كشفت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 عن أن أخطر ما يهدد الأمن هو انهيار المؤسسة الأمنية واتساع فجوة الثقة في العلاقة بينها وبين أفراد الشعب نتيجة القصور والسلبيات المتراكمة عبر السنوات الطويلة الماضية وما جري ممارسته خلالها من القمع وإهدار حقوق الإنسان.. وفي سبيل معالجة تلك الازمات وإعادة الثقة بين جهاز الشرطة والمواطنين أعلن وزير الداخلية عن اكبر حركة إدارية لتعيين قيادات جديدة من الضباط بجميع المواقع الشرطية لضخ دماء جديدة تتفق مع منهج العمل الشرطي في المرحلة الحالية وتتواءم مع أهداف ومبادئ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 كما أوضح سيادته ان معايير تقييم الضباط تمت وفقا للسلوك والأداء الأمني. ومعروف أن الشرطة هيئة مدنية نظامية رئيسها الأعلي رئيس الجمهورية وتباشر اختصاصاتها تحت قيادة وزير الداخلية المسئول عن اصدار القرارات المنظمة لجميع شئونها ويؤدي كل ضابط عقب تخرجه في كلية الشرطة وبداية تعيينه برتبة ملازم وقبل مباشرته لأعمال وظيفته قسما أمام وزير الداخلية علي أن يحافظ علي النظام الجمهوري وان يحترم الدستور والقانون وان يرعي مصالح الشعب و سلامة الوطن. ومعروف أيضا أن حكومة الثورة قامت بتغيير شعار الشرطة ليصبح "الشرطة في خدمة الشعب" حفاظا علي ارساء قواعد الديمقراطية وحماية حقوق ومصالح الإنسان القانونية علي أرض مصر واحترام حريته وكرامته باعتبار أن الأساس في اختصاص جهاز الشرطة بوجه عام ينعقد علي الحفاظ علي النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والاعراض والأموال وكفالة الطمأنينة وأمن المواطن بما يحقق الجانب الوقائي المانع من وقوع الجرائم بجميع صورها فضلا عن تحقيق الجانب العلاجي القامع ضد مرتكبيها عند وقوعها؛ لذا فقد منح المشرع المصري لرجال الشرطة صفة الضبطية القضائية والإدارية. وإذا كان رجال الشرطة علي اختلاف رتبهم ووظائفهم يعدون من رجال الضبط الإداري فإن القانون حدد طائفة منهم ليكونوا من رجال الضبط القضائي المنوط بهم اجراء التحريات وجمع القرائن والأدلة وضبط الاشياء المادية المتعلقة بالجرائم والقبض علي الاشخاص مرتكبي تلك الجرائم وهذه الاختصاصات في جملتها وتفصيلها تقع تحت صفة الضبطية القضائية التي يحملها رجال الشرطة وقد يستخدمها بعضهم من ذوي النفوس الضعيفة دون باعث من ضمير أو وازع من دين الأداة الفزاعة عند ركوب متن الاعتساف والخروج عن جادة الانصاف.. لهذا حرص المشرع المصري كل الحرص علي حماية حقوق وحريات الافراد ان يضعهم في مباشرتهم لوظيفة الضبطية القضائية المتعلقة بجمع الاستدلالات واجراء التحريات تحت اشراف النيابة العامة وقد نص علي ذلك قانون السلطة القضائية كما نصت علي ذلك أيضا المادة 22 من قانون الاجراءات الجنائية التي قضت احكامها بأن يكون مأمورو الضبط القضائي تابعين للنيابة العامة وخاضعين لاشرافها فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم.. ومن المسلمات أن تبعية مأموري الضبط القضائي للنيابة العامة ليست تبعية إدارية وإنما هي تبعية وظيفية باعتبار أن التبعية الإدارية لرجال الشرطة تؤول لرؤسائهم الإداريين التابعين لوزارة الداخلية مثل مفتشي الداخلية بجميع القطاعات ومديريات الأمن بالمحافظات أما النيابة العامة فهي تختص بالاشراف علي وظيفة الضبطية القضائية من حيث جمع الاستدلالات المتعلقة بوقائع محل جرائم وقعت بالفعل والتحقيق في أدلة الثبوت ولذلك فليس للنائب العام أن يأمر بمجازاة أحد مأموري الضبط القضائي إداريا أو أن يقدمه للمحاكمة التأديبية وإنما لها أن تطلب من الجهة التي يتبعها رفع الدعوي التأديبية عليه وهذا كله بطبيعة الحال لا يحول دون رفع الدعوي الجنائية إذا كان ما وقع منه يمثل جريمة جنائية بالفعل. ومعروف أن جميع موظفي الدولة العمومية بجميع الوزارات يخضعون لاشراف الجهات الإدارية التابعين لها كل في حدود اختصاصه إلا أن رجال الشرطة يخضعون لاشراف جهتين احداهما هي الجهة الإدارية المتمثلة في قطاع