بين الفيروز والكريستال والزفير والمرجان واللولي الحر والجاد الأحمر، جلست إيمان محمد، سيدة فى بداية الأربعينيات، تضع فى خيوط شفافة بعض من الأحجار الدقيقة؛ لتصنع منها عقدا طويلا فى أقل من ثلاث ساعات. بدأت إيمان مشروعها، منذ 12 عاما، كعاشقة، أحبت الأحجار الكريمة بتنوعها وتعددها، فكانت تقتنيها وتضيف منها على حليها الذهبية والفضية "بأحب الأحجار الكريمة جدا، وكنت زمان أذهب لمحلات الفضة والذهب وأطلب منهم يتزويد الإكسسوارات بتاعتي والذهب بأنواع معينة أختارها من الأحجار" ، تكمل "وكان عندى عقد من الكريستال والزفير، كل شوية كان بيتقطع وبأذهب به لمكان متخصص لتصليحه، وبعد فترة زهقت ابتديت أصلحه أنا وفعلا اتصلح، ولإنى كنت بأروح الأماكن إللى بتصنع الحلي ده، عرفت أيه الحاجات المستخدمة وبقيت أشترى الخامات وأعمل أنا فى البيت الحلي بتاعتي". بعد فترة، تطور الوضع وبدلا من صنع الحلي لاستخدامها الشخصي، أصبح لديها مشروع تصنع من خلاله الحلي وتبيعها" فى البداية كان الشغل مش كويس، وبعد فترة الصناعة بقت جيدة، وكنت بألبسهم وبعد فترة أزهق منهم وبقى عندي كمية كبيرة فبدأت أبيعهم، فضلت كده مدة لحد ما قررت إني أركز فى الصناعة والبيع، خاصة إن دخلهم كويس جدا"، تحكي إيمان "حبيت فى البداية أتعلم، لكن مفيش حد بيرضى يعلم الصنعة، فاعتمدت على هوايتي، وبالشغل واحدة واحدة الواحد بيتعلم لوحده، ووزعت شغلى على محلات، لكن لقيت إن المحل بيشترى مني قطعة، مثلا، ب50 جنيها ويبيعها ب350، فقررت أصنع وأبيع بنفسي سواء فى البيت أو فى المعارض تبع الصندوق الاجتماعي للتنمية أو الشباب أو أى معرض تاني"، وتكمل "وعلمت بنت اسمها إمامة، وبقت تساعدنى فى الشغل، لأن كل الحلي شغل يدوى ومحتاج دقة ومهارة". واجهت إيمان فى بداية مشروعها، ومازالت تواجه بعض المشكلات " لما أدركت أن الموضوع مش مجرد إني بأصنع عقد ألبسه وبعدين أبيعه، وإنه ممكن يبقى مشروع كبير يجيب دخل، ظهرت مشاكل أولها إني أتعلم الصناعة على أساس، وده كان صعب لأن الدورات التدريبية محتاجة مبالغ كبيرة جدا ومحدش بيعلم ببلاش، وعلشان أبتدى المشروع كنت محتاجة رأس مال ومن 12 سنة كانت القروض حاجة صعبة، ده جعلني أبتدي صغيرة جدا، واعتمدت على الحلي بتاعتي وجزء من فلوس زوجى ومشيت الموضوع واحدة واحدة" . تكمل إيمان " وبعد كده اتعرضت لإستغلال المحلات، كانوا بيشتروا منيي البضاعة رخيصة جدا ويبيعوها بأضعاف أضعاف تمنها، لا بيعطوني حقي وبيأخذوا أكتر من حقهم، فكان عندي مشكلة إني أعرض شغلي، وبدأت ألف أبيع شغلى بنفسي، سواء للزبائن إللى بأعدى عليهم فى البيت أو المعارض، لكن المشكلة إن المعارض بتشتغل فترة قليلة جدا". ترى إيمان أن العمل الحر أفضل بكثير من الوظيفة "مش بكون مقيدة بمواعيد وجلوس على مكتب ومواصلات زحمة وفى الآخر أقبض ملاليم، لكن شغلى ده أنا فى الأساس بأحبه فباخترع فيه وبأصمم أشكال جديدة وبأشتغله وأنا فى البيت والقطعة بتاخد مني حوالى 3 ساعات، وطقم الفضة ده الذى يشمل عقد وإسورة وخاتم مطعمين بالعقيق تمنه 1400 جنيه .. فبالنسبة لي الشغل الحر أحسن بكتير ، خصوصا لما يكون شغل حلي بالأحجار الكريمة".