يرى اليمين الأميركي أن الانسحاب الأميركي الكامل من العراق سيعزز نفوذ إيران في البلد المجاور لها، وإن كان رحيل القوات لا يعني انتهاء وجود الولاياتالمتحدة في العراق. ولم تخف ادارة الرئيس باراك أوباما رغبتها في الإبقاء على بضعة آلاف من الجنود في هذا البلد الذي ما زال يشهد نزاعات سياسية ودينية. سترحل الوحدات الأميركية الأخيرة المتمركزة في العراق في 31 ديسمبر على أبعد حد لأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية يضمن لها حصانة قضائية بعد هذا التاريخ. قال الخبير محمد البزي إنه تم الوصول إلى هذه النتيجة بسبب وزن الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي أقام لفترة طويلة في منفاه في إيران.وأشار إلى أن الصدر عضو في التحالف الهش الحاكم في العراق، موضحاً أن رئيس الحكومة نوري المالكي "لا يمكن أن يسمح لنفسه بفقدان دعمه". وستبقي واشنطن على وجود مدني كبير في العراق الذي يضم أكبر سفارة أميركية في العالم. كما سيبقى آلاف "المتعاقدين من الباطن" الموظفين لدى شركات عسكرية خاصة، في العراق. وأعلن الرئيس أوباما أن "الحرب ستنتهي" في نهاية السنة في قرار انتقده الجمهوريون بشدة. ووصف جون ماكين خصم أوباما في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2008 القرار بانه " نكسة سيئة وحزينة للولايات المتحدة في العالم" و"انتصار إستراتيجي" لأعداء الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط "وخصوصا للنظام الإيراني". أما ميت رومني المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة فرأى أنه "فشل ذريع يعرض للخطر الانتصارات التي تحققت بدم وتضحيات آلاف الاميركيين" منذ غزو العراق في 2003. من جهته، أكد رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب هاورد "باك" ماكيان أنه "ما زال قلقا" بشأن قدرة العراق على الدفاع عن نفسه. قال المحلل المحافظ فريديريك كاغان من مركز "اميركان انتربرايز انستيتوت" إن الانسحاب الأميركي "يلقي العراق في أحضانإايران". ورأى أن هذا الانسحاب يقوض الجهود التي تبذل لعزل الجمهورية الإسلامية، لأنه يسمح بإنشاء "ممر للتبادل الحر" إيراني عراقي ويسهل لجوء إيران إلى مجموعات إرهابية لفرض آرائها على العراق. قال رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد أن الولاياتالمتحدة "تراقب إيران". وفي وزارة الخارجية الأميركية تحدث الناطق مارك تونر عن "فصل جديد في علاقاتنا مع العراق".وقال "نريد إقامة علاقة ثنائية قوية معهم". وتحدث مركز بحوث يحمل اسم "ثينك بروغريس" بسخرية عن الانتقادات الجمهورية لقرار الانسحاب مشيراً إلى أن توقيع اتفاق مع العراق حول الانسحاب في نهاية 2011 كان واحدا من آخر الأعمال التي قام بها الرئيس السابق جورج بوش في ديسمبر 2008. وعبر أري فليشر الذي كان الناطق باسم الرئيس بوش عن تأييد لم يكن متوقعاً لأوباما. فقد رأى على موقع تويتر للرسائل القصيرة أن "القرار بشأن العراق صائب" لان "الحرب انتهت". كان الخبير المستقل انطوني كوردسمان قال في سبتمبر إن إيران "تمتلك قدرات ثقافية وعسكرية واقتصادية عدة للتأثير" في العراق الذي مزقته تسع سنوات من الحرب. وأضاف "لكن ليس من السهل إعادة صياغة العراق ليصبح الحليف الذي تريده إيران". بوجود قوات أميركية وعدمه، يرى كوردسمان في كل الأحوال "تنافسا على النفوذ" بين واشنطن وطهران في العراق. وهو يرى أن دبلوماسيي وزارة الخارجية هم الذين سيديرون العلاقة الأميركية مع العراق. وتابع أن عملهم سيكون ضروريا لدعم الإصلاحات التي ستعزز شرعية حكومة بغداد وخصوصا لمكافحة الفساد وتعزيز دولة القانون. وقال إن الإصلاحات "لا تصب بالضرورة في مصلحة إيران".