وضع مجموعة من الخبراء الاقتصاديين المصريين والأجانب خارطة طريق لدعم وضمان نجاح المشروعات الصغيرة فى مصر معتبرين ان هذا القطاع الناهض يمكن ان يكون قاطرة من قاطرات التنمية وأحد أذرع تميز الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة. وأكد الخبراء خلال مشاركتهم فى المؤتمر الدولى السنوى الأول للتمويل والاستثمار أن خطة النهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تتضمن توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات وتخفيف الأعباء الضريبية المفروضة عليها ووجود شركات لتقديم دراسات الجدوى للمشروعات لضمان نجاحها وعدم تعثرها ووجود متابعة من جانب خبراء متميزين فى هذا المجال لرصد أى مشاكل تواجه هذه المشروعات والعمل على علاجها حتى لا تتعرض للتعثر والخسارة بالإضافة إلى الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة فى هذا المجال وخاصة فى الهند وماليزيا. فى البداية أكد خالد نجاتى رئيس شركة متروبوليتان للاستشارات المالية أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة لها دور كبير فى خلق المزيد من فرص العمل لمواجهة تزايد معدلات البطالة فى مصر خلال الفترة التى اعقبت الثورة إلا انها تواجه مجموعة من المشاكل لا ترتبط فقط بإتاحة التمويل اللازم لهذه المشروعات . وأشار إلى أن المشكلة الأساسية التى تعرقل نمو المشروعات الصغيرة فى مصر تتمثل فى تحديد أساسيات المشروع وجدواه الاقتصادية قبل البحث عن التمويل لذا بات من الضرورى وضع آلية واضحة لتقييم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر قبل البحث عن مصادر تمويلها ووضوح الدور المؤسسى للدولة فى إتاحة التمويل من خلال الصندوق الاجتماعى للتنمية والجهات المقرضة الأخرى . وقال إن عوامل نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا تتوقف على التمويل فقط ولكن لابد من وضع دراسات جدوى ملائمة وأساليب واضحة للإدارة وتطبيق قواعد الحوكمة والفصل بين الإدارة ورأس المال ووجود إدارة قوية لديها رؤية واضحة للمشروع والهدف منه وخطواته المرحلية . وأضاف ان هناك عقبات متعددة تقف حجر عثرة امام إتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة سواء كان تمويلا بنكيا أو إسلاميا او عبر الصناديق الاستثمارية ونظم التأجير التمويلى والتخصيم وهو ما يجب ان يتم التصدى له بقوة لأن المشروعات الصغيرة تعد من أهم دعائم التنمية فى مصر ويعول عليها الجميع فى إقامة نهضة اقتصادية وإنقاذ الاقتصاد المصرى من عثرته وخلق فرص عمل جديدة تستوعب جيوش العاطلين وفى نفس الوقت توفر الدعم الاقتصاد الفنى للمشروعات الكبيرة باعتبارها حلقة فى سلسلة الارتقاء بالاقتصاد المصرى . ومن جانبه قال فكر الدين عبد المعطى سفير ماليزيا فى القاهرة إن كافة الدراسات والأبحاث تتوقع نمو التمويل الاسلامى بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة لأنه هو الوحيد الذى صمد فى وجه التقلبات الاقتصادية التى شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة. مشيرا إلى ان مؤسسات التمويل الاسلامى أثبتت نجاحا فى ظل الأزمات المالية العالمية المتلاحقة لأنه يقوم بشكل رئيسى على تخفيض نسبة المخاطر التى يمكن ان تلحق بالاقتصاد فى ظل تطبيق الأنطمة التقليدية القائمة على الفائدة والمشتقات المالية التى تتسبب بشكل كبير فى تحقيق خسائر فادحة أدت إلى فلاس مؤسسات وبنوك عالمية كبيرة . واكد أن التمويل الإسلامى يشهد سوقا رائجة عقب أحداث ثورات الربيع العربى التى فتحت الباب على مصراعيه أمام المؤسسات المالية التى تعمل وفقا للشريعة الاسلامية، مشيرا إلى ان مصر على وجه التحديد يمكنها تحقيق مراحل متقدمة فى توفير الصيغ التمويلية الاسلامية فى قطاعات البنوك والتأمين والتأمين التكافلى ولكن