الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    "جبران" يلتقي وزيرة العمل الإيطالية لتعزيز التعاون المشترك    الصحة العالمية: أكثر من 1600 قتيل بهجمات على مرافق طبية بالسودان في 2025    إسرائيل ارتكبت مجازر إبادة جماعية فى غزة وتستثمر حادث سيدنى لكسب التعاطف    وزير الشباب والرياضة يلتقي البطل البارالمبي شريف عثمان ويوجه بتذليل العقبات    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    يسري نصر الله: باسم سمرة فنان كبير رغم عدم امتلاكه لغات أجنبية    الشرطة البريطانية تتوعد باتخاذ إجراءات حازمة ضد دعوات «الانتفاضة» في التظاهرات المؤيدة لفلسطين    في قبضة أمن الإسماعيلية.. كلاكيت تاني مرة شراء أصوات بالقصاصين والقنطرة شرق وغرب ( صور )    وزير العمل يبدأ زيارته إلى إيطاليا بلقاءات مع قيادات شركات التوظيف والتدريب    القومي لذوي الإعاقة: حريصون على تعزيز التعاون مع الأزهر    إصابة 6 أشخاص في تصادم ميكروباص وملاكي بالبحيرة    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    الزعيم عادل إمام يغيب عن عزاء شقيقته إيمان    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهي عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    بوتين: روسيا ستسعى لتوسيع مكاسبها في أوكرانيا حال فشل محادثات السلام    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    محمود كارم: خطاب الكراهية أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    إصدار عُملة تذكارية بمُناسبة مُرور 150 عامًا على إنشاء هيئة قضايا الدولة    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    محافظ القاهرة يتفقد عددًا من اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير العملية الانتخابية    مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تضامن المنوفية: تسليم 46 مشروع إنتاجي لتمكين المرأة الريفية    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال تحضيرا ل أولمبياد لوس أنجلوس    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    أجواء شتوية وفرص لسقوط أمطار.. الأمطار تكشف تفاصيل حالة الطقس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفتر أحوال الجامعة المصرية (1).. كيف نوقف النزيف؟
نشر في بوابة الأهرام يوم 06 - 10 - 2017

في الوقت الذي تخلصت فيه الجامعات العربية من مشكلات كثيرة أعاقت تقدمها زمنا، وقطعت شوطا كبيرا في التطور، مازال الذين يحملون هم هذا الوطن يتساءلون عند الحد الأدنى من التفكير في كيفية خروج جامعاتنا من كبوتها التي لا تخفى على أحد (ينكرها المسئولون عنها بجدارة)، تتساءل الجامعات العربية من حولنا عن كيفية المنافسة عالميا، ونتساءل نحن عن كيفية إيقاف نزيف الأخلاق المهدرة بيد الإدارة أولا، والأساتذة ثانيا (يكفي الإشارة إلى الثلاثي: التحرش – سرقة الأبحاث – الضعف العلمي) .
لا تكاد تنجو جامعة مصرية من واقعة سطو مسلح على أبحاث علمية بما فيها جامعة القاهرة نفسها بوصفها الجامعة الأعرق التي كانت يوما حلم الباحثين والدارسين العرب (منذ شهور حكم القضاء في واقعة من أكبر السرقات العلمية التي دارت أحداثها في جامعة القاهرة)، تتوالى السلسلة فارضة نفسها على مسرح الأحداث (سنعود إلى ذلك الملف الأخطر بالتفصيل والتوثيق).
مشكلات الجامعة المصرية ليست من خارجها تماما، صحيح إننا جميعا أبناء المجتمع خارج الجامعة، وليس الجامعيون كائنات قادمة من كوكب آخر ولكن على طريقة الشاعر: اِلبَس لِكُلُّ حالَةٍ لَبوسَها، إِمّا نَعيمَها وَإِمّا بُؤسَها" فما نكون عليه من أوضاع في بيوتنا أو في جلسات الأصدقاء ليست هي نفسها التي نكون عليها ونحن نمارس العملية التعليمية .
تفرض المقارنة نفسها بين أوضاع سابقة وأوضاع لاحقة، بين جامعاتنا وجامعات العالم أو جامعات إقليمية سبقتنا بمراحل في الوقت الذي نصر فيه على أننا في المقدمة، ولأننا نضع أنفسنا في المقدمة الزائفة لا نكلف أنفسنا جهد النظر حولنا أو وراءنا أو في أنفسنا وفيما نحن عليه من أوضاع لم يعد هناك قدرة على احتمالها .
