زار القاهرة موخرًا الدكتور على الحكيم الأمين العام لمؤسسة الحكيم، وهو ابن عم عمارالحكيم رئيس المجلس الإسلامى إحدي القوى السياسية الكبرى، والتى تشارك فى حكم العراق سواء فى مجلس الوزراء أو البرلمان أو غيرها من مؤسسات الدولة وتتخذ المؤسسة من لبنان مقرًا لنشاطها باعتبارها مؤسسة مدنية تسعى إلي التواصل مع غيرها من مؤسسات المجتمع المدنى فى الوطن العربى. وحول أهداف الزيارة أوضح السيد الحكيم في حديث ل" بوابةالاهرام "قائلا : إننا نسعى منذ زمن طويل إلى تحقيق نوع من التكامل بين العراق ومصر خاصة فى ظل ما تتميز به مصر من محورية دورها المركزى والقيادى فى المنطقة العربية وحيوية مجتمعها المدنى فنحن على قناعة قوية بأنها تشكل ركيزة من ركائز الاستقرار الأقليمى وبدونها ليس ثمة استقرار فى المنطقة مهما بلغت قوة الأطراف الأخرى والتى حاول بعضها وراثة الدور المصرى إلا أنها عجزت عن ذلك ولست فى معرض تحديد هذه الاطراف بالاسمودعنى، أؤكد لك أنه اذا كان العراق يمثل آخر الحدود الشرقية للوطن العربى فإن مصر تعد عماد العرب والمسلمين فى إفريقيا ومن دونها فان التوازن الاقليمى يتعرض لاختلال واضح وكبير ومن ثم فإنه من الضرورة بمكان الحيلولة دون وقوع هذا الاختلال بأى وسيلة، واذا كانت الحكومات والنظم فى المنطقة العربية قد عانت من وجود بعض المشكلات التى دفعت الشعوب أثمانا باهظة لها فإنه ينبغى أن نتجه الى مؤسسات المجتمع المدنى بهدف تحقيق التكامل الانسانى والثقافى والاجتماعى وذلك هو جوهر اطلالتنا الحالية على المحروسة أما فيما يتعلق بتوقيت الزيارة فإنه خضع للترتيب الزمنى وقد التقي خلال الزيارة عددًا من القيادات الاسلامية المصرية ومسئولي مراكز الدراسات والأبحاث، كما عقد لقاءات حوارية مع مفكّرين وباحثين وإعلاميين مصريين يمثلون وجهات نظر سياسية وفكرية متنوعة الى جانب لقاء مع المرشد العام للاخوان المسلمين الدكتور محمد بديع وبعض قيادات حزب الحرية والعدالة، ومع بعض الشخصيات المصرية المرشحة لرئاسة الجمهورية. وحول نظرة العراقيين لثورة الخامس والعشرين من يناير فى مصر قال الحكيم: ثمة بعد عاطفى يحكم نظرتنا لهذه الثورة يستند إلى جملة من المعطيات أولها إننا عانينا فى العراق من النظام السابق وبالتالى فإنه عندما يتظاهر الشعب المصرى ويخرج للمطالبة بحقوقه فقد كنا نشعر بنفس القدر من المعاناة والجروح التى عايشها مع نظامه السابق وثانيًا فانه كان يوجد خلال سبعينيات وثمانينات القرن الفائت ما يقرب من خمسة ملايين مصرى ضمن النسيج الموحد للشعب العراقى يتقاسمون معنا أرزاقنا وبيوتنا وعوائلنا وعاشوا بيينا دون أن نرى منهم أى سوء وبالتالى تركوا لدينا انطباعات إيجابية ودرجة عالية من المشاعر الفياضة تجاههم فعندما اندلعت الثورة شعرنا بالتعاطف مع الشعب المصرى وانتابتنا مخاوف من وقوع انتكاسة لها مثلما حدث للانتفاضة الشعبية فى العراق خلال العام 1991، وثالثا: لقد أبهجنا كثيرًا الموقف الذى تبناه الجيش المصرى تجاه هذه الثورة والذى اعتبرناه نقطة الارتكاز والضمانة الرئيسية لنجاح الثورة خاصة أنه عبر عن رغبته القوية فى ألا يحكم وتلك ميزة نسبية مقدرة وسألته الأهرام: ألم تقلقكم حالة الانقسام التى سادت بين القوى التى فجرت الثورة فى مصر وهل ثمة خبرة عراقية فى هذا الشأن ؟ فأجاب قائلا : لاشك أن الحالة المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير تشبه فى كثير من جوانبها الحالة العراقية بعد سقوط النظام السابق فبعد كل عملية تغيير تبدأالقوى التى كانت قائمة فى فقد تأثيرها لصالح القوى الصاعدة والتى يتنامى دورها مما يؤدى بالضرورة إلى حالة من التبدل فى الأوزان والأدوار وهو ما ينتج عنه ما يمكن وصفه بالهزات السياسية والأمنية، وفى تقديرى فإن هذه الأعداد المتزايدة من ائتلافات الثوار تمثل دليل عافية وحيوية وأن المجتمع بعد الثورة يريد أن يعبر عن نفسه بينما كان فى فترات سابقة عاجزًا عن التعبير عن هذه الذات قد يستغرق الأمر سنة أوسنتين أو عشرا حتى تتبلور الملامح الأساسية المعبرة عن هؤلاء الشباب الذين أِشعلوا الثورة فما حدث فى الخامس والعشرين من يناير هوصدام واسع وعميق بالواقع المصرى وهو بدوره يقود الى إشكاليات عدة على الصعد السياسية والأمنية والأيدلوجية والعقائدية بل