهزة التي تتعامل مع ظاهرة السيول الفيضية، ويسهم في تلافي أضرارها المدمرة. المنظومة المتكاملة لرصد الأمطار، اتخذت مكانًا في 30 موقعًا بالجمهورية، بتكلفة بلغت نحو 950 ألف جنيه، يستفاد من بياناتها بصورة لحظية، في التحقق من نتائج النماذج الرياضية المستخدمة في التنبؤ، وإرسالها إلى متخذي القرار؛ للوقوف على الوضع في حينه، واتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، للتعامل مع الأضرار الناجمة عن الأمطار، والاستفادة منها، والتقليل من آثارها، وتوجيهها لخدمة منظومة المياه؛ للوفاء بمتطلبات التنمية الزراعية. ورغم تلك الجهود الكبيرة، لتلافي أخطار السيول وآثارها المدمرة بالمحافظات، تكشف هيئة الرقابة الإدارية مخالفات عديدة، على المخرات، قد تؤدي لكوارث حال حدوث السيول. ففي نهاية شهر سبتمبر من العام 2017، كشفت حملة للرقابة الإدارية بمحافظة الأقصر، عن عدم جاهزية بعض مخرات السول، وانسداد مداخلها ومخارجها، داخل مدينة "الطود"، بالإضافة إلى وجود بعض التعديات عليها بالبناء وذلك منذ فترات طويلة. وفي محافظة سوهاج، كشفت الرقابة الإدارية عن عدم إجراء أي تعديلات على السدين الموجودين بمنطقة مخر السيول فى قرية "الحاجر"، واستمرار انهيارهما، وكذلك عدم إجراء أي أعمال صيانة لهما، رغم وجود اعتماد مالي بقيمة 22 مليون جنيه؛ لإحلال وتجديد السدين، وإنشاء بحيرة لتجميع المياه، كما تم رصد 51 منزلًا على الجانب الأيسر من مخر سيل في مدينة شرم الشيخ، وهو ما يعد خطورة على المباني وقاطنيها. المهندس على المنوفي، رئيس قطاع الموارد المائية والري للوجه القبلي، علل عدم القدرة على تلافي أثار السيول السيئة في بعض مناطق الجمهورية، بأن الجهات المعنية تفاجأت بتضرر تلك المناطق، رغم عدم تصنيفها كمناطق تضربها السيول من قبل، مثل رأس غارب، وشمال وجنوبسيناء، وأرجع ذلك، إلى التغيرات المناخية، التي أدت إلى الاختلاف الكبير في درجات الحرارة، وهو ما أدى إلى التباين الشديد في كمية السيول والأمطار، وتكراريتها على مصر. ولفت المنوفي، في تصريحات سابقة ل"بوابة الأهرام"، أن الوزارة كانت قد أنشأت أعمال الحماية من أخطار السيول منذ سنوات، ولكنها أصبحت غير مناسبة الآن لحجم السيول، التي تغيرت شدتها وتكرارها، بسبب التغيرات المناخية، وكان لزاما عليها إعادة تقييم وتطوير هذه المنشآت، فأضافت إلى منشآت الحماية، البحيرات الصناعية، سدود الإعاقة، وحواجز توجيه مياه السيول. تجارب المحاكاة، وسيناريوهات الأزمة، إجراءات تدريبية نفذتها وزارة الري بالتعاون مع الجهات المعنية بالمحافظات؛ للاستعداد لمواجهة موسم السيول والأمطار، من خلال وضع تجارب لمحاكاة ضرب السيول للمحافظات، ووضع سيناريو للأزمة؛ للتدريب على كيفية تعامل الأجهزة المعنية بالمحافظات معها؛ لمراقبة استعدادات الأجهزة المعنية؛ ولإظهار نقاط الضعف، التي يجب تلافيها خلال التعرض لموسم السيول والأمطار، لتعلن في نهاية أكتوبر من العام 2017 عن جاهزية 117 مخرًا لاستقبال مياه الأمطار والسيول. خطر داهم تم رصده، ليس في مناطق نائية، ولكنه هذه المرة في عمق القاهرة الكبرى، فالخطر يحدق بمنطقة زهراء المعادي، ويهدد بقائها ووجودها في موسم الشتاء، إذا ما تعرضت المنطقة للسيول، بسبب مشكلات وتعديات لحقت بمخر سيل طرة -أحد المخرات الأربعة الموجودة بالقاهرة- أحدها خطأ فني في مخر السيل، بتصميم ماسورتين للصرف، أعلى المخر، وكان من المفترض أن تمر الماسورتان أسفل المخر، وثانيها، أن غرفة المحابس لماسورتي الصرف تمنع تصريف مياه السيول والأمطار. وفي استجابة للوضع الخطر، أعلنت وزارة الري، في مطلع شهر نوفمبر من العام 2017، عن تطهير المخر، وإزالة العوائق منه، وتشغيل المسافة من مصب المخر بنهر النيل حتى نهايته، وقام الجهاز التنفيذي بالتشغيل في المسافة من نهاية المخر - تقاطع المخر مع طريق الأتوستراد- وفي اتجاه المصب، لنأمل في نهاية رصد هذه الجهود، أن يمر موسم الشتاء بسلام، دون أي كوارث تلحق بالبنية التحتية أو الطاقة البشرية.