وسط حالة عدم اليقين والضبابية التى تسيطر على الأسواق العالمية، تداعيات الحرب التجارية أحد الأسباب الرئيسية التى تغذى هذه المخاوف، ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولى فإن تصاعد الحرب التجارية سوف يخفض معدل نمو الاقتصاد العالمى بنحو 0.75%، ونحو 0.5% فى 2020، كما أن رفع الفيدرالى الأمريكى الفائدة على الدولار سبب آخر لمخاوف الأسواق وتوقع تباطؤ الاقتصاد الأمريكى، بجانب تراجع الطلب على النفط وسط توقعات صندوق النقد الدولى بتراجع معدل نمو الاقتصاد الصينى إلى 6.2% وهو أقل معدل نمو منذ 4 عقود مقارنة بتوقعات سابقة بمعدل نمو 6.3% انخفاضا من 6.5% العام الحالى، الاقتصاد البريطانى -رابع أكبر اقتصاد فى العالم- ليس بمنأى عن حالة عدم اليقين والمخاوف التى تسيطر على مؤسسات المال والاستثمار من تراجعه إلى المرتبة السابعة بسبب تداعيات البريكست، حيث يتوقع تراجع معدل النمو إلى 1.6% فى 2019. الاقتصادى العالمى د. محمد العريان يحذر -من جانبه- من القلق المتزايد الذى يهيمن على أسواق المال والأعمال فى الولاياتالمتحدة، ورغم اعترافه ببوادر ضعف النمو، فإنه يرى أن المبالغة فى تلك المخاوف وانتشار التوقعات المتشائمة يدفع إلى مزيد من التباطؤ. المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمى لا تقلل من توقعات متفائلة بمعدل النمو الاقتصادى فى الهند بأن يصل إلى 7.6% ليحافظ على موقعه الأسرع نموا وأن يحتل المركز الخامس عالميا، كما أن هناك اقتصادات ناشئة سوف تواصل النمو بعيدا عن تلك التداعيات السلبية والمخاوف وحالة القلق التى تسيطر على الأسواق العالمية، ثمة توقعات متفائلة إزاء مواصلة الاقتصاد المصرى تحقيق معدلات النمو المرتفعة -إن لم يواصل الارتفاع إلى 5.8% وفقا لما تستهدفه الحكومة- فإنه سيحافظ على معدلات النمو المرتفعة التى حققها خلال العام الماضى والربع الأول من العام المالى الحالى، عناصر القوة التى تستند إليها تلك النظرة المتفائلة ترتكز على قدرة الاقتصاد على توليد العملات الأجنبية من خلال انتعاش مصادر النقد الأجنبى، وفى مقدمتها انتعاش إيرادات قطاع السياحة القوية، حيث يتوقع أن تستعيد عافيتها كاملة خلال العام المقبل لتصل إيراداتها إلى 11.1 مليار دولار، إلى جانب تأثير الإجراءات التى تم اتخاذها فيما يتعلق بتحرير سعر الدولار الجمركى على السلع غير الأساسية التى ستسهم فى تخفيف الطلب على العملات الأجنبية، إلى جانب نمو إيرادات قناة السويس، والصادرات السلعية، وعودة مصر إلى نادى تصدير الغاز الطبيعى مع بداية الربع الثانى من 2019، مع استمرار النمو فى تحويلات المصريين بالخارج أو احتفاظها بمعدلاتها الحالية 26.5 مليار دولار وفقا للعام الماضى وهو أعلى مستوى تصل إليه، كما سجلت نموا ملحوظا خلال الربع الأول من العام الحالى بنحو 21%، هذه عناصر داعمة لتوافر النقد الأجنبى وتخفيف الضغوط على العملة المحلية فى مواجهة خروج استثمارات الصناديق العالمية من أدوات الدين الحكومى وأسهم البورصة خلال الفترة الماضية بنحو 11 مليار دولار، حيث ترى بعض بنوك الاستثمار أن الاقتصاد المصرى تجاوز أسوأ مراحل تلك الخروجات من جانب الأموال الساخنة، وهو ما يعزز توقعات استقرار سعر الصرف عند متوسط 17.9 جنيه مقابل الدولار فى العام المالى 2018/2019، ما سيدعم استمرار انخفاض عجز الحساب الجارى، ووفقا لدراسة أعدها بنك الاستثمار بلتون فإن تراجع أسعار البترول عالميا سوف يحقق وفورات بنحو 32 مليار جنيه من فاتورة دعم الوقود، ما يوفر تمويلا كافيا لتحقيق فائض أساسى أعلى من المستهدف فى الموازنة العامة. ليست هذه التطورات وتلك التوقعات وحدها التى تعزز النظرة المستقبلية المتفائلة للاقتصاد المصرى، استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى سيقود تسجيل فائض أساسى أفضل من المقرر فى الموازنة العامة (2.4% من الناتج المحلى الإجمالى)، وكانت العائدات المرتفعة لأذون الخزانة ستستمر فى التأثير فى أهداف عجز الموازنة العمومية، كما أن توقع خفض أسعار الفائدة والطروحات الحكومية وإعادة موازنة المؤشرات سوف تمثل محفزات رئيسية لتحسن قيم التداول فى البورصة خلال 2019. كما أن التطورات الإيجابية فى الاقتصاد سوف تضع السوق المصرى كأفضل فرص نمو فى أرباح الشركات فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما مع الاستمرار فى تحرير أسعار الطاقة فى يوليو المقبل، والمضى قدما فى تدعيم قطاعات النمو المستدام ولا سيما فى تنمية الموارد البشرية والصناعة والزراعة.