فتاوى شاذة ظهرت على الناس في الفترة الأخيرة، بداية من رضاعة الكبار، مرورًا بنكاح الوداع، ونكاح الجهاد، وأخيرًا فتوى معاشرة الزوجة الميتة، ومعاشرة للبهائم. فتاوى غريبة وشاذة شغلت الناس، وأثارت ردود فعل سيئة على المستويين الديني والشعبي، وهذه الفتاوى الجنسية الشاذة لا يقبلها عقل، والإسلام دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فمن أين أتوا بمثل هذه الفتاوى التي تتنافى مع الفطرة السليمة؟ وما هي الضرورة الملحة لطرحها؟ ومن الملاحظ على مثل هذه الفتاوى أن كلها مرتبطة بالجنس والجماع، وكأن المسلم لا يفكر إلا بنصفه الأسفل، والأغرب أن تصدر مثل هذه الفتاوى الشاذة من أساتذة من جامعة الأزهر، تلك الجامعة الوسطية المعتدلة التي دائمًا ما توصف بأنها تحمل وسطية الإسلام السني بلا تفريط ولا إفراط، ولو ظهرت مثل هذه الفتاوى على لسان بعض الدخلاء على الفتوى أمثال إسلام بحيري، أو الشيخ ميزو، ما تعجبنا، ولكن تصدر عن بعض أساتذة وعلماء الأزهر، فهذا ما يثر العجب، فقد أساءوا إلى الأزهر والإسلام معًا. وإذا كنا دائمًا ما نطالب بإبعاد غير المتخصصين في الدين الإسلامي عن الفتوى على شاشات التليفزيون، فهل جاء الوقت الذي نطالب فيه أن تقتصر الفتوى على "لجنة الإفتاء" بالأزهر الشريف فقط، ولا يمارسها حتى أساتذة الأزهر، ماداموا ليسوا أعضاء في "لجنة الإفتاء"؟ لقد أحسنت جامعة الأزهر عندما أحالت صاحبي الفتويين الأخريين: بجواز معاشرة الرجل لزوجته المتوفاة، ومعاشرة الإنسان للبهائم، إلى التحقيق أمام لجنة فقهية، يعقبها إعداد اللجنة الفقهية تقريرًا يحتوي على صحة ما نسبه، والملابسات الداعية للتصريح بتلك الفتاوى المثيرة للجدل ونشر البلبلة بين الجماهير. وإن كنت أتمنى من الإعلام المصري أن "يكفي على الخير ما جورًا"، وما كان هناك داع لأن تتناوله كل برامج "التوك شو" بالمناقشة والشرح واستضافة أصحاب الفتوى وآخرين للرد عليهما، وكأن الفضائيات قد عثرت على كنز، يزيد من عدد مشاهديها، دون الوضع في الاعتبار أن الموضوع كان يجب تجاهله لتفاهته، وليس تناوله بالشرح والتحليل والإفاضة.