جولدمان ساكس: ارتفاع برنت إلى 80 دولارا للبرميل بنهاية العام قبل معاودته الانخفاض إلى 60 دولارا فى غضون عامين تشير معظم توقعات المحللين إلى انخفاض أسعار النفط على المدى القريب وذلك على الرغم من بدء سريان العقوبات الأمريكية على إيران وما سيترتب عليه من انخفاض إمدادات الخام.وواقع الأمر أن سوق النفط العالمى يواجه عدة مخاطر ستحدد مدى تذبذب الأسعار وربما ارتفاعها على المدى الطويل. ألقت تهديدات ترامب بفرض عقوبات جديدة على إيران بظلالها على أسعار الخام حتى قبل بدء سريانها، والخوف من مجرد انخفاض الإمدادات دفع بأسعار النفط فى الأسواق العالمية إلى نحو 87 دولارا للبرميل فى أكتوبر -وهو أعلى مستوى فى أربع سنوات- قبل انخفاضها ليتراجع سعر برنت حاليا بنحو 16% عن اعلى مستوى له وكذلك نفط غرب تكساس 17% مقارنة بمطلع أكتوبر.
وهو الأمر الذى فسره محللون بأنه نتيجة لهبوط أسواق الأسهم وسط مخاوف بخصوص الاقتصاد العالمى والحرب التجارية ورفع أسعار الفائدة الأمريكية.
وفرة المعروض وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمى.. أبرز عوامل انخفاض الأسعار فى المستقبل
فى أحدث توقعاته لأسعار النفط قال بنك جولدمان ساكس إن سعر برنت سيرتفع مرة أخرى إلى 80 دولارا للبرميل بنهاية العام الجارى قبل انخفاضه إلى 60 دولارا فى غضون عامين بسبب وفرة المعروض وتباطؤ نمو الطلب. ويقول خبراء إن ما يهم حاليا هو مراقبة ما سيحدث بعد انتهاء مهلة الاستثناءات الممنوحة ضمن العقوبات الجديدة خلال 180 يوما. غير أن هناك عوامل أخرى لا تقل أهمية عن «إيران والعقوبات المفروضة عليها» مثل إنتاج فنزويلا وليبيا ومدى التزام السعودية وروسيا بزادة الإنتاج ولا سيما وسط توقعات بأن أوبك قد تدرس خفض إنتاجها خلال اجتماع شهر ديسمبر، هذا بالإضافة إلى حلول موسم الأعاصير وزيادة الطلب فى موسم الشتاء. زيادة المعروض العالمى فى مقدمة العوامل المؤثرة فى أسعار النفط يأتى ميزان العرض والطلب. وفيما يتعلق بجانب العرض، من المتوقع زيادة المعروض العالمى بنحو2.5 مليون برميل يوميا فى 2019.
وهنا يوضح خبراء «رابيدان انرجى جروب» أن «تسونامى» إمدادات النفط خلال الأشهر الستة الماضية سيتراكم للعام المقبل، حيث ارتفع إنتاج أكبر ثلاثة منتجين للخام، السعودية وروسياوالولاياتالمتحدة، كما تعهدت الإدارة الأمريكية بالعمل مع منتجى النفط فى جميع أنحاء العالم لزيادة إمداداتهم خلال الفترة القادمة.
وارتفعت مخزونات النفط الأمريكى للشهر السادس على التوالى فى أكتوبر بنحو 3.2 مليون برميل بالإضافة إلى بلوغ الإنتاج فى روسيا 11.41 مليون برميل يوميا وهو أعلى مستوى منذ انهيار الاتحاد السوفيتى فى عام 1991.
وفى الوقت نفسه، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط فى 2018 و2019. وكذلك بنك جولدمان ساكس يتوقع تباطؤ نمو الطلب العالمى على الخام إلى 1.45 مليون برميل يوميا بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى.
ويقول محللون إن الحرب التجارية ومشكلات الأسواق الناشئة بالإضافة إلى رفع الفائدة الأمريكية جميعها عوامل تعزز تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى ما يعنى انخفاض الطلب على النفط.