علاقتي بالجامعة تمتد على مدار واحد وثلاثين عاما عبر تجربة جامعية تعاملت فيها مع خمسين (50 ) جامعة تعاملا مباشرا أتاح لي فرصة الاطلاع على لوائحها وقوانين عملها وطرائق تطبيقها أسس البحث العلمي، وكيفية معالجتها مشكلاتها، ومساحات التطور في عملها ، فقد درست في جامعتين(أسيوط فرع سوهاج ، جامعة سوهاج الآن –عين شمس)، وعملت في ثلاث جامعات: الفيوم- الجامعة الأمريكية – الإمام عبد الرحمن بن فيصل (الدمام سابقا) ، وشاركت في الإشراف أو تحكيم رسائل الماجستير والدكتوراه في إحدى عشرة جامعة (ست جامعات مصرية – ثلاث جامعات عربية – ثلاث جامعات ماليزية- جامعة في سلطنة بروناي)، وشاركت في تحكيم أبحاث للترقية في إحدى وعشرين جامعة مصرية وعربية وعالمية.
التجربة تفرض نفسها مما يجعلها أمانة واجبة التبليغ، يكون من الظلم أن أستأثر بها في زمن يعاني فيه كل من يتماس مع جامعاتنا صنوفا من المعاناة، جامعاتنا التي تدفع من يقاربها لنتيجة لا جدال فيها: الطالب المصري مظلوم ظلما بينا، لأنه الخاسر الأول قبل الوطن الذي تتوالى السنين لتزداد مشكلاته وتتسع الفجوة بين أجياله.
في مصر ثلاث وستون (63) مؤسسة للتعليم العالي:
- سبع وعشرون (27) جامعة حكومية.
- أربع (4) جامعات أهلية غير ربحية.
- عشرون (20) جامعة خاصة مملوكة للقطاع الخاص.
- اثنتا عشرة (12) أكاديمية.
وجميعها موزعة على محافظات مصر باستثناء خمس محافظات (الوادي الجديد – البحر الأحمرجنوب سيناءالأقصر) تضم فروعا لبعض هذه الجامعات، يضاف إلى ذلك ثلاث (3) جامعات مصرية خارج البلاد، وخمسة (5) فروع لجامعات مصرية خارج البلاد.
كل ذلك يعني أننا نملك قوة ضاربة من الجامعات، قوة من المنطقي أن تحقق مستوى أعلى يلعب فيها العدد المتنامي دوره المؤثر في المنافسة مما يعني تحقق الصالح العام سواء أكانت المنافسة بين الجامعات الحكومية فيما بينها أو الجامعات الحكومية والخاصة وهكذا، وجميعها منافسة تصب في صالح العملية التعليمية.
العدد مناسب بلغة الإحصاء (على الأقل مادامت هذه الجامعات تغطي محافظات مصر وليس هناك مسوغا لوجود جامعتين في محافظة واحدة، والقاهرة لا يقاس عليها بالطبع)، ولكنه ليس مناسبا بلغة الجودة أولا، وبلغة التنافس العالمي ثانيا، فالجامعات في تراجع واضح لمستواها، تراجع نعرف جميعا أسبابه، نعرفها ولكن لا نعترف بها (المعرفة نوع من الصمت نحبذه والاعتراف إقرار بمسؤولية نهرب منها) وكأن الأمر لا يعني أحدا ولا يشغل بال أحد، تتوالى الوزارات ويتبدل رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ويبقى الحال على ماهو عليه ، حال يدرك الجميع سوءه ، وأوضاع لا تخطئ عين رجل الشارع العادي ترديها ، وهو ما يتطلب الوقوف على أحوال الجامعة وأسباب ما آلت إليه ، وما ترتب على هذا كله من سلبيات تظهر آثارها في كل مناحي الحياة ، ليس على المستوى الاجتماعي في عمومه وإنما على المستوى الاجتماعي في خصوصه ، فالوعي الإنساني الذي قصرت الجامعة في بثه وغرسه في نفوس الأجيال أثمر آباء وأمهات يفتقدون للوعي بالحياة الأسرية والتربوية ، وليست أحوال الجامعة وأوضاعها ببعيدة عن ممارسات اجتماعية خاطئة نعانيها جميعا .
قديما كان الجامعي (مجرد خريج الجامعة) قيمة اجتماعية، وكان رمزا للطبقة الواعية المتزنة الممتلكة ثقافتها المتميزة والمدركة ممكنات التحضر وتطبيقات العلم ، ويوم أن كان في مصر خمس جامعات أو أقل كان مستوى الخريج أفضل بكثير مما هو عليه الآن ربما يبدو هذا منطقيا من أحد وجوهه ،فمن الطبيعي أن تمر البرامج والمخرجات بمراحل ضعف أو تستجد أسباب أو ظروف مختلفة (سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ) تكون بمثابة معوقات استمرار الثوابت ، ولكن غير المنطقي أن يلتزم الجميع الصمت وتقف الجامعة ملتزمة شعار كل شيء على مايرام وكأن الأمر لا يعني أحدا ، وانتقلت أخبار الجامعة إلى صفحات الحوادث ولم يعد هناك فارق ثقافي بين الجامعي وغير الجامعي .
ستكون الصفحات التالية بمثابة الحوار حول قضية أغفلها القائمون عليها (ضعفا أو تعمدا ) واكتفى الكثيرون بتسديد صرخات لا صدى لها عند من تكلف بالأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.