منذ سنوات مضت وضعت الدول الأوروبية خططًا على مستوى واسع لفصل القمامة وتدويرها أو تحويلها إلى سماد، ولم يتوصل العالم في ذلك الوقت إلى معرفة واضحة حول إمكانية تحويل القمامة إلي وقود حيوي، وبمرور الزمن تحول استخلاص الطاقة من القمامة الصلبة إلى خيار مشجع للمدن الكبيرة، وبيزنس جديد للدول النامية، وذلك لقلة المساحات المخصصة للردم والكلفة العالية لنقلها، والأمراض التي تسببها على المدى للتربة والإنسان. تنتج مصر 21 مليون طن سنوي من المخلفات بحسب تصريحات وزارة البيئة، وتتصدر القاهرة وحدها النسبة الأعلى، حيث يبلغ حجم المخلفات بها نحو 5.9 مليون طن سنوي بما يمثل 45٪ من إجمالى المتولد من المخلفات البلدية الصلبة. تبلغ نسبة عمليات المعالجة والتدوير فى مصر حوالى 5.9٪ من إجمالى المخلفات البلدية الصلبة، كما يوجد أربعة آلاف طن مواد صلبة يعاد تدويرها مرة ثانية فى منطقة منشية ناصر القريبة من المقلب الرئيسى للقمامة. وكانت وزارة البيئة أعدت دراسة علمية حول الاستفادة من القمامة، حيث قدرت الدراسة قيمة القمامة فى مصر بستة مليارات جنيه، تتضاعف قيمتها إلى 12 مليار جنيه بعد تحويلها إلى مواد أولية، من خلال العمليات الوسيطة مثل طى الورق وكبس الصفيح. وكان رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب رئيس الوزراء، وافق على إنشاء مؤسسة أهلية لدعم مشروع إنتاج واستخدام البوتاجاز وفقاً لقانون الجمعيات الأهلية، لتصبح مؤسسة أهلية شبه حكومية من خلال مشروع الطاقة الحيوية للتنمية الريفية المستدامة، وتهدف المؤسسة إلى استخدام المخلفات من روث الماشية وغيرها في إنتاج الوقود الحيوى، ودعم الفلاحين بمختلف القرى والمحافظات بمصدر دائم للطاقة والسماد الحيوى الذي يعيد للأرض خصوبتها، بالإضافة إلى أهمية المشروع في الاستفادة من المخلفات بصورة آمنة وتوفير فرص عمل للشباب. وكان الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، قد التقى، الدكتور خالد فهمي، وزير الدولة لشؤون البيئة، وعددًا من قيادات الوزارتين، الأسبوع الماضي، لمناقشة تشجيع الاستثمار في مجال تدوير المخلفات، والاستفادة منها لإنتاج الطاقة الكهربائية، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة من وزارتي الكهرباء والبيئة، وذلك بالتنسيق مع جهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك المنوط بوضع تعريفة التغذية الخاصة بالطاقة المولدة من تدوير المخلفات. وعقب اللقاء قال شاكر، إنه الاجتماع إمكانية توليد الكهرباء من تدوير المخلفات، وكيفية الاستفادة من المخلفات لإنتاج الطاقة الكهربائية، في إطار حرص الدولة على التخلص الآمن من المخلفات وجذب المستثمرين للعمل في هذا المجال. فيما شهدت الفترة الماضية الكثير من الجدل، حول أزمة القمامة فى مصر، وآلية التعامل معها، خاصة بعد مبادرة فصل القمامة، التى تقدمت بها النائبة شيرين فراج، عضو مجلس النواب، وتم البدء فى تنفيذها فعليًا فى عدد من مناطق القاهرة، وشهدت إقبالًا من قبل المواطنين، إلا أنه فيما بعد تم تقديم عدد من طلبات الإحاطة، للمطالبة بإيقاف تنفيذ هذه المبادرة، بدافع أنها تسبب ضررًا كبيرًا لجامعى القمامة. قالت الدكتور شيرين فراج، إن مباردة فصل القمامة مازالت قائمة، لافتة إلى أنه لقد تم افتتاح العديد من الأكشاك الجديدة للمبادرة فى محافظه القاهرة. وأضافت