يكرم مهرجان الموسيقى العربية في دورته ال26، والتي تنطلق غدًا الأربعاء، بدار الأوبرا المصرية، 24 شخصية من الرموز الفنية على مستوى الوطن العربي. وتضم قائمة التكريمات عددا كبيرا من الموسيقيين المصريين الذين أثروا في الثقافة الموسيقية المصرية، ومن بين هؤلاء الموسيقار راجح داوود والذي يمثل مرحلة شديدة الأهمية في تطور الموسيقى التصويرية في السينما المصرية ، علاوة على كونه مؤلفاً موسيقياً مصرياً معاصراً من أبناء الجيل الثالث. راجح داوود ،هو أحد تلامذة أعمدة مدرسة التأليف الموسيقي المعاصر الراحل جمال عبد الرحيم، والذي كان يكرس مجهوده في البحث عن أسلوب موسيقي تندمج فيه عناصر التراث المصري مع القوالب الموسيقية الغربية مما جعل لديه شكلًا مميزًا لموسيقار لينتقل الأمر بعد ذلك لتلميذه راجح داوود الذي اتخذ من السينما مدخلها لتقديم موسيقاه التي تحمل بعدًا فلسفيًا يجعل المشاهد أكثر قربًا من الصورة. يبحث راجح داوود دائما في أعماله عن الفكرة التي قد تكون للتوزيع الأوركسترالي أو لحناً، أو تضاداً لحنياً أو تتابعاً لتآلفات موسيقية تعبر عن شخصيات أو أماكن أو أحداث، أو قد تكون الفكرة نسيجا صوتيا لآلة من الأوركسترا السيمفوني، أو آلة شرقية، أو آلة شعبية تنتمي لثقافات أخرى. الموسيقى التصويرية عند راجح لم تعد مقطوعات موسيقية منفصلة توضع في أماكن محددة في العمل السينمائي بل تمتزج مع الشخصيات والأحداث، وقد استحضر في بعض الأعمال السينمائية أصداء قوالب موسيقية قديمة تنتمي لعصور الباروك والكلاسيك مثل قالب الباساكاليا في موسيقى فيلم الكيت كات ليخرج من صندوق الموسيقى الكلاسيكية الغربية التي سيطرت على لأفلام المصرية لسنوات طويلة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى وكانت أول خطوة فى مشواره مع الموسيقى السينمائية لفيلم "الصعاليك" للمخرج داوود عبد السيد. واعتبر راجح داوود امتداداً لمدرسة هامة في الموسيقى التصويرية لكل من اليوناني أندريا رايدر اليوناني والمصري علي إسماعيل لكن راجح داوود تميز بابتعاده عن استخدام الأنماط المعروفة في التأليف والتوزيع الأوركسترالي ، وبدأ في البحث عن مجموعات مختلفة من الآلات قد تكون من الأوكسترا السيمفوني أو تكون من خلفية شرقية كالعود والقانون والدربكة والرق والناي والربابة أو من خلفية ثقافية شعبية مثل البان فلوت والماريمبا فمثلاً استخدم الفلوت في فيلم "الفضيحة"، و"الكلارينيت" في "سارق الفرح"، والبان فلوت في "أرض الخوف"، والعود والأرغن في فيلم "الكيت كات" ل داوود عبد السيد، و"القانون والفلوت" في "عصافير النيل" للمخرج مجدي أحمد علي. وكان بصمة الموسيقار الكبير واضحة في الفترة الأخيرة من خلال فيلم "قدرات غير عادية" الذي طرح بالعام الماضي، للمخرج داوود عبد السيد حيث كانت موسيقاه هي البطل الحقيقي للعمل والتي ترجمت لمشاهد عمق الصورة والكادرات الواسعة التي استخدمها المخرج في عمله. داوود عبد السيد حالة موسيقية متفردة، تكتمل الدراما السينمائية التي تحمل بعدًا فلسفيًا بموسيقاه التي يجعل المشاهد من خلالها يدخل بعمق أكبر مع تفاصيلها.