مازال أحفاد البرلمانى إبراهيم برير من قبيلة العليقات بقنا، يفخرون بأن جدهم هو الذي بنى كنيسة الست دميانة، فى كوم البيجا بمدينة فرشوط من جيبه الخاص، وهي باقية حتى الآن على الطراز، الذى بنيت به.. تدق فيها النواقيس، وتقام الصلوات الكنسية. يكشف الأحفاد عن بدايات الفكرة الأولى لبناء الكنيسة من أموال، وممتكات جدهم المسلم، في النصف الأول من القرن العشرين. يقول عاطف برير، حفيد إبراهيم برير البرلمانى، الذى عاصر أواخر عهد الملك فؤاد، وبدايات حكم الملك فاروق إن جده تعاطف مع المسيحيين وهم يقيمون صلواتهم فى الشوارع، فسأل عن أقرب كنيسة فقالوا له كنيسة بهجورة، فحسب المسافة فوجدها بعيدة وتشق على المسيحيين، فقال لهم:"لاتصلوا فى الشارع، ولا تذهبوا لبهجورة"، وقام بالتبرع بمقدار فدان من أملاكه، وقام ببناء كنيسة، وقال لإخوانه المسيحيين حين انتهى منها: "عاوزين تسموها إيه؟" فاختاروا اسم كنيسة الست دميانة، وهى قائمة فى كوم البيجا.. بناها المسلم المصرى، للمسيحى المصرى بدون شعارات، وإنما بمحبة حقيقية. "لقد تبرعتم لنا بجنيه من الذهب الخالص، ولابد أن نتبرع لكم فى الكنيسة".. هكذا نطق المسلمون فى قرية دندرة غرب قنا، للمسيحيين الإنجيليين حين شرعوا فى بناء كنيسة عام 1920 مازالت موجودة ومازال مرسوما عليها الهلال والعلم المصرى القديم. "شكرى منقريوس"، الذى حدثنا وهو يجلس بجانب صورة الخواجة ريد المرسل الأمريكى للطائفة عام 1902 قال: "قام المسيحيون فى القرية بالتبرع ببناء مدرسة إنجيلية عام 1890م، لتعليم أبناء القرية بجانب جنيه من الذهب لبناء مسجد، ليرده المسلمون لنا فى بناء الكنيسة، التى تكلفت مبلغ 13 ألف قرش وتسعمائة وخمسة وخمسين قرشا وأربعا وعشرين فضة (عملة صائغ مصرى)، وقمنا بهذا العمل الخيرى لوجه الله. فى قرية الطويرات غرب قنا لايستطيع المواطنون أن يتناسوا اثنين: الأب "أنوفريو شاردى"، الذى قام ببناء كوبرى بمساعدة المسلمين، حين وجد النساء المسلمات يظهرن سيقان أرجلهن، حين يملأن جرار الفخار بالماء، ولا ينسون الأم دومتيلا، التى قامت كثيرا بمساعدة المرضى. الأب ماجد حبيب، الذى سألناه: لماذا لاينسى المسلمون الأب "أنوفريو شاردى" إيطالى الجنسية؟، أجاب بحدة: لأنه عرف بوعى كيف يكون مصريا وخادما للمصريين، فهو أول من جلب من وزارة الصحة مصل العقرب، كى يحمي الأهالي من العقارب المنتشرة، وقام بخدمة كبيرة فى وباء الكوليرا فى مصر. أضاف: لهذه الأسباب أقام المسلمون احتفالا كبيرا له، حين اعتقلته السلطات الإنجليزية فى الحرب، بصفته إيطالي الجنسية، وقام الرجل بمكافأة المصريين عند عودته، بإقامة مصنع للنسيج لمحاربة البطالة فى القرية. فى النهاية.. أتساءل مع الأب ماجد حبيب: أيهما أفضل، الراهب والقس والأنبا الذى يفهم المصرية بعمقها وجذورها، حتى لو لم يكن مصريا.. أم الراهب والقس والأنبا المصرى، الذى لايفهم المصرية ويؤدى برعونته لهدم جذورها الخالدة؟! الأب ماجد يقول بحزم: هى الأولى ياصديقي.