شيرين فراج، أن هناك نجاحًا وتجاوبًا مجتمعيًا عظيمًا، قائلة: "سعادتى عظيمة ورهانى على وعى الشعب المصرى، فما أثير فى الفترة السابقة من محاولات الرجوع إلى الوراء لن تنجح، فالشعب تجاوب مع الفكرة وعلم أن القمامة تعود بالفائدة إذا أحسن استغلالها". وقالت الدكتورة فاطمة محسن، مستشارة وزير البيئة للاستثمار، إنه خلال الأسبوع المقبل سيتم إعلان التعريفة الجديدة للطاقة الناتجة عن إعادة تدوي المخلفات، إضافة إلى من حزمة القرارات والتشريعات المتعلقة بسعر التعريفة لتحقيق أرباح عادلة للمستثمر وسد الفجوة التمويلية بين السعر القديم والسعر النهائى، لأنه في حالة وجود عجز في الموازنة العامة للدولة لن نجد من يتحملها. وكانت عدة شركات لإعادة تدوير المخلفات لإنتاج الطاقة تقدمت بطلب إلي مجلس الوزراء لمعرفة أسباب عدم الإعلان عن التعريفة الجديدة للوقود. ووفقًا لما أوضحته الدكتورة فاطمة، فإن السعر العادل لتعريفة الوقود الحيوى الناتج عن تدوير المخلفات الصلبة والوقود المشتق من النفايات (RDF) لمصانع الأسمنت كان 92 قرشًا للكيلو وات في الساعة، وذلك بعد قرار اللجنة التى شكلها مجلس الوزراء بحضور وزراء التنمية المحلية، والكهرباء، والبترول، مشيرة إلى أن السعر قد تم تعديلة بعد قرار تعويم الجنيه، ليصبح 145 قرشًا. وأكدت مستشار البيئة للاستثمار، أن مصر لا يوجد بها أية مشروعات إنتاج طاقة نظيفة من عمليات إعادة تدوير المخلفات، وتأجيل التشريعات كان سببًا في تراجع وتعطل العديد من الاستثمارات من جانب "الصين واليونان والبرتغال". وعلقت على تصريحات الدكتور خالد فهمي وزير البيئة، بتقديم حوافز لتشجيع هذا النوع من الاستثمار، كالإعفاءات الجمركية على المكن والمعدات وكل ما يلزم عمليات البناء، قائلة: كل هذا سيدعم الاقتصاد المصري ويحافظ على البيئة ويخلق فرص عمل للشباب. وأوضح الدكتور مجدي علام، الخبير البيئي، أن مصانع تدوير وتحويل المخلفات الصلبة تنتج سمادًا زراعيًا ووقودًا بديلًا للمحروقات التقليدية، يستخدم فى مصانع الأسمنت، وهي من أكثر الصناعات استهلاكًا للطاقة. وأضاف علام، أن مصر تُهدر نحو 90 مليون طن من المخلفات سنويًا، من خلال التخلص منها بطرق غير منظمة وعشوائية، مطالبًا الحكومة بسرعة الانتهاء من التشريعات والقوانين لنرى الناتج على أرض الواقع. فيما أكدت الدكتورة سلوى أبو العلا، نائبة مدير معهد بحوث صيانة القنوات المائية، التابع للمركز القومى لبحوث المياه، أن نتائج أحدث الدراسات التى قام بها المعهد أثبتت إمكانية إنتاج الوقود الحيوى والسماد العضوى من ورد النيل ومخلفات الماشية. وقال أحمد سعيد، رئيس البرنامج الوطنى لإدارة المخلفات السابق، إن المخلفات المعاد تدويرها لا يتم تصديرها كلها، ولكن التى تتميز بالقيمة المضافة، وتتمثل فى أنواع معينة من البلاستيك وهو الPT الموجود فى زجاجات المياه المعدنية، مشيرًا إلى أن الرسوم التي سبق وفرضتها وزارة الصناعة، والتي تقدر ب 1600 جنيه على كل طن من مخلفات البلاستيك PT، باتت زهيدة، وخاصة بعد قرار تعويم الجنيه. وأضاف سعيد، أن الإدارة الحكومية على مدار السنوات الماضية وعلى مدار التجربة أثبتت عدم قدرتها علي إدارة مصانع تدوير المخلفات والقمامة بالبلاد، لذلك قامت مؤخرًا بتأجيرها إلى القطاع الخاص، الذي استطاع أن يثبت نجاح التجربة ويعممها ويستفيد منها.