لا يبدي كثير من رجال الاعمال وممثلي منظمات القطاع الخاص تفاؤلا كبيرا بإمكانية ان يسفر عقد مؤتمر قومي للانقاذ الاقتصادي عن شيء مهم لمسيرة الاقتصاد حيث يري هؤلاء ان وضع حد لحالة الانفلات الامني الراهنة كفيلة بحدوث تقدم اقتصادي ملموس وان المهم اتخاذ اجراءات واقعية علي الارض بدلا من مكلمة المؤتمرات. كشف المهندس محمد حمدي عبد العزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات عن رأيه في ان تنظيم مؤتمر اقتصادي موسع لمواجهة الازمة الاقتصادية وسيلة غير صحيحة لمواجهة الازمة الاقتصادية الراهنة, مؤكدا عدم جدوي هذه الوسيلة لانقاذ الاقتصاد من عثرته. وقال:' ان المؤتمرلا يعدو ان يكون مجرد مكلمة يتخذ الحضور به دورهم في حديث عن طموحات واهداف ينتهي جدية السعي اليها بمجرد انتهاء مدة المؤتمر', مشيرا الي ان الوضع الراهن لا يحتمل مثل هذه الاقترحات غير المجدية والمضيعة للوقت. واضاف ان مواجهة الازمة الاقتصادية الراهنة تستوجب مبادرة الحكومة بالقيام بدورها اولا في تهيئة المناخ الاقتصادي وتحفيز الاستثمار المحلي والاجنبي, وتذليل العقبات المعرقلة لحركة الانشطة الاستثمارية, مؤكدا ان الحكومة المسئول الاول عن مهمة انقاذ الاقتصاد وعلاج مشاكله, حيث ان مشكلات الامن والاضرابات العمالية وسوء التشريعات القانونية الاقتصادية وعدم ملاءمتها للمناخ الاقتصادي الحديث التي تعد جميعها من ابرز مشكلتنا هذه الفترة, مسئولية الحكومة واجهزتها المعنية, لافتا إلي ان القطاع الخاص وحده لن يقوي علي مواجهتها. وقال انه رغم علم وخبرة استاذة الاقتصاد الاكاديميين فإن ذلك لن يستطيع جذب الاستثمارات الاجنبية واقناعها بالمجازفة في ظل الاجواء المضطربة الراهنة, مضيفا ان دور العلماء والخبراء يقتصر علي رسم رؤية عليمة صحيحة لكيفية النهوض, الا ان تنفيذ هذه الرؤية وتحقيق النهوض الاقتصادي المنشود يقع علي عاتق الحكومة في المقام الاول يليها القطاع الخاص. من جهته, تحفظ المهندس محمد سعد الدين رئيس جمعية مستثمري الغاز الطبيعي وعضو مجلس ادارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين علي فكرة تنظيم المؤتمر, موضحا ان فكرة المؤتمر بتقليديتها فكرة غير سليمة ولا تجدي مع الوضع الراهن وشدة خطورته, غير انه اكد انه اذا كان المؤتمر الوسيلة المتاحة حاليا, فانه لابد ان يكون مؤتمرا قويا ومفيدا بحق بما يقدر ويواكب الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة, موضحا انه لابد من اجراء اعداد جيد للمؤتمر يقوم علي حسن اختيار محاضريه, وتحديد واضح لاجندته وفق المشكلات الملحة التي يعانيها الاقتصاد, وان تكون هناك جدية في اتخاذ خطوات تنفيذية حقيقية لتطبيق توصيات المؤتمر واقعيا من قبل الجهات المسئولة. واقترح بان يستضيف المؤتمر خبراء اجانب من دول تتمتع بتجارب ناجحة في النهوض والتقدم الاقتصادي وان كان ذلك بمقابل مادي, علي ان يقوم الخبراء برسم خريطة لكيفية مواجهة الازمة الاقتصادية وتحديد سبل حلها, مستشهدا بتجربة قطر في هذا الشأن حيث ان نهضة قطر الاقتصادية جاءت بفضل الاستفادة من خبرات كوادر اجنبية استعانت بهم الدولة لوضع اسس اقتصادية تؤهلها للنهوض والارتقاء وعملت علي تنفيذها بدقة من خلال جهات قادرة ومؤهلة. وحول اهم الموضوعات التي لابد ان يتناولها المؤتمر اقترح سعد الدين موضوعات الدعم واعادة النظر فيه بما يسهم في تقليل عجز الموازنة ويقضي علي ظواهر وصوله لغير مستحقيه والمتمثلة في تهريبه وبيعه بالسوق السوداء وذهابه للاغنياء, كذلك موضوع اعادة النظر في القوانين الاقتصادية