ثمان وثلاثون قطعة أرض تنافس علي شرائها4500 مواطن فكانت النتيجة ارتفاع سعر المتر الي11 ألف جنيه. هذا هو ملخص المشهد الذي جري قبل ايام في مدينة القاهرةالجديدة وعبر مزاد رسمي أقامه جهاز المدينة. ماذا يعني ذلك؟! يعني اشياء كثيرة أولها انه يطرح سؤالا عما اذا كان التاريخ يعيد نفسه في السوق العقارية وعما اذا كانت نفس السياسات والادوات التي اتبعها وزير الاسكان الاسبق أحمد المغربي في عام2007 تتكرر الآن لتعيد انتاج نفس الازمة وتزيد المشهد العقاري في مصر تعقيدا. واذا كان عنصر الارض يعد عنصرا حاكما في تكلفة العقار فإننا بصدد موجة جديدة من ارتفاع الاسعار, جاء مزاد القاهرةالجديدة ليبشر بها ويعطي مؤشرا عن مدي هذه الموجة والي اين يمكن ان تصل وتلقي بظلال سلبية علي قضية الاسكان في مصر. صحيح ان احد دوافع اقبال المواطنين علي شراء هذه الاراضي والمبالغة في الاسعار رغم ان المزاد بدأ بسعر2800 جنيه للمتر هو رغبة هؤلاء المواطنين في الحفاظ علي قيمة مدخراتهم باعتبار العقار مخزنا آمنا للقيمة بعد تدهور الجنيه امام الدولار. وصحيح ايضا ان هذه الاسعار غير المبررة اقتصاديا واجتماعيا تعكس جانبا من حمي المضاربات علي الاراضي والعقارات التي اطلقتها سياسة البيع بالمزادات والارباح الكبيرة التي يحصدها المضاربون نتيجة عمليات التسقيع الواسعة النطاق التي تشمل منذ سنوات جميع انواع الاراضي من زراعية وصناعية وبالطبع الاراضي المخصصة للاسكان التي تشجع هؤلاء المضاربين علي مواصلة ألاعيبهم وتنظيم صفوفهم لحصد مزيد من الارباح علي حساب المجتمع الا ان كل ذلك لا ينفي مسئولية الدولة عن اتباع نفس السياسات السيئة التي اوصلت ازمة الاسكان الي درجة من التعقيد بات من المستحيل التعامل معها دون تضحيات كبيرة. واذا كان الارتفاع الكبير الذي سيؤدي إليه هذا المزاد في اسعار الاراضي يتزامن معه ارتفاع كبير ومتواصل في اسعار مواد البناء نتيجة قرار التحرير الجزئي لاسعار الطاقة الذي اصدره مجلس الوزراء الاسبوع الماضي ورفع به سعر الغاز من4 الي6 دولارات للمليون وحدة حرارية فإننا امام موجة قادمة دون شك من انفلات سعري في وقت تستحكم فيه ازمة اقتصادية طاحنة تعصف بالجميع. إذن ما جري في القاهرةالجديدة يضع أحد اهداف ثورة25 يناير علي المحك لأن عجز النظام السابق عن تلبية احتياجات الناس من سكن آدمي وتركه ملايين المصريين يقطنون عشوائيات تنعدم فيها أبسط حقوق الانسان كان أحد تجليات الفقر وأفقدت النظام شرعيته الاجتماعية قبل السياسية ومن ثم جاءت ازمة الاسكان في مقدمة أسباب الثورة علي هذا النظام. إذن ما هو العمل؟! للأسف الشديد ما صدر عن وزارة الاسكان بعد الثورة رغم تعدد من تولوا مسئولية الوزارة من سياسات وقرارات كلها لا تعدو ان تكون سوي اعادة انتاج نفس أفكار وسياسات وآليات النظام القديم حتي إنهم عندما أعلنوا عن بناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل لم يوضحوا لنا من أين يأتون بتمويل في حدود100 مليار جنيه لبناء هذه الوحدات والنتيجة انه مر عامان علي الثورة ولم نر سوي عدة آلاف من الوحدات السكنية التي قامت القوات المسلحة ببنائها من مواردها واهدائها لفقراء هذا الوطن. لذلك فإن الحل يكمن في ضرورة ابتكار سياسات جديدة والتوقف عن اعادة انتاج سياسات اسكانية عقيمة سوف تزيد المشكلة تعقيدا وسوف تزيد الاحتقان الاجتماعي وتقذف بملايين جدد من المصريين الي جحور العشوائيات ليصبح هؤلاء فيما بعد وقودا لثورة جياع قادمة يتنبأ بها الكثيرون*