من يصدق أن جميع المواد الغذائية المستوردة إلى مصر وفى مقدمتها الأسماك و اللحوم والدواجن ومصنعاتها وألبان الأطفال وغيرها بدءا من عام 2006 و حتى مايو 2011 ، سمحت الأجهزة الرقابية بوزارتى الصحة و التجارة بنفاذها إلى الأسواق المحلية - فى غياب كامل للرقابة الإدارية - ،دون فحص نسبة مركب " الديوكسين " السام التى تحتويها فى معامل وزارة الزراعة صاحبة الحق الوحيد فى رفض أو قبول الرسائل المستوردة، لكونها الجهة الوحيدة فى مصر التى تمتلك أجهزة الكشف الدقيق عن نسب الديوكسين شديد الخطورة و المسبب الرئيسى لمرض السرطان للإنسان ؟ هذه حقيقة تكشفها بوابة الأهرام بالمستندات التى تؤكد مخالفة الأجهزة الرقابية لقرار وزير الزراعة رقم 1202 لسنة 1998 والذى يلزم جميع الجهات المعنية بتحليل مركب الديوكسين السام فى الرسائل المستوردة فى معمل تحليل بقايا المبيدات و المتبقيات و العناصر الثقيلة بوزارة الزراعة ، حيث تم تجاهل القرار بدءا من شهر يوليو 2006 بحجة تضرر بعض المستوردين من ازدواجية فحص الديوكسين بمعامل وزارتى الزراعة و الصحة و تأخر إصدار نتائج الفحص فى معامل الزراعة وتوفيرا للوقت و الجهد و التكلفة .. و لا عزاء لصحة المصريين !. وحددت مذكرة حصلت عليها بوابةالأهرام وأعدتها الهيئة العامة للرقابة على الصادرات و الواردات فى 23 أكتوبر 2007 ، معامل وزارة الصحة فقط لفحص نسبة الديوكسن فى المواد الغذائية المستوردة على أن يكتفى فقط بنتائجها ، وهو ما يعنى تعمد تمرير هذه الرسائل للسوق المحلية حيث ستأتى النتائج سلبية بصفة دائمة لعدم إمكانية كشف نسبة الديوكسين بدون أجهزة تكنولوجية بالغة التعقيد ولا تتوافر فى معامل وزارة الصحة وتمتلكها فقط وزارة الزراعة و تتجاوز تكلفتها 5 ملايين جنيه للجهاز الواحد . والغريب أن هيئة الرقابة على الصادرات و الواردات اشترطت أنه فى حالة ورود نتائج التحاليل التى أجرتها وزارة الصحة إيجابية بما يعنى ارتفاع نسبة الديوكسين عن النسب المسموح بها دوليا وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمى ، يتم فى هذه الحالة فقط اللجوء لمعامل وزارة الزراعة لفحصها مرة أخرى ، كفرصة جديدة للمستورد لفحص رسائله ، و هو الأمر الذى أقره مسئولو الحجر البيطرى بوزارة الزراعة آنذاك أيضا بصورة مريبة. وأكد تقرير للدكتورة سهير جاد الرئيس السابق لمعمل تحليل بقايا المبيدات و المتبقيات و العناصر الثقيلة بوزارة الزراعة أن مصر قد تصبح مستودعا للتخلص من السلع الغذائية الملوثة و المسرطنة فى حالة عدم تضافر الجهود لإيقاف هذه المهزلة و حماية صحة المصريين . ولم تنته هذه المهزلة بالفعل إلا بالقرار الثورى الحاسم الذى اتخذه وزيرا الزراعة والصحة بتفعيل القرار 1202 بعودة تحليل عينات الكشف عن نسبة الديوكسين إلى معمل تحليل بقايا المبيدات و المتبقيات و العناصر الثقيلة بوزارة الزراعة فى مايو 2011 وعلى أن تكون نتائجها نهائية ولا يجوز إعادتها أو التظلم منها وذلك بعد نحو 5 سنوات تم خلالها تمرير آلاف الأطنان من المواد الغذائية المسرطنة للسوق المحلية ولكن دون عقاب !.