بعد نجاح حفلات توقيع الكتب كوسيلة لجذب الجمهور، ظهرت أشكال جديدة للدعاية أبرزها "البرومو" أو الفيديو الدعائي، التي انتشرت مؤخرا على مواقع مثل "اليوتيوب" و"الفيس بوك" للترويج لكتب أو لكتاب، واللافت للنظر أن قلة من بين تلك البروموهات نفذت بحرفية عالية، كما يشير إلى ذلك الروائي ومصمم الأغلفة أحمد مراد، الذى كان من بين أبرز من استخدموا تلك الوسلية الجديدة، فهو يرى أن البرومو خطوة مهمة على طريقة معاملة الأدب كصناعة. ويشير إلى أن دخول الصناعة بشكل جاد في الفن أمر مفيد، لأنه يضفي الكثير من النظام على العملية الإبداعية، ويساعد الأديب على التفرغ للأدب ومعاملته كمهنة أولى، مما يجعله متفرغًا لإبداعه تفرغًا تامًا. ويتابع مراد مؤكدًا أن البرومو لا يتكلم عن الكتاب ولكنه يعلن عنه، وهذا لا يقلل أبدًا من شأن الأدب، ويتابع "نحن دائما متأخرين عن الغرب، الأديب عندما يجد نفسه تحت بؤرة الضوء وأن الجمهور دائما متحفز لصدور أعماله يصبح أكثر اهتماما بتجويد عمله، ويصبح الأمر محفزًا قويا على استمراره لممارسة العملية الإبداعية. ومن اللافت للنظر أن غالبية "البروموهات" صممت للترويج لأعمال ذات طابع صحفي أو لكتب ساخرة ولمؤلفين من جيل الشباب، إلا أن شركة "كيرف" قد قامت بتصميم أكثر من برومو، كما يشير إلى ذلك مديرها مهند جمال الذي فسر داوفعه لإدخال هذا المجال الجديد في مجال عمل شركته، قائلا : دخول مثل هذه التقنيات الجديدة في الدعاية للكتاب بلا شك خطوة مهمة جدًا في تاريخ صناعة الأدب، فالغرب يتعامل مع الموضوع بجدية ولم يعد الأمر لديهم مجرد" برومو "، بل تجدهم أحيانا يوزعون مع الكتب سي دي موسيقي أُلف خصيصا للعمل الأدبي، أو سي دي يحوي صورًا تعبيرية تكمل العمل السردي.. كل ذلك بالطبع يفيد العمل الأدبي، لكننا للأسف مازلنا بعيدين عن هذه التقنيات. واجه "مهند" و"أحمد مراد" صعوبة في إقناع الناشر بفكرة عمل برومو للرواية، مما اضطر الأخير لإنتاج البرومو على نفقته الشخصية، حيث يشير مهند إلى أن دور النشر لم تصل إلى هذه المرحلة بعد، ولم تتحمس دار الشروق إلا بعد أن أتممنا البرومو الأول وحقق رواجًا.. لكن دور النشر يجب أن تتحمس جدًا لهذا الموضوع.. فمجال عملي الأساسي هو الإعلان ومن خبرتي أقول إن الإعلان الجيد للكتاب يرفع من أسهم رواجه لدى القارئ بل ويستقطب شرائح جديدة للقراءة، لكن الموضوع يحتاج لمعاملته بجدية، فهو ليس مجرد "تقليعة جديدة".. انظر معي للبروموهات المنتشرة على اليوتيوب والفيس بوك تجد معظمها بدائية الصنع تحمل رؤية ساذجة عن العمل الأدبي قد تضر به ولا تفيده. تكلفة البرومو الجيد قد تترواح ما بين 20 ألف إلى 150 ألف جنيها مصريًا، هذا رقم يبدو في ظاهره مهولا، إذ أن 20 ألف جنيه قد تفتح داراً للنشر، والرقم نفسه قد يستخدم لإصدار عشرة كتب. ومن جهته يؤكد فادي عوض من قسم النشر بدار الشروق أن خطوة "البرومو" "نتجت نسبة للتطور الإعلامي الحادث، حتى وإن كان ترويجها يتم عبر موقعي اليوتيوب والفيسبوك". رغم ذلك يظل إنتاج البرومو –كما أشار عوض- بمبادرة من الكُتَّاب أنفسهم، ولكنه يشير إلى أن هناك: نية أن نتجه بأنفسنا، خاصة بعد النجاح الذي حققه برومو رواية تراب الماس، بالإضافة إلى نجاح فكرة الحجز المسبق الذي دشنها برومو كتاب "المادة 212" لهيثم دبور، وهذا الأخير في حد ذاته يعد مبادرة تسويقية جديدة. يرى عوض كذلك أنه ليس بالضرورة أن تكون التكلفة المادية لإنتاج برومو عالي الجودة كبيرة، لأنه ليس مهما عنصر الإبهار البصري بقدر ماهو مهم إيصال فكرة الكتاب، وهذا ما يتميز به عموما عصر النيو ميديا، الذي يجذب الشباب في المقام الأول، لذا ستكون الكتب التي يهتم بها الشباب هي موضع اهتمام الدار في الدعاية عن طريق البرومو، الشباب الآن تجتذبهم الكتب الساخرة والكتب السياسية، لكننا بالطبع سنعمل على أن نضيف لهم مواد أخرى إبداعية، ولكن في نطاق ما يجتذبهم حتى نعمل على جذب فئات أخرى للقراءة.