مع حلول الذكرى السنوية العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يخاطب القاريء العربي بمقال عن رؤيته لسياسة أمريكا ورؤيتها للعالم وأخطر تحدياته الإرهاب. واعتبر أن تلك الهجمات الإرهابية التي وقعت ضد نيويوركوواشنطن في عام 2011 لم تكن هجوما على الولاياتالمتحدة وحدها وإنما على الإنسانية وعلى الآمال التي يتشاطرها العالم. وذكر الرئيس أوباما أمريكا والعالم بتلك الهجمات في مقال نشرته اليوم الجمعة صحيفة الشرق الأوسط في صفحة الرأي، وقال إن ما يقرب من الثلاثة آلاف شخص من الأبرياء الذين فقدناهم كان بينهم مئات المواطنين من 90 بلدا وذلك في محاولة من الرئيس الأمريكي إظهار بشاعة الإرهاب والذي لا يفرق بين الأمريكيين وغيرهم كما أن ذلك الإرهاب كما يوضح أوباما استهدف الجميع من كل الأجناس والأديان والأعمار والرجال والنساء والشباب وكبار السن. وأكد أوباما أهمية تكريم الذكرى المهيبة لهؤلاء الضحايا. وعبر الرئيس الأمريكي عن عرفانه لالتحام العالم ووقوفه كتلة واحدة في وجه الإرهاب قبل 10 سنوات، مشيرا إلى أن مدنا بكاملها وقفت في صمت وأدى الناس الصلوات في الكنائس والمساجد والمعابد وتكدست الزهور أمام سفارات الولاياتالمتحدة تضامنا مع أمريكا وضحاياها. وتطرق أوباما لتلك الروح وللحرب على الإرهاب معتبرا أن العالم عمل وتصرف كأسرة واحدة عقب 11 سبتمبر وتم العمل كجزء من ائتلاف واسع لطرد القاعدة ،المسئولة عن تنفيذ الهجمات التي هزت أمريكا والعالم، والتي تعتبر من أخطر الهجمات على الأراضي الأمريكية، من معسكرات التدريب الخاصة بها في أفغانستان، مبررا بذلك الغزو العسكري الأمريكي في افغانستان واسقاط حكم حركة طالبان. ورأى أوباما أن تلك الحرب أتاحت للشعب الأفغاني العيش متحررا من الإرهاب متجاهلا معاناة الأفغان بسبب تلك الحرب الأمريكية والتي جرت المزيد من الدمار على أفغانستان وحتى وإن خلصتها من حكم طالبان. وقد أقر أوباما بالسنوات الصعبة التي واجهتها أمريكا في أفغانستان وأن روح الشراكة العالمية التي أحست أمريكا بها عقب 11 سبتمبر قد انفرطت. وقال إنه عمل بوصفه رئيسا للولايات المتحدة على تجديد التعاون العالمي للتصدي الكامل للتحديات العالمية التي نواجهها. وشدد الرئيس أوباما على أن الإرهابيين ليسوا ندا لشدة وصلابة المواطنين في أمريكا والعالم وقدرتهم على التكييف، كما أنه أكد أن الولاياتالمتحدة لن تكون أبدا في حرب مع الإسلام وإنما هى تتحد وتكون تحالفات وشركاء ضد القاعدة التي هاجمت عشرات الدول وقتلت عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من الشرق الأوسط إلى أوروبا فأفريقيا ثم آسيا. واعتبر أن التعاون فيما بين الدول عطل مؤمرات القاعدة وأبرز التخلص من زعيم التنظيم اسامة بن لادن والكثير من قادة القاعدة وتم دفعها إلى طريق الهزيمة. ولم ينس أوباما أن يشيد بثورات الربيع العربي وإرادة شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي ترغب في الحرية والعدل والكرامة والتي انتهجت واتخذت سبيلها وشقت طريقها السلمي بقوتها المعنوية دون اللجوء إلى العنف الأهوج لتحقيق أهدافها، معتبرا أن المستقبل بيد هؤلاء الراغبين في العمران والمصرين عليه وليس ودعاة الخراب والدمار. وتناول الوجهة المستقبلية لسياسة أمريكا الخارجية مؤكدا أن واشنطن ستسحب ما تبقى من قواتها في العراق وتسلم وتنقل المسئولية في افغانستان وسوف تساند العراقيين والأفغان في جهودهم لتوفير الأمن وتمهيد وإتاحة الفرص أمام الشعبين. وكرر موقف أمريكا الراسخ من دعم الديمقراطية والرغبة في الشراكة مع الشعوب الساعية غلى مستقبل يسوده السلام وأن أمريكا ستقف في العالم العربي وفي خارجه دفاعا عن الكرامة والحقوق العالمية لكل أبناء الإنسانية. وجدد التأكيد على مسئولية أمريكا للعمل الشاق في السعي إلى السلام وتعزيزالتنمية ومكافحة الفقر وتحقيق التقدم في قضية أمن الغذاء في العالم. وختم أوباما مقاله بالتأكيد على أن القاعدة أرادت أن تدق اسفينا بين أمريكا والعالم ولكنها فشلت، مشيرا إلى اتحاد أمريكا مع أصدقائها وشركائها في الذكرى العاشرة لهجمات سبتمبر.