أبدى عدد من خبراء الاقتصاد وأسواق المال تخوفهم من وصول الاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر إلى "صفر "خلال الأشهر القادمة، فى ظل النزيف الشهرى له منذ ثورة 25 يناير ، محذرين من العواقب الوخيمة لنفاد الاحتياطى من النقد الأجنبى. وكان البنك المركزي المصري قد أعلن أمس، الأول الخميس، عن تراجع الاحتياطي النقدي ليبلغ 18.11 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي مقابل 20.1 مليار دولار بنهاية شهر نوفمبر السابق لتفقد مصر نصف احتياطياتها من النقد الأجنبي خلال عام 2011 المنتهي. وقال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية أن تراجع الاحتياطى النقدى لمصر، يعد مسألة منطقية ومتوقعة نظرا لتزايد حجم الإنفاق مقابل قلة الإيرادات ، وتأثر السياحة التى تعتبر من أحد أهم مصادر الدخل الأجنبى لمصر. أشار إلى أن السياحة أسهمت فى تعظيم النقد الأجنبى بواقع 13 مليار دولار خلال العام السابق للثورة يناير بما يوازى نحو 40 مليون دولار ، وتأثرت بالسلب خلال العام المالى 2011. وأوضح أن البديل لانخفاض الاستثمارات العربية والأجنبية وزيادة المطالب من السلع الأساسية، هو الاقتراض أو الاتجاه للاحتياطى من العملة الأجنبية، مشيرا إلى أن الاتجاه الأول يشهد حالة من الجدل أما الثانى فيشهد استمرارا فى النزيف مع كونه عاملا مهما فى شراء السلع والخدمات الأساسية من الخارج بالعملة الصعبة. وأضاف أنه بلغة الأرقام والإحصائيات، فكل شهر تفقد مصر حوالى مليارى دولار وتم فقد 18 مليارا من 36 مليارا خلال عام، منوها أن شهر فبراير القادم هناك أعباء إضافية لخدمة الدين الأجنبى عن طريق تسديد فوائد وأقساط مستحقة وديون خارجية لذا فإننا فى حاجة إلى 4 مليارات جنيه لذلك . وأبدى عبده تخوفه من أن يصل الاحتياطى النقدى إلى" صفر "خلال الأشهر القليلة القادمة مالم تتولد سياسات تعمل على زيادة الاحتياطى من النقد وليس العكس . وأوضح أن هناك عواقب وخيمة إذا ما نفد الاحتياطى النقدى مشيرا إلى أن كل المحاولات الحالية من جانب حكومة الدكتور كمال الجنزورى تصب فى اتجاه ضغط النفقات واتباع سياسة تقشفية وهو أمر مهم، ولكن الأهم هو إيجاد سياسات من شأنها أن تؤدى إلى زيادة الإيرادات من النقد الأجنبى . وشدد على ضرورة وصول الأمن والأمان إلى أقصى درجة من الانضباط واتفاق جميع الهيئات والجهات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى على ضروة الاتجاه نحو الإنتاج وتسيير أمور البلاد لحين الخروج من تلك الكبوة التى تمر بها . من جانبه قال الدكتور حمدى عبد العظيم، خبير اقتصادى إن هذا التراجع فى الاحتياطى يعود إلى زيادة المدفوعات من النقد الأجنبى للعالم الخارجى لسداد ديون مستحقة، واستيراد السلع والخدمات من الخارج، وزيادة نسبة المدفوعات عن المتحصلات. وأشار إلى أن الملف الاقتصادى مرتبط بشكل كبير بالملف الأمنى واستقرار أمور البلاد ، الأمر الذى سيتحكم بشدة فى مجريات الأمور الاقتصادية من خلال دوران عجلة الصادرات لجلب العملة الأجنبية وجذب استثمارات أجنبيه وعودتها مره أخرى . وأوضح أن تعاملات البورصه تتأثر بشدة مع انخفاض أرقام الاحتياطى المعلنة ويتضح ذلك فى انخفاض قيم وأحجام التداول والتراجع المستمر للمؤشرات. أما محسن عادل، خبير أسواق مال، فتوقع أن يواصل احتياطى النقد الأجنبى فى مصر الانخفاض فى ظل تراجع معدلات السياحة والإنتاج والصادرات والاستثمار الأجنبى المباشر. ودعاإلى ضرورة عقد مؤتمر اقتصادى يضم كل الخبراء الاقتصاديين المصريين بالداخل والخارج لوضع استراتيجية قصيرة الأجل للمرحلة الانتقالية إلى جانب ضرورة توضيح محافظ البنك المركزى والمسئولين بالحكومة الجديدة حقيقة الموقف الاقتصادى الحالى لمصر خلال المرحلة المقبلة وتداعياتها.