الحالية وتعديلها بما يتواكب مع متطلبات المناخ الاقتصادي الحديث, الي جانب بحث مشكلة محسوبية تطبيق القوانين التي تنتشر ظاهرتها حاليا حيث يتهرب الكبار وذوو السلطة من تطبيق القانون في مقابل ان تستقوي الحكومة علي الصغار باخضاعهم للقانون, مضيفا انه لابد ايضا من مناقشة مشكلة تكدس الاستثمار في مساحات محددة بمصر واهمال باقي الاراضي, حيث يصل حجم المساحات الشاغرة بمصر والمؤهلة للاسثتمار حوالي95% من المساحة الكلية, ومع ذلك يتركز غالب النشاط الاستثماري علي بقعة لا تتجاوز5% من اجمالي مساحة الاراضي المصرية. ورأي ان تعافي الاقتصاد ونهضته الحافز الاول علي استقرار الدولة وانطلاقها في المسار الصحيح, وليس كما يعتقد البعض بان الاستقرار السياسي الدافع لهذا الاستقرار, الامر الذي يستوجب ضرورة توجيه مزيد من الاهتمام لمواجهة المشكلات التي يقاسيها الاقتصاد وحل ازماته لان ذلك الاجدر علي دفعنا لتجاوز المرحلة الحرجة العصيبة التي نشهدها حاليا. ووصف محمد البهي رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات الدعوة لعقد مؤتمر كحل للازمة الاقتصادية بالهزل وعدم تقدير مدي خطورة الازمة الحالية, مؤكدا ان مصر غير مؤهلة لمثل هذه الاقتراحات في هذا التوقيت, وانها في حاجة ماسة لحلول عاجلة وجذرية للاسراع بتجاوز هذه المحنة. واوضح ان عقد مؤتمرات ناجحة يستدعي ضرورة الاعداد المبكر لتنظيمها بما يسبقها بعدة اشهر لضمان استفاء جميع متطلبات نجاحها, كذلك لابد من اعداد ورقة عمل متكاملة بحيث تقوم علي تحديد واضح لاهم المشكلات ووضع رؤية واقعية لكيفية علاجها, كذلك تحديد واضح للفرص الاستثمارية المتاحة وكيفية الاستفادة منها وذلك من خلال الاستعانة بممثلي كل نشاط استثماري لطرح الفرص الاستثمارية المتاحة لديه ومدي عائدها علي الاقتصاد. واتفق في انه لابد من الاستعانة بخبراء من مختلف التخصصات الاقتصادية, غير انه اكد انه ليس بالضرورة ان تكون خبراتهم تقليدية وان ينحصروا في اكاديميين واستاذة الجامعات, بل ان هناك خبراء من داخل المجال الاقتصادي من الصناع والمستثمرين استنادا الي خبرات سنواتهم الطويلة بالسوق المحلي, مشيرا الي ان الاستعانة بمثل هؤلاء ينقل لنا صورة حقيقية عن الاوضاع الاقتصادية بالبلاد ويتيح حلولا ممكنة لكيفية علاجها. واشار البهي الي ان تجاوز الازمة الاقتصادية يتطلب اولا تنظيم البيت من الداخل واعادة النظر في القواعد والقوانين المنظمة لحركة الاقتصاد للقضاء علي المعوقات الناتجة عن خلل هذا النظام وعدم مواكبته لمتطلبات النهوض. من جهته, قال خالد ابو المكارم رئيس شعبة صناع البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات ان الحل الصحيح ليس في اقامة المؤتمرات وإلقاء المحاضرات, ولكن العبرة بالنتائج من الفعل والتنفيذ علي ارض الواقع, كاشفا عن رأيه بانه بهذا القياس تكون نتيجة كل محاولات الحكومة للنهوض صفرا كبيرا, وذلك لعدم تفعيل اي توصية من توصيات المؤتمرات علي كثرتها وعدم اتخاذ اي خطوات جادة لكسب استفادة فعلية من وراء المؤتمرات لخدمة الاقتصاد وحل مشاكله. واوضح ان القطاع الخاص ليس ضد الحكومة ومساعيها علي اختلافها لمواجهة الازمة الاقتصادية, فانه يساند الحكومة ويدعمها لمعالجة ازمات الدولة, الا انه يريد خطوات حقيقية نحو تجاوز الازمة الاقتصادية بحيث يكون الفعل والتنفيذ الجاد المستهدف الحقيقي وراء هذه المساع. واضاف ابو المكارم انه من اهم متطلبات علاج الازمة الاقتصادية الحالية المصداقية والمصارحة بين رجال الاعمال والقطاع الخاص وبين الحكومة واجهزتها*