شهدت عملية إصدار الصكوك فى مصر جدلا واسعا لم ينته بعد، خاصة بعد أن رفض مجمع البحوث الاسلامية مشروع القانون الذى قدمته وزارة المالية فى عهد وزيرها السابق ممتاز السعيد، وقال المجمع إن المشروع يتضمن بيعا وارتهانا لاصول الدولة وهو ما لا يجوز باجماع آراء العلماء. وبمراجعة نصوص مشروع القانون الذى تم تعديله نجد أن المشروع الاول الذى رفضه مجمع البحوث الاسلامية فى مادتيه السابعة والثالثة عشرة ينص صراحة على عدم جواز بيع أو ارتهان أصول الدولة ولا يوجد أى اشارة للملكية العامة للدولة، فكيف جاءت أسباب الرفض؟ مشروع القانون الذى رفضه مجمع البحوث الاسلامية بدون سبب واضح وبدون فحص وقراءة متأنية لمواده هو محصلة ثلاثة مشروعات لقوانين: الاول تقدم به حزب الحرية والعدالة مع حزب النور، والثانى مشروع تقدمت به جمعية التمويل الاسلامى التى يرأسها د. محمد البلتاجى الخبير فى الصيرفة الاسلامية، والمشروع الثالث تقدم به الخبير الدولى فى اصدار الصكوك الدكتور حسين حامد حسان، وتم دمج المشروعات الثلاثة فى مشروع واحد بعد مناقشات طويلة داخل أروقة وزارة المالية بين مستشارى الوزارة وخبرائها وبين مقدمى باقى المشروعات. ثم تبين فيما بعد أن المشروع الذى تقدمت به وزارة المالية لمراجعته وأخذ رأى مجمع البحوث الاسلامية هو مشروع جزئى يتعلق فقط بالصكوك السيادية التى تصدرها الحكومة، على اعتبار أن هيئة الرقابة المالية التى يرأسها الدكتور أشرف الشرقاوى قد أعدت مسبقا مشروعا خاصا باصدار الصكوك للشركات، ورأى الوزير السابق للمالية ممتاز السعيد أن تقدم الوزارة المشروع الخاص بالصكوك السيادية وأن يترك لهيئة الرقابة المالية أن تتقدم بمشروعها فيما بعد. ولكن كما يقول د. حسين حامد حسان إنه رب ضارة نافعة لأن رفض مشروع وزارة المالية من قبل مجمع البحوث الاسلامية جعل اصحاب مشروعات القوانين وكل الجهات الرقابية ووزارة المالية تجتمع مرة أخرى لاعداد مشروع قانون جديد شامل وموحد لاصدار الصكوك السيادية التى تصدرها الحكومة وايضا الصكوك التى يحق للشركات أن تصدرها. وفى لقاء الاقتصادى مع د. حسين حامد حسان كشف عن تفاصيل وأسرار مراحل اعداد ومناقشة مشروعات قوانين اصدار الصكوك. . ولكن الاقتصادى وبناء على رغبة د. حسان يحتفظ بجزء من تلك التفاصيل حفاظا على مصداقية بعض الجهات أمام الرأى العام خاصة أن ذكرها حاليا ربما يثير حفيظة البعض ضد اشخاص بعينهم كانت تستهدف تشويه صورة الصكوك لدى الرأى العام بالرغم من نجاحها فى العديد من دول العالم فى الشرق والغرب.
ما هو تفسيرك لما حدث من رفض لمشروع القانون الذى قدمته وزارة المالية لمجمع البحوث الإسلامية؟ تفسيرى لما حدث ان مجمع البحوث رفض المشروع جملة ولم يفحصه مادة مادة وذكر ان ذلك يترتب عليه مخاطر ومحظورات شرعية أهمها ما يلى: أولا: تحويل الأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية عامة الى صكوك ورقية متداولة مع انها مملوكة لكل الشعب المصرى ولا يجوز لولى الأمر التصرف فيها او التنازل عنها وهو ما اتفق عليه علماء الأمة خلفا وسلفا، ومن هنا دخل قناة السويس والاهرامات. المشروع الذى قدمته الحكومة ووصل الى المجلس يمنع منعا باتا أن تكون الملكية العامة محلا للصكوك، المادة السابعة من المشروع كانت تقول: يصدر بتحديد الأصول الثابتة للدولة وغيرها ملكية خاصة، من أين أدخلت عامة، هناك فرق كبير، الخاصة مثل اراضى الدولة التى تبيعها للمواطنين لبناء مساكن أو