أحيت العاصفة أوفيليا مناسبة "اليوم الدولي للحد من الكوارث "، التي تحل غدا الجمعة، بطريقتها الخاصة، حيث اشتدت قوتها متحولة إلى الإعصار العاشر من الأعاصير التي ضربت منطقة المحيط الأطلنطي هذا العام. وتذكر هذه العاصفة الإستوائية - التي اشتدت قوتها أمس الأربعاء لتصبح الإعصار العاشر هذا الموسم في منتصف المحيط الأطلسي - المجتمع الدولي بالهدف الرئيسي الذي من أجله حددت الأممالمتحدة يوما دوليا للحد من الكوارث، وهو توعية البشر بكيفية اتخاذ إجراءات للحد من خطر تعرضهم لها. والشعار الذي حمله اليوم الدولي للحد من الكوارث هذا العام هو "الأمن المنزلي في إطار خفض التعرض للمخاطر وبالتالي خفض نسبة التشرد"، مستهدفا إذكاء الوعي العالمي بالإجراءات والسياسات والممارسات الفعالة، فيما يتصل بخفض التعرض للمخاطر على مستوى المجتمعات المحلية، وبالتالي المساهمة في الحفاظ على منازل البشر ومعايشهم. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في ديسمبر عام 1989، يوم الأربعاء الثاني من أكتوبر ليكون اليوم الدولي للحد من الكوارث الطبيعية، وواصلت الاحتفال بهذا اليوم العالمي بشكل سنوي خلال العقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية من (1990 - 199)، ثم قررت في ديسمبر عام 2009، تخصيص يوم 13 أكتوبر موعدا للاحتفال وتغيير الاسم إلى "اليوم الدولي للحد من الكوارث ". والعام الدولي للحد من الكوارث، مناسبة لتقييم الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن كوارث الطبيعة والإنسان، ومقارنتها سنويا، حيث يسجل العالم سنوياً خسائر بشرية واقتصادية هائلة بسبب الكوارث الطبيعية من فيضانات، زلازل وحرائق، فيما تستعر الحرائق في بلدان وغابات متعددة في مناطق مختلفة من العالم. وتشير الإحصائيات إلى أن عام 2016 شهد كوارث طبيعية عديدة تسببت في مقتل 8700 شخص، مما يعتبر انخفاضاً ملحوظاً عن أعداد الضحايا المسجلة في عام 2015، التي ناهزت ال 25 ألفاً و400 شخص، وفي المقابل كان للكوارث الطبيعية آثار اجتماعية مدمرة، حيث أدت إلى انتقال 26 مليون شخص إلى ما دون خط الفقر، المحددة ب 1,90 دولاراً في اليوم. وتختلف الأرقام المسجلة لعام 2017 باختلاف مصادر التقارير، إلا أن أغلبها أجمع على انخفاض نسبة الضحايا والأضرار بشكل عام. وتشير تقارير البنك الدولي لعام 2017، إلى أن تكاليف الأضرار المادية الناجمة عن الكوارث ارتفعت من 20 مليار دولار في المتوسط سنويا في تسعينيات القرن الماضي إلى 100 مليار دولار سنويًا في العقد الأول من هذا القرن أي ما يعادل خمسة أضعافها، لافتا إلى أن الكوارث الطبيعية بلغت خلال عامين فقط 994 كارثة، وأثرت في أكثر من 326 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. وقال "سامح وهبة" مدير التنمية الحضرية والريفية في إدارة مخاطر الكوارث في البنك الدولي، إن حالة الهشاشة في أجزاء كثيرة من العالم تتفاقم بشكل خطير ويزداد تأثير الكوارث بسبب الأخطار الطبيعية من حيث الحجم والشدة ، مشيرا إلى أهمية تحسين الانتعاش من الكوارث والأزمات خاصة في الدول الهشة. وفي الوقت نفسة ، أعلنت فيه "ميونيخ ري" لإعادة التأمين في تقريرها السنوي عن الكوارث الطبيعية، أن شركات التأمين دفعت نحو 50 مليار دولار في مطالبات تعويضات لأضرار الكوارث الطبيعية خلال العام الماضي 2016، وهو ما يصل تقريبا إلى ضعف المبلغ المدفوع في عام 2015 والذي بلغ 27 مليار دولار. وكانت الزلازل في اليابان والفيضانات المدمرة في الصين - التي غطى التأمين 2 في المائة فقط من خسائرها - أعلى الكوارث الطبيعية تكلفة من حيث قيمة التأمين خلال العام الماضي الذي شهد ثاني أقل معدل وفيات نتيجة الكوارث الطبيعية خلال 30 عاما، ولم يشمل التأمين خسائر بلغت قيمتها نحو 125 مليار دولار ، ويعد عام 2016 الأعلى تكلفة في تعويض الضرر الناتج عن الكوارث الطبيعية بعد ثلاث سنوات من الخسائر القليلة نسبيا، كما يزيد على متوسط عشرة أعوام عند 45.1 مليار دولار. ومن جانبها دعت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بهذه المناسبة، إلى أن شعار السلامة والأمان لكل المنازل الذي يحمله هذا العام اليوم الدولي للحد من الكوارث ، يمثل فرصة لتعبئة العالم وتعزيز التعاون مع جميع الجهات المعنية ، مشيرة إلى إمكانية الحد من المخاطر الناجمة عن التوسع الحضري السريع والفقر والتدهور البيئي وتغير المناخ، حيث يتعين علينا في المقام الأول تجنب إحداث المخاطر منذ البداية، ويقتضي ذلك المزيد من التعليم والثقافة والمعارف المحلية، إلى جانب مهارات الوقاية. وأضافت أنه في عام 2016 اضطر24.2 مليون شخص إلى مغادرة ديارهم بسبب الكوارث، وتوفي على مدى السنوات ال 20 الماضية أكثر من 1.35 مليون شخص جراء هشاشة أوضاعهم وتعرضهم للمخاطر الطبيعية، وكانت الخسائر البشرية فادحة في أوساط النساء والفتيات ، ونزح في العقدين الأخيرين أكثر من 4 مليارات شخص. وتعد الخسائر في الأرواح جراء الكوارث مأساة حقيقية، والدمار الناجم عن ذلك باهظ التكاليف، حيث تحدث الكوارث خسائر اقتصادية سنوية تتراوح بين 250 و 300 مليار دولار أمريكي على وجه التقدير، ومن المرجح أن يرتفع الرقمان من جراء تزايد الضغوط الناجمة عن تغير المناخ والاكتظاظ السكاني والتوسع الحضري. وذكرت بوكوفا أن اليونسكو تتضامن مع جميع الأشخاص المتضررين من الكوارث في جميع أنحاء العالم ، ويجب أن يحول هذا التضامن إلى سياسات عامة ملموسة للمضي قدما في تنفيذ إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث، وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، واتفاق باريس بشأن المناخ. وتعمل اليونسكو على جميع المستويات للدعوة إلى التوعية بشأن المخاطر والوقاية منها والتأهب لها، ويشمل عملها المتشعب التفاعل بين العلوم الطبيعية والاجتماعية والتعليم والثقافة والاتصال للحد من التعرض للمخاطر وحالات النزوح من خلال بناء القدرات وتبادل المعارف وإقامة الشبكات، والإنذار المبكر وإسداء المشورة في مجال السياسات.