قد يكون النفط والغاز من بين أهم مصادر الثروات في العالم بالنسبة للدول التي تحظى بوجودهما لديها، ولكنهما قد يتحولان إلى مصادر للتوتر الإقليمي وربما الدولي في بعض الحالات، وهذا ما يخشى البعض حصوله في حالة الحقول المكتشفة بالساحل الشرقي للمتوسط، والتي أصبحت ملكيتها مدار صراع بين لبنان وإسرائيل. ويقدر المركز الجيولوجي الأمريكي للأبحاث بأن الجانب الشرقي من البحر المتوسط قد يحتوي على ملياري برميل من النفط القابل للاستخراج وكميات كبيرة من الغاز. فكميات النفط والغاز التي قد تظهر قبالة السواحل اللبنانية ربما تحمل معها الحل لمشاكل هذا البلد الاقتصادية المزمنة، والتي يعاني تبعاتها منذ زمن، ولكن المشكلة تكمن في تعارض وجهات النظر بين لبنان وإسرائيل حول حدودهما المائية. وقدم لبنان إلى الأممالمتحدة نماذج لخرائط بحرية طلب تثبيتها لإظهار ملكيته لمنطقة قد تحتوي على كميات من الغاز، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اعترض عليها معتبرًا أن بيروت قامت بتوسيع المساحات التي تعود إليها قانونا وبشكل يتعارض مع وجهة النظر الإسرائيلية والاتفاقية البحرية التي وقعتها تل أبيب مع قبرص، بل وحتى مع الاتفاقية التي وقعها لبنان مع قبرص عام 2007. ولكن من وجهة النظر اللبنانية فإن المنطقة المتنازع حولها، والتي تبلغ مساحتها 850 كيلومترًا مربعا من المسطحات المائية، تعود للبنان. وفي هذا السياق، قال جبران باسيلو زير الطاقة اللبناني، كل ما قيل عن حصول خطأ أو عن وجود اتفاقيات مغايرة سبق للبنان التوقيع عليها غير صحيح البتة، نحن نحترم القوانين الدولية، وإذا قامت إسرائيل بالأمر نفسه فلن يكون هناك أي مشكلة". حتى إن الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، دخل على الخط قائلاً إن القوة ستستخدم للحفاظ على ما يعتبرها حقوقًا مشروعة للبنان بالثروات التي قد توجد تحت مياه البحر، كما هدد باستهداف المنشآت الإسرائيلية النفطية إذا تعرضت منشآت لبنان للاعتداء. وقد سبق لإسرائيل أن جذبت شركات للتنقيب في حقلين يقعان بالمناطق المائية الشمالية، ويحمل الأول اسم "تمار" والثاني "ليفاياثان"، ويرجح أن فيهما قرابة 25 تريليون قدم مكعب من الغاز. أما لبنان فما زال في المراحل الأولية لتنسيق عمليات التنقيب، وقد صادق برلمانه مؤخرًا على قانون ينظم هذه العملية، غير أن التوقعات تشير إلى أن الحكومة قد لا تُصدر أي رخص قبل نهاية العام المقبل. وهكذا، فعوضًا عن أن يكون النفط والغاز بمثابة هبات غير متوقعة للبنان وإسرائيل، فإن هذه الثورة قد تصبح سببًا جديدًا لزيادة التوتر بينهما.