والأقتصادية على اى حال ما أراه وأقرأه فى مصر أن ثمة تقدما حدث فى مصر فى أعقاب ثورتهاالمجيدة ولا أظنه بطيئا كما يتراء للبعض بل هو يسبق زمنه وهو ما ينطوى على درجة من المخاطرلأن الأمر يستوجب التحول التدريجى ولحسن حسن مصر أن بها نموذجا يفتقده العراق ويتمثل فى المؤسسةالعسكرية التى لا تنزع الى الحكم أوالتسلط الأمر الذى يدخل الطمأنينة بأن أمانة البلاد محفوظة , ومن هنا أنا ارجوكم فى مصر ان تحافظوا على هذه المؤسسة – الجيش - ولتكن النواة التى تلتفت حولها كل القوى الحية خاصة بعد أن انحازت الى عقيدتها الوطنية والاستراتيجية حماية للثورة ولمكتسبات الشعب ورفضت الاوامر العليا بإطلاق النار على المتظاهرين. وفيما يتعلق بما تحذر منه دوائر فى المنطقة من مخطط لإقامة ما يسمي بالهلال الشيعى الذى يبدأ بإيران مرورا بالعراق والبحرين والى حدما المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية وصولا الى حزب الله فى لبنان فهل يوجد تعقيب من السيد علي الحكيم:تارة يقولون الهلال الشيعى وأخرى يرددون الجزيرة الشيعية وثالثة يلفتون إلى أن ولاء الشيعة المنتشرين فى البلاد العربية لإيران وهى كلها مقولات وتصورات غير واقعية فنحن الشيعة نؤمن ونصرح بذلك علنا بدون أى محاولة للتقية أو التورية بأن مكان عيشنا ومحيطنا ومجال حركتنا هو ضمن المحيط السنى الذى نحن جزء منه يقبل بذلك من يقبل أويرفض من يرفض فنحن لسنا مجموعة متمايزة عن غيرنا ولانحمل دينا يختلف عن دين اخواننا المحيطين بنا ومن أراد أن يقتنع بذلك فأهلا به ومن لم يرد فأهلا به ايضا،إننا لسنا مذهبا أو حزبا أو دولة وإنما مدرسة ضمن المدارس الاسلامية المتعددة فلا يمكن وصف الامام مالك اوالامام ابو حنيفة النعمان أو الامام جعفر الصادق بأنهم يمثلون دينًا أو مذهبًا أوطائفة وإنما هم شيوخ مدارس تجتمع فى ظل مدرسة لاإله الا الله محمد رسول الله، قد يكون ثمة تباين فى الرؤى والافكار مثلما قد يحدث خلاف بينى وبينك فى شأن معين وكما اختلف مالك وابو حنيفة فى كثير من القضايا الفقهية والكلامية، إذن الأمر لايعدو كونه خلافًا عاديًا وطبيعيًا، لكن يبدو أن هناك من يحاول أن يستغل هذا الخلاف لأهداف كبرى سواء من السنة أو الشيعة، وأظن أن من يمتلك القدرة على تصعيد هذا الخلاف فلن يقصر مثلما رأينا فى السنوات الأخيرة، ونحن نؤمن بأنه لايوجد إسلامان أحدهما سنى والآخر شيعى بل هناك إسلام واحد ضمن سياق يسمح بالتعدد والتنوع فى إطار المشترك والمتحد سواء فيما يتعلق بنظرية الأمامة والحكم أو نظرية ولاية الأمر والخلافة أو فيما يتصل بالحلال والحرام ومختلف المسائل الفقهية أما فيما يتعلق بأمور العبادات فهذا شأن تفصيلى له جانب طقوسى قد يتصل على نحو ما بعادات المجتمع المدنى أو البيئة المحيطة بالمذهب أو الطائفة علقت متسائلا : لكن بعض الدوائر فى مصر تحديدًا ومن ضمنها شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بعض التوجس من محاولات للتبشير الشيعى فأوضح قائلا : أظن أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قد أبدى خوفا من "التشيع السياسى" وهذا من حقه كما أخاف أنا من" التسنن السياسى "فنحن فى العراق لانقبل أن يحكمنا شخص بناء على انتمائه المذهبى شيعيا كان أوسنيا وإنما بصفته عراقيا بالدرجة الأولى فجدنا الأكبر الإمام الحكيم عندما سئل خلال سنوات حكم عبد الكريم قاسم أو خلال حكم الأخوين : عبد السلام وعبدالرحمن عارف عن مطالب الشيعة أجاب بأمر واحد فقط وهو أن يكون الحاكم عراقيا فلا يعنيه أن يكون شيعيًا أو سنيا وهذا موقف متقدم نتبناه منذ ستنيات القرن الماضى ولازلنا متسمكين به وحريصين عليه ولكن اذا كان الامر سيقود إلى تشيع سياسى أو تسنن سياسى مع مايصحب ذلك من تبديل وتغيير للهويات فذلك مرفوض من قبلنا بل نحن نؤمن بأكثر من ذلك استنادًا الى مقولة للامام جعفر الصادق إمام المذهب الشيعى فقد توجه اليه خلال حكم المنصور فى بغداد أيام الخلافة العباسية ولم يكن لديه قناعة بأنه خليفة المسلمين ليدفع اليه الزكاة غير أنه سارع بتوجيهه إلى ضرورة أن يدفعها للمنصور باعتباره الحاكم الذى يجب أن تدفع له الزكاة فنحن لايعنينا على الاطلاق أن نمارس تشيعا سياسيا وأن ينجم عن ذلك تدمير للتشيع الفكرى كما لانقبل تدمير التسنن الفكرى.