ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن النشوة التي اكتنفت حركة حماس ذات الطابع الإسلامي العسكري والحاكمة لقطاع غزة إثر نجاح التيارات الإسلامية في الوصول للحكم بدول الربيع العربي أدت إلى تراجع شعورها بالعزلة، ومن ثم اتخاذ طابع أكثر اعتدالا. وقالت الصحيفة - في سياق تقرير أوردته اليوم الخميس على موقعها الإلكتروني - إن حماس بدأت في التخطيط لإعادة صياغة وضعها في العالم العربي الجديد، حيث أفادت بعض التقارير أن الحركة الفلسطينية بدأت بشكل تدريجي في تقليص تواجدها بسوريا التي يواجه رئيسها بشار الأسد، حليف حماس لسنوات طويلة، تصعيدا شعبيا للاطاحة بنظامه. في الوقت ذاته، بدأت الحركة - وفقا للصحيفة - تنشد تقوية العلاقات بينها وبين الدول العربية التي تمكنت الحركات الإسلامية المعتدلة فيها من تحقيق مكاسب وانتصارات سياسية. ودللت الصحيفة الأمريكية على النهج المعتدل الجديد لحماس بما شهدته اجتماعات القاهرة خلال الأسبوع الجاري بين مسئولين من حركتي حماس وفتح من مطالبة الأولى بوضع بنود اتفاق المصالحة الذي وقعت عليه الحركتان في وقت مبكر من العام الجاري قيد التنفيذ، وكذلك ما أبداه بعض مسئوليها من استعداد لتقبل التعددية السياسية في فلسطين وتقليص حجم العنف الموجه ضد إسرائيل. وفي هذا السياق ، لفتت الصحيفة إلى شروع رئيس وزراء الحكومة المقالة إسماعيل هنية لإجراء أول جولة رسمية له خارج قطاع غزة منذ انفراد حركة حماس بقيادته في 2007، حيث من المقرر أن يقوم هنية بزيارة تركيا والبحرين وقطر وتونس. وأشارت الصحيفة إلى ما صرح به مسئولو الحركة وبعض المحللين السياسيين بأن الصحوة الإسلامية وبزوغ نجم الأحزاب الإسلامية في الانتخابات المحلية الأخيرة، التي أجريت في كل من مصر وتونس والمغرب عززت من ثقة الحركة في الحصول على دعم من الشعوب العربية، كما منحها الفرصة لرسم خطط جديدة بشأن سياساتها. وقالت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية "إن نجاح الإسلام السياسي في المنطقة العربية دفع حركة حماس لإعادة تصحيح مسارها السياسي بعد سنوات من الشعور بالمحاصرة نتيجة المقاطعة الدولية لها والحصار الذي فرضته إسرائيل ومصر في عهد رئيسها السابق حسني مبارك على قطاع غزة". ونقلت الصحيفة في هذا الصدد ما قاله مدير مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد فواز جرجس بأن حماس لم تعد ترى من نفسها "جزيرة معزولة في بحر من العداء" .. موضحًا أن الحركة الفلسطينية بدأت تستشعر وجود عمق استراتيجي لها. وأوضحت الصحيفة أن التحول في نهج حماس قد يترجم على الجبهة الداخلية بأنه إبداء لنيتها اتباع نموذج "الأحزاب الإسلامية" في الدول العربية والتي أبدت استعدادها لتقاسم السلطة مع تيارات علمانية وليبرالية في هيئة تحالفات حاكمة، مشيرة إلى أن اتفاقا على هذا النهج قد وقع بالفعل في تونس. وأضافت أن رسالة التعددية السياسية بدأت تتردد الآن على ألسنة قادة حماس، لافتة في هذا الصدد إلى ما صرح به أحد أعضاء حكومة غزة بأن نموذج الأحزاب الإسلامية دفع بالحركة إلى النظر لإقامة تحالفات مع الفصائل الفلسطينية المختلفة من أجل الوصول إلى تعددية في الحكم وعدم انفراد تيار بعينه بالسلطة، مؤكدًا "أن زمن حكم الحزب الواحد قد ولى". وفي هذا السياق، قالت (واشنطن بوست) "إن محادثات المصالحة بين فتح وحماس ستمثل اختبارا رئيسيا لصدق نوايا الأخيرة فيما يتعلق بتقاسم السلطة". وفيما يتعلق بالصعيد السياسي ، لفتت الصحيفة الأمريكية إلى دلائل على المرونة التي قد تتسم بها المفاوضات حول القضايا الرئيسية بين حماس وفتح، بما في ذلك قضية المواجهة المسلحة مع إسرائيل. وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التأكيد الأخير لهنية على نهج "المقاومة المسلحة" بصفته السبيل الوحيد لتحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن زعيم الحركة خالد مشعل رفع مؤخرا من أسهم خيار "المقاومة الشعبية" والاحتجاج الشعبي غير المسلح ضد الاحتلال، وهو النهج الذي لطالما أيده الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" في الضفة الغربية.