"واحد جزائري قتل حفيده، علشان قاله يا جدو.."، ليست مجرد نكتة شاعت بين المصريين، عقب فوز المنتخب المصري علي نظيره الجزائري في مباراة يناير 2010، بقدر ما هي مؤشر لما تعانيه الملاعب العربية في الآونة الأخيرة. فالساحرة المستديرة، التي تدور بين أقدام 22 لاعبا فقط، ويتعلق بها ملايين المشجعين أصبحت هي الحكم والمحدد لشكل العلاقات بين العرب بعضهم بعضا، وقد تنتقل في أحيان كثيرة لتؤثر علي العلاقات السياسية والاقتصادية بين بلدين. السؤال: لماذا يبدو التعصب عند العرب أمرا حتميا، على رغم أنهم من أصل واحد ويتحدثون بلسان واحد؟. يجيب أشرف محمود، نائب رئيس تحرير مجلة "الأهرام العربي"، المعلق الكروي عن هذا السؤال من خلال كتابه، الذى صدر حديثا عن "الجمعية المصرية للثقافة الرياضية"، بعنوان" دماء علي البساط الأخضر". يقول محمود: المشكلة أكبر من مجرد صراع رياضي عربي، فهي صراع كيانات، لايحكمها إلا منطق الإثارة وهوس الانتشار، فالصراع العربي الرياضي، لم يقتصر علي بلدين أو أكثر دون غيرهما، إنما امتد ليشمل تقريبا غالبية الدول العربية، فكل خلاف سياسي بين دولتين انعكس علي الرياضة، وأثر فيها سلبيا. يحمل الكتاب غلافا صادما، إذ تخرج ألسنة النيران من بين صفوف الجمهور، بينما تمتد يد بسكين ملطخ بالدماء، لتقسم ساحة الملعب الخضراء. ويحتوي علي أربعة عشر فصلا، بدأها المؤلف بمحاولة البحث عن جذور التعصب.. متسائلا: لماذ الصراع؟، واختتمها بمجموعة لقطات مصورة من ملاعب رياضية، يري فيها تجسيدا لحجم الصراع العربي الرياضي، وكيف كان العرب، وإلي أين وصلوا. وتحت عنوان "المتعصبون"، يتعجب المؤلف من أمر المتعصبين في بلداننا العربية، ممن اختزلوا الأوطان في فريق كرة، واعتبروا فوزه أمرا حتميا، يضاف إلي انتصاراته، أما الخسارة فلاتليق بفريق الوطن، وإن حدثت، فالمبررات جاهزة، والتهم للحكام، أو المنظمين عديدة. وهو ما يرجعه إلي القصور الثقافي في تعاطي كرة القدم. ويعرض الكتاب، نماذج لبطولات كرة القدم المحلية، داخل الدول العربية، وعلى المستوى الإقليمي العربي، كالدورات العربية وكأس الخليج، وماتشهده هذه البطولات من خلافات، كما تناول التجربة السيئة، التي دارت بين مصر والجزائر أخيرا. وتحت عنوان" تعليقا علي ماحدث"، يرصد المؤلف المحاولات، التي قام بها لتهدئة الأجواء خلال أزمة مباراة مصر والجزائر، ولا تفوته الإشادة ببرنامج" صدي الملاعب"، الذي اعتبر مقدمه مصطفي الأغا، أحد النماذج الإعلامية، التي ساهمت في نبذ مشاعر التعصب والكراهية، التي سادت بعض الملاعب العربية. ويختتم أشرف محمود كتابه، بتأكيد أنه محاولة لدق ناقوس الخطر، حول ما يجري في الملاعب العربية، وهي الفكرة نفسها، التي حملها الكتاب في بدايته، حيث قال: "الرياضة وسيلة للترويح والمتعة، ومضمار للتواصل.. فلا تطعنوا مبادئها في مقتل، فتسيل دماؤها النبيلة فوق البساط الأخضر".