لعبت مواقع التواصل الاجتماعى دورا مهما فى الثورة المصرية وساهمت فى تحويلها من مجرد رغبة تعكسها أنشطة وتفاعلات إلكترونية، إلى خطوات جادة وحشد على الأرض، واستكمل المصريون استغلال تلك الأدوات فى مرحلة مهمة من مراحل التحول الديمقراطى فى أولى خطوات عبور المرحلة الانتقالية بأول برلمان بعد الثورة من خلال توظيفها للقيام بدور الرقيب الشعبي الأهم على أول انتخابات تشهدها مصر بعد الثورة. وبالرغم من إعلان البعض مقاطعته للانتخابات فإن كل من شارك، وأيضا من قاطع كان حريصا على القيام بدور إيجابي، من خلال لعب دور الرقيب على نزاهة الانتخابات، ورصد التجاوزات سواء من قبل المرشحين أو من قبل الأحزاب والناخبين. استخدم الناخبون المصريون سواء من ذهبوا للإدلاء بأصواتهم أو من ذهبوا للمراقبة، مواقع التواصل الاجتماعى تويتر والفيسبوك واليوتيوب، لنشر كل ما تم رصده، سواء للحديث عن تجربتهم فى المشاركة أو المقاطعة أو الرقابة بشكل عكس حماسة شديدة للمشاركة السياسية، فى تجربة اعتبروها الأقرب للديمقراطية والنزاهة، مقارنة بما كانت عليه الحال فى عهد النظام السابق، عندما كان الجميع يعزف عن المشاركة السياسية نظرا لمعرفة النتيجة مسبقا، وفيما كان النشطاء يستخدمون تلك المواقع فى فضح انتهاكات وتجاوز نظام مبارك، فبعدالثورة وخلال تلك الانتخابات تحول كل ناخب إلى ناشط يسجل ويرصد ويبث ما سجله عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعى . لم يقتصر الأمر على تبادل أرقام هواتف المنظمات الحقوقية والحملات التطوعية الشعبية، أو حتى تدوينات التوعية السياسية حول كيفية التصويت واختيار المرشح الأفضل، وحث الجميع على المشاركة، بل تطوع كل ناخب بعرض تجربته، وتبادلها مع الآخرين بسلبياتها وإيجابياتها، حيث رصدوا تأخر اللجان في فتح أبوابها ووجود أوراق اقتراع غير مختومة، واختفاء الحبر الفسفورى من بعض اللجان وقيام بعض الأحزاب والمرشحين بحملات انتخابية خارج مراكز الاقتراع بما يخالف القانون، وتوزيع وجبات وهدايا عينية على الناخبين، فضلا عن حشد الناخبين فى حملات تصويت منظم لصالح مرشح أو حزب بعينه رصد الناخبون عبر مواقع التواصل الاجتماعى تجاوزات معارك المنافسة الانتخابية بين المرشحين والأحزاب، منتقدين ما قامت به بعض التيارات والقوى السياسية من تحويل المنافسة السياسية بينها إلى صراع أشبه بالصراع الطائفى مستنكرين حملات الحشد والتصويت المنظم الذى قادته الكنيسة لصالح مرشحين بعينهم فضلا عن تحالف الكتلة المصرية فى مقابل حشد التيار الإسلامى للناخبين للتصويت لصالح الأحزاب الدينية خصوصا الحرية والعدالة والنور وما تداوله بعض المرشحين من حملات ضد منافسيه تجاوزت التشوية إلى التكفير أحيانا، مما دفع أحد النشطاء للتعليق ساخرا " بيقولوا لى لو انتخبت الإسلاميين أمك هتلبس النقاب وتتحبس فى البيت ولو انتخبت العلمانيين.أمك هتقلعالحجاب. طيب مافيش حد أنتخبه ويسيب أمي في حالها؟" كما رصد النشطاء أيضا عبر حساباتهم ما كان يحدث فى مراحل الفرز المختلفة وساهموا فى تسليط الضوء على عدد من التجاوزات فى بعض الدوائر التى تم الطعن على نتائج الانتخابات بها، مثل أزمة دائرة القاهرة الأولى بمنطقة الساحل والتى تم إلغاء الانتخابات بها وأزمة دائرة المطرية وعين شمس والسلام، كما كشفوا أيضا عن قضية "الصفر" الذى أضيف إلى عدد أصوات المرشح مصطفى بكرى الفائز بمقعد الفئات فى الدائرة التاسعة والذى نتج عنه تقدم 3 من منافسيه للقضاء الإدارى بطعن على نتيجة الانتخابات بالدائرة وإعادة الفرز بها والتى تم تحويلها لمحكمة النقض للنظر بها لم تقتصر حملتهم الرقابية على القاهرة بل امتدت لمحافظات المرحلة الأولى، حيث شهدت الإسكندرية نشاطا مكثفا من الناخبين الذين أطلقوا مناشدات عبر حساباتهم على تويتر تحث الناخبين على المشاركة الإيجابية والتوحد من أجل إسقاط أحد المرشحين، أبرز الفلول هناك لافتة إلى وجود صفقة ما بينه وبين أحد الأحزاب الدينية راصدين تجاوزات فى اللجان هناك مثل الرشاوى الانتخابية والتصويت المنظم. كما دشنوا على الفيسبوك حمة شبابية رفعت شعار " إنزل يا مصرى اصنع مستقبل بلدك " لحث الناخبين على النزول فى جولة الإعادة لإنقاذ برلمان الثورة من دخول الفلول و اختيار خير ممثلين لبرلمان الثورة. وأخيرا فى ظل عدم الإقبال الملحوظ للناخبين على النزول للجان والإدلاء بأصواتهم فى جولة الإعادة بالمرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية والتى برز فيها تقدم ملحوظ للتيار الإسلامى، أطلق نشطاء على تويتر مناشدات للناخبين تطالبهم بالنزول للإدلاء بأصواتهم خصوصا بعد أن شهد اليوم الثانى من جولة الإعادة فراغا تاما بالكثير من اللجان، وفق عدد من النشطاء الذين وجهوا دعوات للناخبين للمشاركة من أجل إحداث التوازن بالبرلمان. حيث حملت بعض تلك المناشدات حثا للناخبين على انتخاب تيار بعينه لحسم المعركة الانتخابية لصالحه أو حتى لإحداث توازن فى البرلمان كى يكون ممثلا لكل القوى السياسية، بينما كانت هناك مناشدات عامة تحث الناخبين على المشاركة أيا كان اقتناعهم وانتماءهم الفكرى والسياسي نظرا لأهمية مشاركتهم التى ستحدث فرقا بالتأكيد من أجل استكمال عملية التحول الديمقراطى وحتى يضمن المشاركون عدم تزوير أصواتهم أو استغلال عزوفهم بشكل سييء.