مر عامان علي انشاء بورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة دون ان يكتب لها ميلاد حقيقي وقبل ان تسهم في تحقيق دفعة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفي ذات الوقت مازالت المعوقات التي تواجه التمويل البنكي لهذا القطاع قائمة دون تغيير الأمر الذي يباعد بين خطوات احياء هذا القطاع والاعتماد عليه في تحقيق النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة .. اسئلة كثيرة طرحها "الأسبوعي" علي الخبراء حول مدي اهمية هذا القطاع والمعوقات التي تحول دون اتمام التمويل البنكي من ناحية وتاخر ميلاد بورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من جهة اخري في مخاض طويل وعسير لا يتوقع أن تخرج منه في الوقت الراهن. من جانبه يؤكد محمد يوسف الخبير المصرفي ان تاخر ميلاد بورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة جاء ليمثل ضربة قاسمة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وليجعل الآمال تتضاءل في احيائه مجددا حيث كانت الأنظار تتوجه إلي هذه البورصة كبديل حقيقي للتمويل البنكي ولمواجهة الصعاب التي تواجه القطاع المصرفي في تمويل هذا القطاع ويوضح ان هناك جملة من المعوقات تكتنف البنوك في تمويل هذا القطاع وتعتبر طبيعة المعوقات التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة متداخلة مع بعضها بعضا، بداية من كلفة رأس المال وهي مشكلة تنعكس مباشرة علي ربحية هذه المشروعات من خلال الطلب علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدفع سعر فائدة مرتفع مقارنة بالسعر الذي تدفعه المنشآت الكبيرة، اضافة إلي ذلك تعتمد المنشآت الصغيرة والمتوسطة علي الاقتراض من البنوك مما يؤدي إلي زيادة الكلفة التي تتحملها، وكذا التضخم من حيث تأثيره في ارتفاع أسعار المواد الأولية وكلفة العمل مما سيؤدي حتما إلي ارتفاع تكاليف التشغيل، ويشير إلي أن هناك معوقات رئيسية اخري تشمل مواجهتها للمنافسة من المشروعات الكبيرة مما يمنعها ويحد من قدرتها علي رفع الأسعار لتجنب أثر ارتفاع أجور العمالة وأسعار المواد الأولية وكلها معوقات تواجه التمويل حيث تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة صعوبات تمويلية بسبب حجمها "نقص الضمانات" وبسبب حداثتها نقص السجل الائتماني وعليه، تتعرض المؤسسات التمويلية إلي جملة من المخاطر عند تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مختلف مراحل نموها. "التأسيس - الأولية - النمو الأولي - النمو الفعلي - الاندماج" ونظرا لهذه المخاطر تتجنب البنوك التجارية توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات نظراً لحرصهم علي الكيان المالي لمؤسستهم وليس ذلك فقط، بل تمتد المعوقات لتشمل الاجراءات الحكومية وهذه معضلة متعاظمة في الدول النامية خصوصا في جانب الانظمة والتعليمات التي تهتم بتنظيم عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واخيرا المنافسة والتسويق من المعوقات الجوهرية التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهم مصادر المنافسة هي الواردات والمشروعات الكبيرة. المرجعية الواحدة كما يوضح أحمد ضيف الخبير المصرفي بمجموعة دلة البركة أنه لابد من وجود مرجعية واحدة "هيئة تنظيم" للإشراف علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتنميتها وذلك لاتخاذ القرارات اللازمة لرعاية المشروعات ومساعدتها علي التوسع وكذلك ينبغي إعادة النظر بالمناهج التعليمية وربط الجانب الأكاديمي بالجانب التطبيقي وإنشاء مراكز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وإعداد برامج تدريسية للقائمين عليها والتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة لنقل الخبرات العالية وإعداد قواعد بيانات توفر المعلومات عن الأسواق والاتفاقيات والفرص المتاحة. أضاف أن النظام المصرفي في أي دولة يقوم علي مجموعة من المؤسسات التي يعتمد نشاطها علي تجميع المدخرات المحلية لأفراد المجتمع، ووضعها في متناول المشروعات والأشخاص الراغبين في الحصول علي القروض، ويقع علي عاتق الجهاز المصرفي الذي يتكون من مجموعة من البنوك التجارية وبنوك الاستثمار، مسئولية كبيرة تتمثل في حفظ مدخرات أفراد المجتمع، وتوجيهها نحو الاستثمارات في المشاريع الإنتاجية ومن مهام البنوك التجارية أيضا تقديم القروض القصيرة والمتوسطة الأجل إلي مختلف القطاعات الاقتصادية. عادة ما تتدني مساهمة البنوك التجارية في توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما أن البنوك التجارية عادة ما تلجأ إلي الإقراض قصير الأجل بصورة عامة ومتوسط الأجل نوعا ما، هذا في الوقت الذي تحاول فيه الابتعاد بقدر الإمكان عن توفير وتقديم الائتمان طويل الأجل، ولذلك فإن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في الحصول علي التمويل من البنوك التجارية، ذلك أن تلك المشروعات تحتاج للائتمان طويل الأجل الذي تفضل البنوك التجارية علي الأغلب عدم اللجوء إليه، تخوفا من عدم قدرة هذه المشروعات علي توفير الضمانات اللازمة التي يطلبها البنك.