خرجت الانقسامات إلى العلن بين القادة الانفصاليين الكتالونيين بشأن خطط لاعلان الاستقلال من طرف واحد في أعقاب استفتاء على الانفصال اعتبرته مدريد غير شرعي. وهدد رئيس إقليم كتالونيا كارليس بوتشيمون بإعلان الاستقلال "في غضون أيام" لكن وزير قطاع الأعمال في الإقليم سانتي فيلا اقترح "وقف لإطلاق النار" في الخلاف مع الحكومة المركزية في مدريد. وفي مقالة نشرت في صحيفة "آرا" الكتالونية اليومية، حث المعسكر المؤيد للانفصال على "التفكير في منفعة وعواقب" الإعلان عن استقلال. وأرجأ بوتشيمون حتى الثلاثاء، جلسة للبرلمان الكتالوني في وقت طالب بعض القادة بالإعلان عن الاستقلال، وكانت جلسة البرلمان لمناقشة نتائج استفتاء الأحد الماضي، مقررة ليوم الإثنين، لكن المحكمة الدستورية الإسبانية أمرت بتعليقها. كما أن الحكومة الكاتالونية لم تصادق بعد على نتائج التصويت، وهي الخطوة التي قد تتطلب فترة يومين يمكن للبرلمان أن يعلن فيها الاستقلال. والمشاركون في الاستفتاء اختاروا بغالبية ساحقة الانفصال، لكن نسبة المشاركة لم تتعد 43% فيما قاطع الكتالونيون المؤيدون للبقاء في إسبانيا التصويت. وفيما يحث الوزير فيلا على توخي الحذر، فإن بوتشيمون يتعرض لضغوط هائلة من حزب اليسار المتطرف "حملة الوحدة الشعبية"، الذي تحتاج حكومة بوتشيمون إلى تأييده لتمرير التشريع-- للتحرك بسرعة.
وقال المشرع عن حزب "حملة الوحدة الشعبية" كارليس رييرا "حانت لحظة ممارسة تقرير المصير المحتومة ولا مفر منها". وألقى ارتور ماس سلف بوتشيمون بثقله وقال لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إنه يتعين على القادة الكتالونيين ألا يركزوا على "كيفية إعلان الاستقلال، بل كيفية جعله فعالا". وقال محللون، إن الحكومة الكتالونية تجازف بخسارة التعاطف الدولي وإعطاء مدريد ذريعة لرد متشدد إذا ما أعلنت الاستقلال على أساس تصويت غير دستوري. لكن إذا انتظرت طويلا قبل التصرف حيال نتائج التصويت فإنها قد ترى تلاشي الزخم وراء حركة الاستقلال. والسجال لا يقتصر فقط على السياسيين، فانصار المعسكر الانفصالي أيضا منقسمون بشأن الإستراتيجية التالية. وقالت اولغا جوباني أستاذة الانتروبولوجيا في برشلونة "لدى نزاع داخلي. لا أريد إعلانا للاستقلال من طرف واحد يدوم خمس دقائق". وقال جوان بوتيلا عميد كلية العلوم السياسية بجامعة برشلونة المستقلة، "هناك شعور بالخطر الحقيقي ليس فقط بالقلق". من جهته حث رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي الذي يتعرض للضغط لاتخاذ خط أكثر تشددا تجاه الانفصاليين، بوتشيمون على عدم المضي قدما بإعلان الاستقلال لتجنب "مشكلات أكبر". واعتبرت تعليقاته إشارة إلى بند في الدستور الإسباني لم يستخدم من قبل، يسمح للحكومة المركزية بتعليق سلطة حكومة إقليمية. وقال بوتيلا "بقيت بضع ساعات لتجنب تصادم مباشر ... إنها ساعات حاسمة". يطالب بوتشيمون منذ إجراء الاستفتاء بوساطة دولية. وتقوم سويسرا باتصالات مع طرفي النزاع "لكن الشروط لتسهيل (حوار) غير متوفرة في الوقت الحاضر"، كما قالت وزارة خارجيتها. وبغياب وساطة خارجية فإن الخيار الوحيد هي الوساطة داخل أسبانيا. والتقى بوتشيمون مع لجنة شكلها قانونيون من برشلونة، تضم أكاديميين وممثلين عن النقابات وقطاع الأعمال. وأوصت اللجنة أن لا يتخذ الطرفان أي "قرارات فورية" وبسحب الآلاف من عناصر الشرطة الإضافيين الذين نشروا في كتالونيا قبيل الاستفتاء وبإنشاء "لجنة حوار". وقال كزافييه اربوس بروفسور القانون الدستوري في جامعة برشلونة، "إنها ساعات حاسمة، لا يمكننا توقع بروز وسيط فجأة، أو أن تقبل الحكومتان بمقترح للحوار". وأضاف "رغم أن الوضع مايزال مقلقا، أرى الآن أن هناك هامش وقت".