قرر الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية، تخليه عن كل القضايا التى كان قد رفعها ضد خصومه، وأن يبدأ صفحة جديدة مع الجميع، وقال فى خطبة الجمعة اليوم: "عندما أقف بينكم أنصحكم، أكون قد بدأت بنفسي، فالعلاقة بينك وبين الخلق يجب أن تبنى على الصفح والعفو والمغفرة، لأننا نحب أن يعفو الله عنا وأن يغفر لنا وأن ندخل في محل نظره سبحانه وتعالى. وأكد مفتى الديار المصرية، أن التربية والتعليم هي أساس التغيير، وأن أساس العلاقة بين العبد وربه تلخصها "لا حول ولا قوة إلا بالله" التي تفيد حسن التوكل على الله، والتسليم بأمر الله، والرضا بقضاء الله، وأن العلاقة بين العبد وربه تحتاج إلى تغيير، لأن الإنسان ينسى والذكر يجعل الإنسان قريبا من الله مستوعبًا لمعنى "لا حول ولا قوة إلا بالله" لأنها منهج حياة ومنهج تغيير. وأضاف أن هناك منهج علاقة الإنسان بالإنسان، وهذا المنهج مبني على العفو والصفح "فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير"، وهذا الصفح يحتاج إلى صبر وتجرع المرارة كيف تعفو عمن آذاك؟ وكيف تعفو عمن اعتدى عليك؟ وكيف تعفو عمن وقف بلامبرر يشتمك ويسبك، وهو على باطل وأنت على حق؟ مؤكدا أن العفو هو منهج الأنبياء والصديقين، وهو ما ينبغي أن نتقدم به بيننا وبين الناس . وأضاف المفتي في خطبته أن أحد الأشخاص أرسل له رسالة قال فيها "أنت تتكلم عن العفو والصفح، وأنت لم تعف وتصفح عن شخص شتمك، أين العفو والصفح؟" ورجعتُ إلى كلام رسول الله الذى يقول فيه " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" وجعلت كلامه فوق رأسي، وأنا أشهد الله ثم أشهدكم وأشهد من يستمع إلى أنني خلعت عباءة الخصومة من كل أحد، وأنني قد ألغيت كل جدال وخصام بعد أذيتي وسبي وشتمي محاولة أن أتحلى بحلية سيدنا صلى الله عليه وسلم في العفو والصبر والتجاوز والصفح الجميل، وألغيت كل قضية قبل أن تبدأ وألغيت كل خصومة حتى نبدأ صفحة جديدة وحتى أبدأ بنفسي، فعندما أقف بينكم أنصحكم أكون قد بدأت بنفسي، فالعلاقة بينك وبين الخلق يجب أن تبنى على الصفح والعفو والمغفرة، لأننا نحب أن يعفو الله عنا وأن يغفر لنا وأن ندخل في محل نظره سبحانه وتعالى. ونعى فضيلته الشيخ الشهيد عماد عفت، قائلا: "إن البلاء ازداد علينا وإنه في الأسبوع الماضي قتلوا ابني وحرقوا كتابي"، واحتسب عند الله ابنه في العلم الذي رباه حتى رآه يدرس في الأزهر، وأوضح أنهم أحرقوا كتابه حين أحرقوا المجمع العلمي. وفي معرض تفسيره لموقف مفتي الجمهورية وعفوه وصفحه، أكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية أن أسبابا عديدة دفعت فضيلة المفتي إلى اتخاذ هذا القرار منها مراعاة حال مصر التي تمر بأزمات متلاحقة لا تحتمل خلافا بين أبناء الأمة الواحدة وكي لا يتم استدراجنا للانشغال بتلك الخلافات على حساب قضايا الوطن الكبرى، وأنه قد فعل ذلك إيمانا منه بدوره كعالم أزهري يتوسم فيه الكثيرون القدوة، بحيث يتوجب على أمثاله طي صفحة الخلاف والمضي قدما للإسهام في بناء الوطن ومحاولة انتشاله من محنته.