تعد مشكلة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أهم المشاكل التى تواجه مصربل لعلها أكثرها تعقيداً فى هذه الفترة التى تمر بها البلاد وهذا يرجع إلى أهمية هذا القطاع الكبير فى الدور الذى يمكن أن يساهم به فى تنمية الاقتصاد وتخفيض نسبة البطالة وزيادة نسبة الأيدى العاملة فى مصر . وفى رأيى يجب أن نفرق بين المعوقات والمشاكل التى تواجه هذا القطاع من وجهة نظر المؤسسات المالية ومن وجهة نظر المشروعات الصغيرة والمتوسطة لأنه لأى عملية تمويلية طرفان هما المقرض والمقترض فيجب على الحكومه أن تأخذ فى الاعتبار وجهة نظر كل من الطرفين إذا كانت تريد فعلياً أن تتعرف على المعوقات الحقيقيه لهذا القطاع حيث إن مشكلة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكبر بكثير من مشكلة التمويل والذى أعتبره أحد المعوقات وليس أكثرها أهمية ولكن المشكلة مشكلة إدارة بمعني الكلمة . أولاً : المعوقات من وجهة نظر المؤسسات المالية ( المقرض ): عدم وجود دراسات جدوى حقيقية وواقعيةيستطيع المقرض الاعتماد عليها حيث إن معظم مشروعات هذا القطاع تقوم بتقديم دراسات جدوى غير حقيقية وغير واقعية للبنوك والمؤسسات المالية رغبةً منها فقط فى تجميل المشروع سواءكان هذا المشروع مشروعا حديثا أومشروعا قائما يجب تقديم دراسة جدوى له من أجل التوسع فيه . عدم وجود الوعى الإئتمانى والمالى والإدارى الكافى لدى معظم من يتولى إدارة هذه المشروعات بحيث تطمئن المؤسسات المالية إلى نجاح الإدارة في استخدام قيمة التمويل فى تنمية وتطوير المشروع والإلتزام بتنفيذ دراسة الجدوى المقدمة إلي المؤسسات المالية عند التمويل . عدم وجود دفاتر محاسبية منتظمة وقوائم مالية حقيقية وواقعية لمعظم مشروعات هذا القطاع حيث تقوم معظم تلك المشروعات بعمل نسختين من القوائم المالية والميزانيات إحداهما تقدم للضرائب والأخرى تقدم للمؤسسات المالية من أجل الحصول على التمويل والفرق بينهما شاسع . ملحوظه : النقاط عاليه هى أهم المعوقات التى يواجهها المقرض عند التعامل مع مشروعات القطاع . ثانياً : المعوقات من وجهة نظر المشروعات الصغيرة والمتوسطة ( المقترض ): عدم وجود التمويل الكافى لإنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو للتوسعات المرغوبة فى المشروعات القائمة . عدم وجود آلية خاصة بتقييم المشروعات الصغيرة والمتوسطة تختلف كليةً عن تلك المتبعة فى تقييم المشروعات الكبرى . عدم وجود تعريف حقيقى لمصطلح المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكن على أساسه التفريق بينها وبين المشروعات الكبرى عند التمويل . عدم وجود محافظ إئتمانية واضحة وسياسه تمويلية معلنة من المؤسسات المالية تحدد معايير تمويل مشروعات هذا القطاع بمنتهى الشفافية . ثالثاً : الحلول من وجهة نظرى هى : تأسيس هيئة حكومية تابعة لمجلس الوزراء أو لإحدى الوزارات المعنية مثل وزارة الاستثمار أو وزارة الصناعه والتجارة لتكون هى الجهة الوحيدة المسئولة عن نشاط هذا القطاع ودراسة معوقاته بدايةً من تدريب القائمين عليها من الناحية الفنية والإئتمانية والإدارية وذلك للحصول على شهادة معتمدة من الهيئة المزمع تأسيسها لحصول القائمين على إدارة تلك المشروعات على "شهادة إدارة مشروع صغير أو متوسط" بحيث تدخل هذه الشهادة ضمن معايير التقييم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من قبل المؤسسات المالية . ضرورة وجود قائمة مفضلة لدى كل مؤسسة مالية من المحاسبين القانونين المعتمدين لدى البنك المركزى والمتخصصين لإصدار دراسات الجدوى وذلك طبقاً لتقييم الدراسات الصادرة ومدى مطابقتها للواقع وفى هذه الحالة سيقوم المحاسبون القانونون بالتحقيق والتدقيق فى مدى واقعية الدراسات والقوائم المالية قبل إصدارها حتى يتمكنوا من الإنضمام لقائمة المفضلين لدى معظم البنوك والمؤسسات المالية وهذا متبع فى العديد من دول العالم سواء على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو المشروعات الكبرى . العمل على إيجاد جهة حكوميةه واحدة مختصةه بتجميع كافة المنح والمعونات الدولية الخاصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تحت سقف واحد وتكون هذه الجهة هى وحدها المسئولة عن مخاطبة كافة المؤسسات الدولية للحصول على المنح والمعونات المذكورة لتقوم بدورها بتوزيعها بنسب متفاوتة على كافة المؤسسات التى لديها إدارات فعلية متخصصة لتمويل مشروعات هذا القطاع . خلق آلية جديدة لتقييم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومختلفة تماماً عن تلك المستخدمة لتقييم المشروعات الكبرى وبما يتناسب مع طبيعة تلك المشروعات وفى هذا الصدد لا يسعنى إلا أن أشيد بالدور الرائع الذى تقوم به الشركة المصرية للإستعلام الإئتمانى ( أىسكور) وخاصةً لتأسيس شركة النيل لتصنيف المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يتناسب مع طبيعتها الخاصة وهذا ما ننادى به منذ فترة وهو التطور الطبيعى لنظام عمل الشركة المصرية للإستعلام الإئتمانى وذلك نظراً لجدية ووعى القائمين على إدارتها . خلق تعريف حقيقى موحد لمصطلح المشروعات الصغيرةه والمتوسطة بحيث يتكون من عدة عوامل من أهمها : الحصول على شهادة إدارة المشروعات الصغيرة والمتوسطة المذكورة سابقاً . الأخذ فى الاعتبار بالمتوسط العام لإجمالى دخل المشروع فى الثلاث سنوات السابقة إن وجدت وليس إجمالى الدخل لأخر قوائم مالية فقط مدى تطبيق قواعد الحوكمة وفصل الإدارة عن الملكية بحيث تكون الشركات المطبقة لهذه القواعد لها أفضلية تمويلية أكبر من نظيرتها التى لا تطبق تلك القواعد . حصول البنوك على حصة ولو ضئيلة من ملكية المشروعات الممولة ووجود مندوب من البنك لحضور اجتماعات مجلس إدارة تلك المشروعات للإطلاع على مدى التزام إدارة المشروع بتنفيذ الخطه المقدمة للمؤسسة المالية عند طلب التمويل . زيادة الوعى الإئتمانى لطلبة العام الرابع بالجامعات المختلفه لإعدادهم لتأسيس مشروعات صغيرة ومتوسطة فور التخرج وإعلامهم لإهمية الحفاظ على جدارتهم الإئتمانية وبالأخص على المستوى الشخصى لتأثيره الهام على الجدارة الإئتمانية للمشروع عند طلب التمويل فى حينه . وفى النهايه أرى إنه إذا تم العمل بالحلول التى أقترحها والمذكوره أعلاه ستكون الحكومة قادرة بإذن الله على الإجابه على السؤال الأبدى والذى يمثل العائق الأساسى أمام مشروعات ذلك القطاع ألا وهوالمشروع أولاً أو التمويل ؟