تستأنف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم الخميس مفاوضاتها مع الحزب الديموقراطي الوحدوي الايرلندي الشمالي، من أجل استعادة الغالبية المطلقة في البرلمان وتشكيل حكومة تلتزم بالجدول الزمني لعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، غداة حريق الأربعاء في لندن أخر مساعيها. وبعدما خسرت غالبيتها المطلقة في الانتخابات التشريعية في 8 يونيو (حزيران) التي لم تفز فيها سوى ب318 مقعداً، اضطرت ماي إلى السعي للتحالف مع هذا الحزب الايرلندي الشمالي الصغير، الذي سيتيح نوابه العشرة لها أن تبلغ الغالبية المطلوبة في البرلمان والمتمثلة ب326 مقعداً. وقال ناطق باسم الحزب الوحدوي إن "المفاوضات الجارية منذ عدة أيام متواصلة، لكن أعتقد أن ما حصل في لندن سيترك أثراً على الأرجح"، في إشارة إلى الحريق الكبير الذي التهم برجاً سكنياً في غرب لندن ليلاً موقعاً 12 قتيلاً على الأقل و78 جريحاً. عقد أول لقاء بين تيريزا ماي وزعيمة الحزب الوحدوي الديمقراطي أرلين فوستر بعد ظهر الثلاثاء، دون التوصل إلى اتفاق على الرغم من محادثات وصفتها رئيسة الوزراء بأنها "مثمرة". من جهتها، قالت أرلين فوستر "آمل أن نتمكن من التوصل إلى نتيجة في أسرع وقت ممكن". ونقلت صحيفة "ذي غارديان" عن مصادر من الحزب الوحدوي أن الاتفاق أنجز "بنسبة 95%". وسيكون على تيريزا ماي أن تستعيد غالبيتها في أسرع وقت ممكن، وتشكل حكومة قادرة على خوض مفاوضات بريكست الصعبة التي يفترض أن تبدأ الاثنين، بعد حوالى عام على الاستفتاء الذي نظم في 23 يونيو (حزيران) 2016 وقضى بالخروج من الاتحاد الاوروبي. وحرصت ماي التي تتعرض لضغوط من القادة الأوروبيين من أجل إحراز تقدم في هذا الملف، على الطمأنة قائلة من باريس إن الجدول الزمني لمفاوضات بريكست باق على حاله، وأن المفاوضات ستبدأ الأسبوع المقبل، فيما عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجدداً بعد لقائه ماي عن رغبته في أن تنطلق هذه المفاوضات في أسرع وقت ممكن. ورأى النائب الأوروبي المكلف مسألة بريكست غي فيرهوفشتاد الأربعاء أن "الوقت حان لبدء المفاوضات"، في تغريدة على تويتر. وعلى الصعيد الوطني، يثير احتمال التحالف مع الحزب الوحدوي المعارض لزواج مثليي الجنس والإجهاض، مخاوف في بريطانيا كما في إيرلندا التي تتساءل عن انعكاس مثل هذا الاتفاق على توازن السلطات الهش في ايرلندا الشمالية. كما يتابع الشين فين، التنظيم التاريخي للقوميين الكاثوليك، عن كثب هذه المفاوضات، وقالت ميشال غيلديرنيو واحدة من الأعضاء السبعة للحزب المنتخبين في البرلمان إن "هذه الترتيبات تثير المخاوف". وحاولت تيريزا ماي احتواء هذه المخاوف ووعدت أن حكومتها "ستكون وفية بالكامل" للتعهدات التي قطعت حيال ايرلندا الشمالية. وسيتحتم على تيريزا ماي وأرلين فوستر أيضاً إن توفقا بين وجهتي نظرهما حيال بريكست. فرئيسة الحكومة البريطانية تدعو حتى الآن إلى بريكست "متشدد" يشمل بشكل خاص الخروج من السوق الأوروبية الموحدة فيما يدعو الحزب الوحدوي في المقابل إلى بريكست "مخفف" لتجنب العودة إلى حدود فعلية مع جمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. ودخل رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون على خط الجدل، معتبراً في حديث لصحيفة "فاينانشل تايمز" أن على ماي "تليين" سياستها بشأن بريكست وأن توكل المزيد من المسؤوليات للبرلمان. لكن في حال تراجعها عن بعض النقاط، فقد تثير استياء المناصرين للخروج التام والكامل من الاتحاد الأوروبي. وحذر الزعيم السابق لحزب "يوكيب" المعادي لأوروبا نايجل فاراغ بأنه "ما لم تكن واضحة تماماً بشأن عدم تقديم أدنى تنازل، وبأننا سنخرج من السوق الموحدة، فإن حزبها نفسه سيتخلص منها وسنخسر المزيد من الوقت". من جهة أخرى، أثار زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي تيم فارون مفاجأة، إذ أعلن استقالته بسبب تسليط الضوء على آرائه الدينية بشأن حقوق المثليين خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. وقال هذا المسيحي الإنجيلي في بيان بعدما انتقد حتى في صفوف حزبه لمواقفه حول المثلية "بات من المستحيل عليّ أن أكون زعيماً سياسياً، وعلى الأخص زعيماً لحزب تقدمي وليبرالي عام 2017، وأعيش كمسيحي ملتزم، وأتمسك بإخلاص بتعاليم الإنجيل".