غيرها. . أما الملكية العامة فهى الدومين العام مثل قناة السويس والأهرامات وغيرها، فمن أىن جاءت كلمة عامة وهى تفرق كثيرا لأنه فعلا معنى ذلك اننا نبيع مصر. ثانيا: أن مشروع القانون يقوم على الارتهان المباشر للأصول، فى حين ان المادة 13 من مشروع القانون تقول ان الارتهان ممنوع. . لا يجوز الحجز او اتخاذ اجراءات تنفيذية أخرى على الأصول التى تصدر مقابلها الصكوك كما لا يجوز بيع او ترتيب أى حق عينى، ويقع باطلا أى تصرف يخالف ذلك . . فمن أين جاء الاتهام ؟ - ببساطة ان المجمع بنى قراراته على شيئين: أن المشروع يسمح ببيع الملكية العامة للدولة وأنه يرهن أصول الدولة، وكلاهما ممنوع هنا فى مشروع القانون، لأن ترتيب حقوق عينية معناه الارتهان. فكيف تأَتَّى هذا. . أقول ان هذا لبس وخطأ جاء من الذى عرض الموضوع على المجمع سواء عضو أو موظف كلفه مجمع البحوث الاسلامية بعرض مشروع القانون، ولابد ان نحسن الظن لانهم علماء أفاضل ومرجعية، ولاشك ان مَن عرض الموضوع قال لهم ان المشروع به بيع لأصول الدولة ورهن . لأنه يستحيل ان يكون أحد قد قرأ المادة 13 ويقول ارتهان، أو قرأ المادة 7 ويقول ملكية عامة، لا يمكن ان يحدث ذلك لأن أعضاء المجمع محل ثقة وهى مسألة سوء عرض . قامت الدنيا ولم تقعد، ليس فى مصر وحدها، واتهم البعض المجمع انه سبق له ان أحل الحرام عندما أجاز الفوائد البنكية، وكما حلل الحرام، يحرم الحلال وهى الصكوك، وأنا بكل قوة أدافع عن المجمع فى الشق الأخير وأقول إن أحدا من اعضاء المجمع لم يقرأ هذه النصوص او البنود، وأقول لأنه لا يجوز الحجز او اتخاذ أى اجراءات أخرى على الأصول التى تقوم عليها الصكوك، كما يجوز بيع أو رهن لتلك الأصول. . فكيف تلقفتها وسائل الاعلام والشارع والى اليوم، ثم انتقل الى الخارج، لأن الصكوك انتشرت فى امريكا وأوروبا والصين. هل بنفس المسمى. . صكوك ؟ نعم بنفس المسمى صكوك إيجارة، صكوك مشاركة، صكوك مضاربة. . Sukokوهى شهادات ورقية تثبت حقا مثل السهم. لكن هناك فرق بين الصك والسهم؟ الفارق ان الصك له مدة محددة فى نهايتها تعود قيمة الصك لصاحبه وهو ما دفعه عند شراء الصك، وأيضا من يريد أمواله فى حالة السهم يمكنه بيعه، والصك ايضا يمكن تسجيله فى البورصة ويحصل حامله على قيمته فى نهاية المدة. بعد ذلك تقدمت بمشروع وكل المشاريع لا تختلف مع الأحكام الشرعية، وتقدمت بالمشروع الى مجلس الشورى لأنه وفقا لأحكام الدستور فإن مشروع القانون إما أن تقدمه الحكومة أو أحد أعضاء المجلس . . والمشروع الذى قدمته للجنة المالية والاقتصادية فى مجلس الشورى وكما ذكرت ان هذا المشروع يتفق مع نفس الأحكام الموضوعية للمشروع الذى تقدم به حزب الحرية والعدالة وحزب النور وجمعية التمويل الاسلامى ووزارة المالية، لأن أحكام الشريعة لا تختلف. . والمشروع أرسله مجلس الشورى الى وزارة المالية لأخذ رأيها، وأحسنت الوزارة صنعا أنها جمعت مستشاريها وأصحاب المشاريع الأخرى ومنهم أنا وجلسنا يوما كاملا يوم الأحد قبل الماضى، وانتهينا الى مشروع جديد، أحكامه الموضوعية هى هى، ولكن تم التركيز على ما أثير من خلافات حول المشروع الماضى، بمعنى بدلا من ان نقول لا يجوز قلنا يحظر، للتأكيد على المنع، وقلنا يحظر بيع الأصول المملوكة للدولة ملكية عامة أو حتى بيع منافعها ولا تأجيرها. لماذا لا يتم التأجير ؟ معلش. . نحن تأخرنا فى اصدار تلك الصكوك، غيرنا أصدر بمليارات الدولارات لتمويل مشروعات عملاقة واللغط الذى حدث بدون سبب او موجب دفعنا للنص على الحظر، وكان ينبغى ان نقول انه لا يجوز بيع قناة السويس ولا نهر النيل او الاهرامات ولكن نحن فى دولة لا يمكن حصر كل الأصول. ولكن ما تأثير تلك على الأحداث على سمعة الصكوك وتأخير عملية اصدار القانون ؟ رب ضارة نافعة. . لأنها أفادت أن المواطن العادى أصبح يهتم بالصكوك وتأكد أنه لا صحة إطلاقا فى أى شائعات تصدر حول الصكوك وقد أبرزنا هذا فى مشروع القانون، ورجعنا مرة أخرى الى المشروع الشامل او الموحد، وجلس معنا الهيئة العامة للرقابة المالية، وكان ذلك مفيدا جدا لأنهم خبراء فى عمليات الرقابة والاجراءات. كيف تتكون الهيئة الشرعية لمراقبة إصدار الصكوك ؟ الهيئة تتكون من خمسة من كبار العلماء ممن يحملون دكتوراه فى الشريعة، ويتم تعيينهم بقرار من رئيس الوزراء ويكون لديهم بحوث فى الاقتصاد الإسلامى والمالى واصدارات الصكوك، وهى هيئة عالمية وليست مصرية فقط، لأن الصكوك تباع ايضا فى الخارج . ويمكن أن نقول إن المشروع الجديد به جدية أكثر لأننا أخذنا فيه رأى البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية ومشروعها اندمج فى هذا المشروع . هل كانت هناك تحفظات من جهة ما من المشاركين فى وضع مشروع القانون سواء من الأحزاب او البنك المركزى او وزارة المالية ؟ لم تكن هناك أى تحفظات لأننا وضعنا مشروع القانون بتوافق جميع الآراء وعليه اجماع، ويبقى ان هذا المشروع سيعرض على مجلس الوزراء ويتم ارساله لمجلس الشورى، واللجنة المالية والاقتصادية لديها دراية وفكر جيدان لأنه سبق ان ناقشت فيه الأحكام الموضوعية، والجديد به هو الاجراءات ثم ترفعه اللجنة المالية والاقتصادية الى مجلس الشورى لمناقشته وإقراره . هل يمكن القول ان هذا المشروع الجديد للقانون هو مشروع إحدى الجهات او هو المشروع الذى قدمه د . حسين حامد حسان أو أحد الأحزاب ؟ لا أبدا . . لأن المشروع مشترك بين كل ذوى الاختصاص فى الدولة من أحزاب ومستشارى وزارة المالية وهيئة الرقابة المالية، وصدر باجماع كل تلك الجهات، وليس به مخاوف. . ونحن وضعنا من البداية ألفاظا لا تقبل الجدل فبدلا من لا يجوز وضعنا يحظر . هل هناك فروق واضحة بين مشروع القانون الذى أعدته مصر وباقى المشروعات التى شاركت فى إعدادها أنت فى دول أخرى فى انحاء العالم ؟ هذا المشروع المصرى يعد أفضل من باقى القوانين لأن هذا المشروع تضمن تجارب أكثر من 10 سنوات من التطبيق العملى والفعلى للصكوك وقد شاركت فى قوانين كثيرة جدا فى دول الخليج وخصوصا فى الامارات، وماليزيا واندونسيا وتركيا، وهى إصدارات بمليارات الدولارات، لذلك نتوقع لمصر بعد اصدار القانون واعداد دراسات جدوى للمشاريع الاستثمارية فى مصر يمكن ان نستغنى عن القروض من الخارج ومن الداخل. لكن المواطن العادى لا يعلم كيف سيستفيد من اصدار الصكوك وما هو العائد عليه ؟ جميع مشاريع التنمية لدى الحكومة ولدى الشركات يمكن تمويلها سواء المكون الأجنبى والجزء المستورد من آلات ومعدات وخامات او المكون المحلى من الداخل، وبذلك ستدور عجلة التنمية وزيادة الانتاج وتشغيل الايدى العاملة وخفض الأسعار . ولكن ما هو العائد الشخصى المباشر على مشترى الصكوك من الأفراد ؟ طبعا الصك له ربح مثل السهم، هناك صكوك مثل صكوك الاجارة أى تأجير الأصل يكون لها أجرة معلومة، وصكوك المرابحة يتم البيع للسلعة وتكون هناك ارباح من البيع، لكن صكوك الاستثمار تنتظر نتائج الأعمال مثل الأسهم فى الشركات تنتظر نتائج أعمالها .