سجلت صادرات النفط الإيرانية هبوطا حادا منذ إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى منتصف العام أنه سيعيد فرض عقوبات على طهران ولكن الاستثناءات التى أعلنتها واشنطن ستتيح لثمانى دول مواصلة شراء بعض النفط الإيرانى لمدة 180 يوما على الاقل وهو ما يعنى أن الصادرات ستبدأ فى الانتعاش بعد نوفمبر.
وتظهر بيانات تجارية أن الدول الثمانى المستثناة من العقوبات، وهى الصينوالهند وكوريا الجنوبية واليابان وايطاليا واليونان وتايوان وتركيا، تشترى ما يصل إلى 75% من صادرات النفط الإيرانية المنقولة بحرا. وبحسب بات ثيكر المدير الاقليمى للشرق الاوسط وافريقيا فى وحدة ايكونوميست انتليجنس، فإنه، بسبب الضغوط التى مارستها واشنطن قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ، قد لا تتجاوز صادرات إيران فى نوفمبر ما بين 1 و 1.5 مليون برميل يوميا حسب تقديرات الصناعة، اى نحو ثلث أعلى مستوى للصادرات فى منتصف العام الحالى.
وانخفضت صادرات إيران من النفط بنحو مليون برميل يوميا منذ أن بلغت ذروتها فى يونيو، كما قام أكثر من 20 دولة بخفض وارداتها من النفط الإيرانى إلى الصفر.
ويرى محللون أن الولاياتالمتحدة تتحكم فى أسعار النفط بأشكال عديدة، سواء كان ذلك بضخ المزيد من الخام أو من خلال حروبها التجارية والاقتصادية. ومن هؤلاء رئيس وحدة السلع فى جولدمان ساكس الذى يرى أن ثورة النفط الصخرى ستصل بحجم إنتاج الولاياتالمتحدة إلى مستويات قياسية، وبحلول عام 2022 ستصبح أكبر مصدر للنفط وذلك بعد سبع سنوات فقط من رفع واشنطن حظر تصدير الخام.
ويتوقع أن يساهم النفط الأمريكى بنصيب الأسد من الإمدادات الإضافية لسوق الخام العالمى فى 2019 والمقدرة بنحو 2.5 مليون برميل يوميا. فبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية سيرتفع إنتاج الولاياتالمتحدة بمليون برميل يوميا أو بنسبة 10% فى 2019 ليصل إلى 11.8 مليون برميل يوميا، ما سيجعل منها أكبر منتج للنفط فى العالم.
الاتفاق النووى الجديد:
يراهن دونالد ترامب على الأضرار الكبيرة التى ستلحقها العقوبات الأمريكية الجديدة على طهران بالاقتصاد الإيرانى، ويأمل فى تركيع الإيرانيين وعودتهم مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات -أو كما يطمح كثير من مستشاريه فى ثورة الشعب الإيرانى وتغيره للنظام الحاكم بآخر أكثر حكمة واعتدالا.
ونظرا لضعف فرص استئناف المفاوضات مرة أخرى حول اتفاق نووى جديد بين إيرانوالولاياتالمتحدة، فمن المرجح إذًا استمرار حالة عدم اليقين فى أسواق الخام، ولا سيما مع انتهاء مهلة الإعفاءات الممنوحة لعدد من الدول بشراء الخام الإيرانى. فعلى سبيل المثال، استثناء الصين من العقوبات الجديدة يسمح للصينيين بشراء 360 ألف برميل يوميا من النفط الإيرانى لمدة 180 يوما، وذلك مقارنة بوارداتها المقدرة بنحو 798 ألف و423 برميلا يوميا فى أغسطس الماضى قبل أن تقوم بكين بخفض مشترياتها من النفط الإيرانى فى سبتمبر استعدادا لبدء سريان العقوبات الجديدة.
ففى ظل صعوبة تحقيق هدف خفض صادرات النفط الإيرانى إلى مستوى الصفر ورفض ثلاثة من اكبر خمسة زبائن لإيران، الهندوالصين وتركيا، دعوة واشنطن لوقف المشتريات بشكل تام والخوف من حدوث قفزة فى الأسعار بما قد يلحق الضرر بالولاياتالمتحدة وحلفائها، منحت واشنطن إعفاءات محدودة لبعض عملاء النفط الإيرانى حتى تضخ روسيا والسعودية إمدادات إضافية فى العام المقبل، فى محاولة لتجنب إحداث خلل فى اقتصادها والأسواق العالمية.