بعد أحداث بورسعيد الدامية واستدعاء رئيس الوزراء ووزير الداخلية للبرلمان للمُساءلة، ظهر تساؤل عن صلاحيات مجلس شعب الثورة.. إلى أى مدى تصل صلاحياته؟.. فهل يملك مجلس الشعب استدعاء رئيس الجمهورية أو المشير طنطاوى بصفته القائم بأعمال رئيس الجمهورية لمساءلته حول الدور السياسى للمجلس العسكرى فى الأحداث؟ وهل ننقل السلطة فورا أم بعد وضع دستور؟ اللواء سيد هاشم فى حوار ه مع البوابة أكد أن نظامنا السياسى (ملعبك)، ولا يسمح لنواب الشعب بمسآلة رئيس الجمهورية سياسيًا. وشدد على أن المجلس العسكرى ليس وحده المسؤل، والدليل أن دور مجلس الشعب بدأ يظهر فى الأفق، الخبير القانونى يرى أن المقصود من الأحداث الدفع بالصدام ليكون بين الجيش وشعبه، مؤكدًا أن تكوين وتأهيل المجلس العسكرى لادارة معارك حربية وليس لإدارة البلاد، فالجيش مهمته أن يكون وجهه للعدو وظهره للشعب يحميه وليس العكس... وشدد على أن المجلس العسكرى يريد أن يضمن تسليم السلطة لأيد أمينة وبدأ يتخفف من سلطاته بالفعل.. *بداية أسأل اللواء سيد هاشم عن رأيك فى المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد؟ يرى اللواء سيد هاشم أن أركان الدولة فى هذه المرحلة الحرجة ثلاثة .. هى المجلس الأعلى للقوات المسلحة والأخوان المسلمين سواء كجماعة دينية أو الحزب السياسى أو كأغلبية برلمانية، والشباب الذين لا يمكن تجاهلهم بعد الثورة كقوة مؤثرة وفاعلة فى المجتمع . الآن على كل سلطة القيام بدورها، فهناك "مونفستو" لسلطات الدولة الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتحكمها مجموعة ضوابط وفقًا للنظام ( السياسى الرئاسى) الذى لا يتيح لمجلس الشعب سحب الثقة من الحكومة . * هل يستطيع البرلمان استدعاء المشير لسؤاله عن دور المجلس العسكرى فى الأحداث؟ البرلمان فى النظام الرئاسى لا يسمح استدعاء رئيس الجمهورية ولا يملك صلاحيات النظام البرلمانى الذى يتيح سؤاله ويعطى للرئيس صلاحيات هائلة، ووفقًا لدستور 71 الملغى كان رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة والهيئات القضائية ويرأس 30 وظيفة، وهذا السبب الرئيسى الذى أفسد النظام وجعل كل شيء منوط بالرئيس . لذلك علينا فى المرحلة القادمة حتى لا نخلق فرعونًا جديدًا أن نقيد سلطات رئيس الجمهورية فى الدستور وجعله خليطًا بين النظام الرئاسى والبرلمانى مثل النظام الفرنسى، واللافت أن مرشحى الرئاسة لا يريدون نظام برلمانى لخوفهم من الأخوان وسيطرتهم على البرلمان وجمعهم للسلطات التشريعية والرقابية والتنفيذية معًا. الوضع الحالى يجعل أى قانون يصدره البرلمان غير نافذ الا اذا وافق عليه رئيس الجمهورية وإذا رفضه يعود للبرلمان . ولا يتيح استدعاء رئيس الجمهورية لسؤاله فى البرلمان، حتى مُساءلة الوزراء، وجدت نفسها فى مأزق وتفسيرات قانونية متباينة حول نص المادة. *إذن كيف يستطيع مجلس الشعب أن يشرع ويراقب ويداه مغلولتان ؟ مجلس الشعب يملك العديد من الأدوات، والدليل ما نراه من تشكيل لجنة تقصى حقائق، والبحث عن محاسبة الوزراء، وسلطة التشريع هلى أهم سلطات الدولة التى ترسم طريق باقى السلطات، المهم هو توفر الارادة للتحرك للأمام، انظرى الى لجنة الدفاع والأمن القومى فى منتهى الأهمية، ولجنة الشباب التى طلبت فصل كبار مساجين طرة ونقل الرئيس السابق من المستشفى الدولى الى مستشفى السجن وبدأ تطبيق ذلك بالفعل، والكيان الفاعل فى مجلس الشعب هم الاخوان الذين أعتبرهم ( جبل ثلج)، فعلى كل القوى أن تتحمل مسؤليتها ودورها أمام الشعب ولا يلقى بكل الحمل على القوات المسلحة. *وماذا ترى حول حماية الجيش للشرطة فى كثير من الأحداث رغم التجاوزات القاتلة؟ القوات المسلحة يجب أن تحمى الشرطة، فلو سقطت الداخلية من يتبقى لحماية الأمن الداخلى، الجيش، إذن محاولات اقتحام الأقسام والسجون بعد أن اهتزت صورة الشرطة من جديد جر للجيش لينزل الى الشارع مرة أخرى حتى يواجه الجماهير الثائرة ويحدث احتكاك جديد بين الشعب وجيشه. *ما أكبر أخطاء المرحلة الانتقالية ؟ أبرزها تجاهل الشباب، فهذا ما أدى الى التهابهم ودفع للفوضى التى تسمح بدخول عناصر البلطجة والعنف بين صفوفهم . وأقولها بصدق المجلس العسكرى بتكوينه وتأهيله غير مؤهل لمهمة مدنية ضخمة بهذا الحجم، فمهمته ادارة المعارك وليس إدارة البلاد، ودائما يكون (وجهنا للعدو وظهرنا للشعب)، السلاح فى يد الجندى مدافع ومدرعات لذلك هو غير معد للتعامل الأمنى الداخلى وإذا استخدم يقتل عشرات الآلاف، والمهمة فرضت عليهم بواجب وطنى، لذلك هى ضرورة تقدر بقدرها وليست اختيار، ووجود الجيش منع حرب أهلية، وإذا تحملت كل سلطة مسؤلياتها سنعبر المرحلة الحرجة بآمان. علينا أن نعى أننا على مدار 30 عامًا يعيش الشعب محرومًا من التعبير عن رأيه، مجهل سياسيا واقتصاديا ومورس عليه كل أنواع القهر، الآن خرج الجميع للتعبير عن رأيهم وكل واحد يتخيل أنه صاحب الحق، لذلك نعيش حالة( تطرف ) فى ممارسة الرأى والتعبير وسط محاولات دائمة لاستغلال الجماهير . *وماذا عن انتقال السلطة.. هناك من يقول الآن وفورًا؟ المجلس العسكرى يريد أن ينقل السلطة، ويريد أن يتخلص من مسؤلية ثقيلة ألقيت على عاتقه، لكنه لا يريد الاأن يسلمها ( لسلطة أمينة ) على البلاد، والدليل هو دعوة مجلس الشعب للانعقاد بعد الانتخابات مباشرة، وكان يملك وفقًا للاعلان الدستورى أن يظل منفردًا بالسلطة ولا يدعو البرلمان للاتعقاد الا قبل تسليم السلطة مباشرة، الآن البرلمان يملك التشريع والرقابة، ووضع موازنة الدولة والسياسة العامة للبلاد . ويشدد اللواء سيد هاشم أن "القانون" غير"الواقع"، فالآن الشباب هم من يحكمون الشارع، فالقوى الثورية الجديدة تتحكم فى سير الأمور دون أن يكون لها تمثيل تنفيذى حقيقى، وهذه هى المعضلة التى يجب أن تحل . فى تونس من أهم ماحققوه أنهم استطاعوا تحديد أهم تجمعات سلمية تخرج فيها الجماهير وتسطيع أيادى النظام القديم استغلالها ودس بلطجية وسطهم، فجعلوا مباريات كرة القدم مستمرة لكن بدون جماهير، تنقل عبر التلفزيون.لابد أحيانًا من اختيارات صعبة لا ترضى كل الأطراف. لكن اذا تجاهلنا وضع دستور للبلاد يضمن تحديد مسؤليات رئيس الجمهورية القادم وسلطاته وحدود كل سلطة، لن نتقدم للأمام على العكس، وخلال الشهور القليلة القادمة دورنا جميعا أن نحمى الشرطة، ومن يستطيع أن يعيش بلا حماية وأمن فليهاجم الشرطة، علينا البدء الآن وليس غدًا فى هيكلة الداخلية وغلق منافذ الفساد فيها، وعلى الحكومة أن تقوم بدورها فى هذا الصدد قبل الاقتصاد، لأن الأمن والثقة إذا عادت للشرطة ستعود السياحة والاقتصاد والاستثمار وهذا مايحوِّل المخربون عرقلته.