ذلك يتطلب وضع أطر موضوعية قبل البدء فى العمل بشكل أساسى يليها مرحلة بناء المؤسسات التى تتولى تنفيذ هذا الأمر على أرض الواقع ثم تأنى المرحلة الأخيرة وهى مرحلة الانطلاق نحو انتشار التمويل الاسلامى . وأوضح ان التمويل الاسلامى يقع على عاتقه دور كبير فى تنشيط عملية الإقراض داخل المنظومة الاقتصادية وما يستتبع ذلك من رفع معدلات التنمية بعد ان لجأت اقتصاديات عالمية كبيرة لتطبيق منتجات التمويل الاسلامى فى محاولة منها للغلب على الأضرار التى لحقت بها من جراء العمل بالمشتقات المالية التقليدية حيث بدأت هذه المؤسسات فى إصدار الصكوك الاسلامية لتنفيذ مشروعاتها فى مجالات البنية التحتية حيث لجأت شركات كبيرة فى ماليزيا لإصدار صكوك إسلامية تتعدى قيمتها مليار دولار لذلك فالتمويل الاسلامى يمكن ان يكون آلية ناجحة تتيح تحقيق التنمية المستدامة فى عملية التمويل بما يخدم النمو الاقصادى فى البلاد التى تطبق هذه التجارب. وحول التمويل الإسلامى للمشروعات المتناهية الصغر التى حققت نجاحا كبيرا فى بلاد مثل بنجلاديش والمغرب قال ان الأمر يتطلب بشكل اساسى تقديم الدراسات والمعلومات الخاصة بهذا النوع من التمويل الذى لا يرتبط فقط بتطبيق الشريعة بقدر ما يركز على توفير التمويل اللازم للمشروعات ومساندة ودعم الاقتصاد القومى. وكشف عبد المعطى النقاب عن انتشار منتجات التمويل الإسلامى فى العديد من دول العالم وظهرت أسواق متميزة لهذا الفكر الائتمانى فى كل من السعودية وانجلترا وروسيا ونيجيريا بجانب اهتمام العديد من المؤسسات الدولية بهذا النوع من التمويل مثل صندوق النقد الدولى لذا فالأمر يتطلب تفعيل دور وسائل الاعلام فى التوعيه به والتعريف بمعايير عمله وتوفير المعلومات والبيانات الخاصة بهذا النوع من التمويل مع ضرورة دعم المؤسسات المالية القائمة لهذا النوع من القطاع التمويلى. وأكدت أمانى يوسف مدير إدارة التمويل المتناهى الصغر بالصندوق الاجتماعى للتنمية أن الصندوق يستهدف خلق برامج لتمويل هذه المشروعات ومحاولة توفير الدعم والتمويل اللازم من الجهات المانحة على مستوى العالم، ونجحنا بالفعل فى الحصول على ثقة كبار المانحين، مشيرة إلى ان الصندوق لا يستهدف فقط التعامل مع المستفيد الأخير ولكنه يتعاون مع الوسطاء والأذرع المعنية بتوفير التمويل إلى جانب الاهتمام بتقديم خدمات التدريب والمتابعة والتسويق بهدف توفير بيئة عمل ملائمة ومناسبة لنجاح هذه المشروعات. واضافت ان سقف التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالصندوق يصل حاليا إلى حوالى 2 مليار جنيه بعد ان كان فى السابق مليونين فقط عند تأسيس الصندوق وفقا للقانون 141 لسنة 91 ونتوسع حاليا فى إقراض المشروعات المتناهية الصغر حتى 50 ألف جنيه، مشيرة إلى ان الصندوق حصل على تمويل من جهات دولية مانحة على رأسها البنك الدولى الذى منح الصندوق قرضا قيمته 300 مليون دولار لتوفير التمويل اللازم لمثل هذا النوع من المشروعات الذى يرتبط ارتباطا وثيقا بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك لأول مرة فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط. ونوهت بأن هناك إقبالا كبيرا من جانب بعض البنوك على إتاحة التمويل لقطاع المشروعات المتناهية الصغر ولهذا وقع الصندوق اتفاقيات مع بنوك مصر والقاهرة والتجارى لدولى لتوفير التمويل اللازم لهذا القطاع إلى جانب تشجيع الجهات الأهلية وغير الحكومية للحصول على تمويلات من الصندوق ومساندتها فى استكمال مشروعاتها وتنميتها وتطويرها بما يخدم ويدعم الاقتصاد المصرى. وقالت إن فترة تمويل المشروعات المتناهية الصغر تصل إلى عامين مع 6 شهور فترة سماح، مشيرة إلى ان الحصول على التمويل من أهم طرق مساعدة المشروعات الصغيرة على النمو وهو الأمر الذى نعمل على تحقيقه بالتعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية . وأكدت ان نشاط الصندوق لا يقتصر على القاهرة فقط ولكنه يمتد إلى جميع محافظات الجمهورية لذلك فالصندوق له فروع فى 28 محافظة تطبيقا لمبدأ اللامركزية فى التمويل ويتم التركيز على التواصل مع المقترضين ومتابعة مشروعاتهم لمعرفة ما إذا كانت هذه المشروعات ناجحة او متعثرة وتنفيذ التدريبات اللازمة لنجاح المشروعات من خلال القطاعات الائتمانية ضمن خطة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة مع التواصل مع بعض الدول المتميزة فى هذا المجال التى لها نفس ظروف مصر الاقتصادية مثل السودان وزامبيا والكاميرون وماليزيا وفيتنام واندونيسيا. واكد احمد العقدة مدير التطوير بشركة I scor للاستعلام الائتمانى أن الشركة لديها بيانات لما يزيد على 100 ألف مشروع صغير ومتوسط يقل تمويلها عن مليون جنيه وهو ما نسعى لمراجعته مع البنك المركزى حتى يكون الحد الأقصى لرأس المال للمشروعات الصغيرة 15 مليون جنيه، مشيرا إلى ان بداية الربع الأول من عام 2013 ستشهد إطلاق اول شركة تابعة ل I score تختص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة بعد تلقى رغبات من 22 بنكا للمساهمة فى رأسمالها. وأضاف لقد قمنا بزيارة العديد من الدول الأجنبية للوقوف على تجاربها فى هذا المجال مثل الهند وإيطاليا وكانت التجربة الهندية هى الأقرب للواقع المصرى، مشيرا إلى ان هناك 2 مليون مشروع صغير لا تحصل سوى 10% منها على التمويل البنكى. وقال ماجريوال الخبير بالهيئة الدولية للمشروعات الصغيرة إن المشكلات التى تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر تتمثل فى التدريب وتوفير المعلومات والبيانات والكفاءات الخاصة بالبرامج التى تتولى تنفيذ تلك المشروعات بجانب النقص الواضح فى السياسات الخاصة بمنح التمويل مما يتطلب ضرورة تبنى سياسات مباشرة لتشجيع التمويل وتحفيز البنوك والمؤسسات المالية على منح الائتمان بالاضافة إلى وضع سياسات ضريبية تتواءم مع هذا القطاع مشيرا إلى ضرورة تقديم الدعم الفنى لهذه المشروعات والهيئات التمويلية من خلال تعاون البنوك التجارية فى وضع السياسات والدراسات اللازمة لتوفير التمويل ونشر معلومات حول فرص التمويل المتاحة. وأكد فرنسيس ماليج الخبير بالبنك الأوروبى للتنمية إن البنك يتيح سنويا حوالى 2 مليار يورو لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومؤخرا حصل البنك على موافقة للعمل فى مصر، مشيرا إلى أن البنك لا يعتبر جهة مانحة ولكنه بنك تجارى يقدم القروض والخدمات المصرفية على أساس تجارى وندرس حاليا تقديم خدمات التمويل الإسلامى فى مصر وبعض دول المنطقة . وأضاف ان البنك يولى عناية خاصة بهذه المشروعات وهذا القطاع الناهض ولدينا فريق عمل يهتم بهذا الأمر ويتابعه ويوفر المراقبة والمتابعة لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر إلى جانب اهتمامه بالمؤسسات الوسيطة التى تتولى توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات وفى سياق متصل اكد نيكلاس هاردى الخبير بمؤسسة ستاندر أند بورز أن تصينف مصر الائتمانى من المحتمل أن يشهد ارتفاعا خلال الفترة المقبلة حال نجاح القائمين على الأمور السياسية بمصر فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى والسياسى مشيرا إلى ان مصر فى التصنيف، وهذا يعنى أن الاقتصاد المصرى قادر على مواجهة تحديات الظروف الراهنة. وأكد هاردى ان ستاندر اند بورز ترى ان الاقتصاد المصرى أمامه فرصة عظيمة للنمو بواقع 1.5% خلال العام الحالى ومن المتوقع ان يقفز سريعا إلى 4% والقلق يتلاشى طالما أن الفرص الاقتصادية موجودة كما ان البنية التحتية فى مصر مازالت تعمل بشكل قوى إلا ان المشاكل والتوترات السياسية تؤثرا سلبا على قطاع السياحة .