تقاس قدرة المجتمعات على التنمية والتطوير بمدى استغلالها لمواردها المادية والبشرية الاستغلال الأمثل وهذا لا يتأتى إلا بتطوير أساليب الادارة وفق المقتضيات والمتطلبات الفنية والادارية.. وباعتبار ان الحكومات تشكل من وزارات تختص كل منها باختصاصات محددة ذات هياكل ادارية وتنظيمية للقطاعات والاجهزة والمصالح التى تضمها دون تنازع بينها وبين وزارات اخرى بحيث تعمل الوزارة كمنظومة متناسقة لتحقيق هدف محدد وهذا لا يتوقف بالقطع على اختيار وزير بعينه بقدر ما يتوقف على تنظيم وتطوير اختصاصات الوزارة بدقة بالغة ومهارة فائقة يرفع من اداء الحكومة نحو المستوى الامثل والمطلوب الامر الذى ينعكس أثره على احساس المواطن بالتغير من نظم سابقة لأخرى لاحقة . هذا يدعونا للنظر نحو التعديل الوزارى الاخير الذى ضم عشر وزارات من بينها وزارة التموين والتجارة الداخلية التى تختص فى المقام الاول بسد واشباع حاجات المواطن المعيشية فى حصوله على المنتجات الضرورية.. لذا فهى تمثل صمام الامان فى استقرار البلاد ضد تخطيط اهل الفساد الذين حق فيهم قوله تعالى فصب عليهم ربك سوط عذاب. إن ربك لبالمرصاد صدق الله العظيم.. وهذه الوزارة تحمل من الملفات التى تحتاج لمن استبانت بهم الخبرة واستقدم بهم العمر الفنى والادارى وليس اهل الثقة وسوف نكشف النقاب عن احد الملفات المتعلقة بالتشريعات التى تختص وزارة التموين والتجارة الداخلية بتنفيذها لتنظيم حركة تجارة السلع والخدمات من خلال الاجهزة الرقابية التى تضم مفتشى التموين ممن لهم صفة الضبط القضائى المنوط بهم جمع الاستدلالات عن الجرائم المخالفة لهذه التشريعات وتحرير محاضر عن وقائع تلك الجرائم وعرضها على النيابات العامة.. ولقد اصيبت بعض اجراءات تلك الاجهزة الرقابية ببعض جوانب البطلان الذى يرقى لمستوى الانعدام ذلك النحو التالى: من المسلمات القانونية ان رجال الضبط القضائى سواء من ذوى الاختصاص العام مثل رجال الشرطة او الخاص مثل مفتشى التموين تؤول تبعيتهم للنائب العام فيما يتعلق بأعمال وظائفهم عملا بالمادة 22 من قانون الاجراءات الجنائية.. كما تجدر الاشارة الى ان مصدر منح مفتشى التموين صفة الضبط القضائى ينصرف الى القرار 205 لسنة 1952 الخاص ببيان من لهم صفة الضبط القضائى فى تنفيذ التشريعات التى تختص بها وزارة التموين وهذا تأسيسا على قرار يصدر عن وزير العدل بالاتفاق مع وزير التموين عملا بالمادة 23 من قانون الاجراءات الجنائية التى تخول لبعض موظفى الدولة صفة مأمورى الضبط القضائى بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص.. الا ان هذا الامر قد اختلف جملة وتفصيلا بموجب قانون العاملين بالدولة 47 لسنة 1978 المنشور بالجريدة الرسمية بعددها 29 تابع ب فى 1978/7/20 حيث تفردت احكامه بأن يكون لكل وحدة من الوحدات التابعة للوزارات هيكل ادارى تنظيمى يتفق مع اهدافها واختصاصاتها بحيث تضم الهياكل جداول للوظائف يكون لكل وظيفة بطاقة وصف وظيفية مبين بها شروط من يشغل تلك الوظيفية تحديدا والواجبات الملقاة على عاتق من يشغلها على وجه الخصوص.. فإذا كان من بين تلك الواجبات القيام باجراءات الضبط والتفتيش وتحرير المحاضر وعرضها على النيابات العامة فإن من يشغل تلك الوظيفة هو من رجال الضبط القضائى بقوة القانون وليس بقرار من وزير العدل والعكس صحيح فإن من يشغل وظيفة ليس من الواجبات المبينة ببطاقة الوصف الوظيفية لها القيام بالاعمال الرقابية وتنفيذ التشريعات وضبط المخالفات وتحرير محاضر بالضبط وعرضها على النيابات فهو ليس من رجال الضبط القضائى ولا تجوز للجهة الادارية اعتباره ممن له صف الضبطية القضائية كما لا يجوز حمله بطاقة الضبط القضائى وغير ذلك تكون تصرفاته الرقابية صدرت عن غير ذى صفة وبغير ذى اختصاص الامر الذى يستوجب مساءلته وجهة ادارته جنائيا واداريا.. ذلك لاحترام حقوق الافراد وحرياتهم التى نص عليها القانون والدستور ونود الاشارة الى ان جهة الادارة اذا رأت ان من الصالح العام منع احد العاملين القيام بتحرير محاضر ضد التجار فعليها نقل الموظف من وظيفته الرقابية الى وظيفة اخرى غير رقابية وفق بطاقة الوصف الوظيفية المبين بها ذلك.. وعلى هذا الاساس ترتبط صفة الضبط القضائى بما هو مبين بالواجبات المثبتة ببطاقة الوصف الوظيفية وليس غير ذلك.. ان من الكثير سواء المختصون وغيرهم من تعمد اغفال ذلك او كان اغفاله عن سوء ادارة وانعدام دراية.. ولكن عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 التى اطاحت بنظام واحدثت تغييرات من شأنها احترام الحقوق والحريات ولدينا الكثير والكثير من الملفات تستوجب النظر اليها بعين الاهتمام لنخطو خطوة نحو الامام