تواجه تيريزا ماي الجمعة، ضغوطًا للاستقالة غداة الانتخابات التشريعية التي خسر فيها حزبها المحافظ الغالبية المطلقة في البرلمان في نتيجة مدوية تلقي بالغموض على البلاد قبيل بدء مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست". وتشكل النتيجة فشلا شخصيا لماي، التي دعت إلى الانتخابات المبكرة أملا بتعزيز غالبيتها في البرلمان وإطلاق يدها في مفاوضات بريكست. وكشفت النتائج شبه النهائية، أن المحافظين في الطليعة لكنهم خسروا نحو 12 مقعدًا بينما فازت المعارضة العمالية بنحو ثلاثين مقعدا، وهذا معناه أن المحافظين لم يعد بإمكانهم الاحتفاظ بالغالبية المطلقة. وكانت ماي تتمتع بغالبية من 17 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته وتأمل الحصول على تفويض أكبر حتى تخوض مفاوضات بريكست "متشدد" مع الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من 19 يونيو، بعد عام على الاستفتاء، الذي قضى بخروج البلاد من التكتل. لكن حزب العمال بزعامة جيريمي كوربن، الذي قاد حملة وصفت بأنها ناجحة أحبط خطط ماي، وسارع كوربن الذي انتخب بغالبية كبرى في دائرته آيلنجتون (شمال لندن) إلى مطالبة ماي بالاستقالة. وقال كوربن متوجها إلى ناخبيه في وقت مبكر الجمعة، "لقد خسرت (ماي) مقاعد عائدة إلى المحافظين، وخسرت الدعم والثقة، هذا كاف من أجل أن ترحل وتفسح المجال لحكومة تُمثّل حقاً" البريطانيين. حتى في صفوف المحافظين، اعتبرت الوزيرة السابقة آن سوبري أن على ماي التفكير في الاستقالة مضيفة أنها "في وضع صعب للغاية". لكن ماي التي أعيد انتخابها في دائرتها في ميدنهيد (غرب) اكتفت بالتعليق أن حزبها "سيضمن الاستقرار في البلاد ... أيا تكن النتائج". فور اغلاق مراكز الاقتراع، أدى نشر الاستطلاعات الأولية إلى تراجع الجنيه الاسترليني في نيويورك إزاء اليورو والدولار على حد سواء. وعلق توني ترافرز من "لندن سكول أوف ايكونوميكس"، أنه "يبدو أننا سنشهد زعزعة للاستقرار وسيكون من الصعب على الحكومة البريطانية التفاوض حول بريكست من موقع قوة". وبات على المحافظين تشكيل تحالف حكومي مع حزب آخر كالوحدويين الأيرلنديين أو الاكتفاء بتشكيل حكومة أقلية، وفي الحالتين فإن المفاوضات ستستمر أسابيع عدة ما قد يوجه ضربة قاسية إلى الجدول الزمني لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. واعتبر ماين فين من جامعة وورويك ان بريطانيا "أمام مرحلة من التحالفات أو بصدد انتخابات جديدة" والنتيجة "ستتم إعادة النظر بكل المقاربة المتعلقة ببريكست". في اليسار، مني الانفصاليون الاسكتلنديون بخسائر فادحة وانتقلوا من 54 مقعدًا إلى 34، بحسب النتائج شبه النهائية، كما هزم المسئول الثاني في الحزب آنجوس روبرتسون وزعيمهم السابق اليكس سالموند في معقليهما. أما الليبراليون الديموقراطيون المؤيدون للاتحاد الأوروبي فكسبوا 4 مقاعد، بحسب هذه النتائج، وكانوا حذروا مساء الخميس، من أنه "لن يكون هناك تحالفات أو اتفاقات" مع أحزاب أخرى". وخسر حزب يوكيب المعادي لأوروبا مقعده الوحيد. وكانت ماي دعت إلى الانتخابات التشريعية المبكرة في إبريل، على أمل كسب تفويض أكبر معولة على استطلاعات الرأي التي أعطت حزبها تقدمًا ب20 نقطة على العماليين. إلا أن كوربن خاض حملة نشطة كثف خلالها اللقاءات مع الناخبين، مستغلا أخطاء ارتكبتها ماي خصوصا حول الضمان الاجتماعي. وطغت خلال هذه الحملة مسألة الضمان الاجتماعي والأمن على موضوع بريكست بعد تعرض البلاد لثلاثة اعتداءات في أقل من ثلاثة أشهر. إلا أن مسألة بريكست كانت حاضرة في أذهان العديد من الناخبين عند إدلائهم بأصواتهم. وقال آنجوس ديتماس (25 عامًا) في لندن لوكالة فرانس برس "حسمت خياري حول هاتين المسألتين: التوصل إلى اتفاق جيد حول بريكست ومسألة الأمن".